fbpx
خاصرة الجنوب

أبين خاصرة الجنوب العربي، هذا الوصف سمعته من الكاتب والمثقف الاخ العزيز عبدالقادر غرامة في أواخر الألفية الماضية حين وجدت ابين نفسها مقسمة بين المنتصرين للغزو والمنتصرين للجنوب في غزو 1994م، وهي حالة عاشتها شبوة ايضا كما هو الحال في غير محافظة جنوبية وان بدرجات متفاوته، وأظنه أتبعه بمثل يقول (اذا كان الألم في الخاصرة، انشلت قدرة الجسد).

 

ابين اليوم تنفض غبار التطرف وهي في طريق العودة إلى حضن الجنوب العربي بعد أن عاث فيها المفسدون كثيرا، وهم بقصد أو بدون قصد، يهدفون إلى تحقيق أطماع أعداء الجنوب في جعله وطنا غير صالح للعيش محررا من ربق الوحدة المغدورة التي ذاق فيها الجنوب كل أنواع المرارات من الحق في العيش الكريم إلى الحق في الحياة.

 

يستحق كل مواطن في أبين التهنئة، لكن اعذروني اذا اخترت نموذجا لاهنيه كتعبير عن ابين وهم قبيلة الكتاب والمثقفين، الذين هم أيضا كتاب ومثقفي الجنوب العربي، وساختار منهم الأخوة أحمد الربيزي وعلي حسين البجيري وفضل مبارك، ومن الكتاب الشباب، أحمد الدماني وفهد البرشاء، وأنا هنا لا انتقص من دور القادة العسكريين والسياسيين والوجاهات الاجتماعية، كما لا انتقص من بقية الأقلام التي حملت هم أبين، من ابين وكل الجنوب العربي، الحقيقة أن التهنئة مستحقة لكل مواطنة ومواطن في الجنوب العربي، من أقصاه إلى اقصاه.
كلنا يحمل هم .. وماذا بعد؟.. وقبل المحاولة على إجابة هذا السؤال دعونا نلقي نظرة سريعة على جغرافية ابين، فأبين هي محافظة تختزل الجنوب العربي تقريبا، ففيها التنوع المناخي من الحار الرطب في سواحلها التي تمتد إلى مسافة تراوح حول ال (200) كم متر، إلى الشديد البرودة في مكيراس ونواحيها، وهذا يؤهلها لأن تكون محافظة زراعية طوال السنة، وفي المنطقة الممتدة من نقطة العلم إلى ما بعد شقرة تمتاز بالسواحل الخلابة المهيأة (ربانيا) للسياحة البحرية، داخليا وخارجيا، كما تمتاز المنطقة الممتدة من شقرة إلى أحور بأنها مساقط السيول إلى البحر، وهذا النوع من المناطق يصلح لنمو أنواع نادرة وثمينة من الأحياء البحرية كتربية واستزراع، اما مناطق مرتفعات ابين، المنطقة الوسطى، لودر ومودية، فهي مناطق صالحة لزراعة اجود انواع الحمضيات وبكميات تجارية، حسب دراسة اعدها خبراء من اوروبا تم احضارهم بمبادرة من شباب ابين في فترة قريبة ماضية، هذا بخلاف المنتجات الزراعية التقليدية التي تجود بها ابين، ولا يتسع الحيز لذكر مجالات صناعية، كالاسمنت، وسياحية وغيرها، تصورها الأصدقاء الألمان وكنت حاضرا وشاهد عليها خلال تولي المهندس أحمد الميسري محافظة ابين.

 

ابين اليوم بحاجة إلى إستكمال السيطرة الأمنية وتثبيت الاستقرار وهذه المهمة ليست رهنا بأجهزة الأمن والجيش والسلطة المحلية فقط ولكنها مسؤولية كافة أفراد المجتمع، فلا يمكن لابين أن تنهض إلا بهمة كل ابناءها ويكفي ابين الثمن الذي دفعته منذ 1994م وما قبله بسبب أطماع وأحلام شخصية على حساب كل ابين وكل الجنوب، وعلينا أن نعلم أن الملائكة في السماء أما على الأرض فلا يوجد إلا الإنسان الخطاء.

 

على أبناء ابين أن يتجاوزوا ذهنية (كبش الفداء) وعلى رموز ابين أن يتعلموا فن تبادل الأدوار والعودة إلى الصف الثاني معززين مكرمين، ولنا عبرة في الضالع التي عاد فيها الأخوة صالح عبيد وشعفل عمر علي وصالح شائف وغيرهم، عادوا إلى الصفوف الخلفية ووضعوا خبرتهم بتصرف القيادات الشابة وتركوا المشهد للقائدين عيدروس وشلال اللذين لم يسلما من السهام المقصودة رغم ما حققاه من نتائج يلمسها الناس في وضع غاية في الصعوبة، ورغم أن حياتهما في خطر دائم.

 

لن يحل المشكلة، أيا كانت، استبدال الوجوه بعقلية (علي طلع علي نزل) ولم يوجد شخص يجمع عليه الناس بعد سيدنا محمد عليه وآله وصحبه أفضل الصلاة وأزكي التسليم، ولن يحقق أي وجه، مهما كان حجمه، أي إنجاز اذا لم تلتف حواه الناس وعينها على ابين كجزء أصيل ومؤثر في جغرافية الجنوب العربي، وفي المقابل، فأن على القائد أن يفتح الباب على مصراعيه لتقبل الرؤى وان يستفيد من كل الطاقات والخبرات والتخصصات، وأن (يعطي العيش لخبازيه) كما يقول المثل، وان يتقبل النقد بروح القائد، مهما كان النقد قاسيا، ولنتمثل قول الشاعر العربي..
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
اذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
فلو ألف بان خلفهم هادم كفى
فكيف ببان خلفه ألف هادم.؟.