fbpx
هدوء تصحبه عزلة !

فريدة أحمد

هدوء الشارع الجنوبي لا يفسره سوى شيء واحد فقط, سير القضية بوتيرة واحدة .. ففضلاً عن الإنجازات الشعبية المتواصلة, لا إنجازات سياسية تذكر, فهناك الكثير من الأنا و الشكوى والتذمر والتعاسة, وكلما كثر ذلك, فقدنا القضية شيئاً فشيئاً ومعها سنفقد هيبة الجنوب في أعيننا, عندها سيصبح كل ما يجري على أرضها هيّن .. بقاء الوضع بنفس الهيئة والوتيرة دون تجديد اعتماداً على الاحتفالات الموسمية الوطنية, وعزل أنفسنا عن أي تطورات سياسية واقتصادية في البلاد من شأنها التأثير على مصالح شعبنا, ونحن الذين اخترنا مؤخراً أن نعيش دور المراقب المظلوم الذي يرصد وينتحب, من الطبيعي أن يصيب ذلك الناس بالإحباط والملل, وبالتالي الإنكفاء على أنفسهم ثم الهدوء.

هنا نطرح عدة تساؤلات لمن يصفون أنفسهم بالقادة, هل حضرموت بمعزل عن الجنوب؟ ونحن نتابع صراع مراكز القوى على تربتها بغطاء (القاعدة), ومظاهر الانفلات الأمني المقصود لتهيئتها كـ مسرحاً جديداً لتصفية الحسابات بعد أبين, وهي تستخدمها كورقة ضغط على “جرعة هادي”, لتنهب من ثروات حضرموت وتجيَش أبناء المحافظات الشمالية ضدها نتيجة افتعال الجرائم الإرهابية على أراضيها؟. هل نجحت مراكز القوى في زعزعة اللحمة الجنوبية ليتحول شعارهم البليد (لايعنينا), من صنعاء إلى حضرموت مثلاً, أو أن العكس صحيح إذا ما بدأت دعوات مشروع الدولة الحضرمية تتحقق, خصوصاً وأننا قرأنا دعوات كثيرة بهذا الشأن من قيادات ونشطاء حضارم, حتى بعد أحداث الصراع الأخيرة من قتل للجنود الـ 14 على أراضيها .. إذن أين هي القيادة الجنوبية من كل هذا؟ انعزلوا عن أبين, عن الضالع, عن لحج, ثم انعزلوا عن حضرموت, وغداً ينعزلون عن كل الجنوب, لا يمكن أن نقول في هذه الحالة البائسة من عمرها, سوى أنها قيادة سقيمة تؤدي دور المراقب المحلي والدولي من بعيد, وكأن ما يجري على أرضها لا يعنيها فعلاً, وأكبر مبادرة يمكن أن تقدم عليها, هو إصدار كومة من البيانات التي تندد وتستنكر وتشجب.

أقل ما يمكن فعله شعبياً في الوقت الراهن, هو الخروج رفضاً لوجود الجماعات الإرهابية في مناطقهم, أخص منها حضرموت وأبين وشبوة, وهو بحد ذاته إعلان موقف من شأنه تنبيه الشباب وتوعيتهم بخطورة وجود هؤلاء الضلاليين من كل الأجناس بينهم, وهم يخترقون مجتمع مدني مسالم, ويزرعون في بواطنه أفكار إجرامية منحرفة على بعض المغرر منهم, فكل من يحتضن هذه الجماعات ويسهّل من تنقلاتها ويهيئ لها الأجواء, يرتكب جريمة أكبر من شناعة جرائمهم .. فإن لم توجد هناك دولة ولا قانون, فليوجده أبناء الجنوب لحماية أنفسهم وأبنائهم, متمثلاً في رفض التعامل مع أيً من هذه الجماعات التي نعلم جميعاً من يموّلها ومن يغذيها في الشمال والجنوب.

فلنعمل من أجل الجنوب المدني الحر الذي حلمنا به جميعاً, ولنرسّخ في ذواتنا أنه لا يمكن أن تتحقق عدالة القضية, إلاّ إذا آمنا بها أولاً وأخلصنا لها ثانياً .. ومتأكدة, وإن مرت الثورة في الجنوب بمرحلة من الخمول والبطئ, ستنهض من جديد وتستعيد روحها بإرادة أقوى وأكبر .. وكما قال أحمد مطر: إثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظة النائم: اللّص .. والحاكم !!