fbpx
بين “الحامل السياسي” وعُقم ساسة الجنوب !!

بقلم / وهيب الحاجب
الفراغُ السياسي الذي يعيشه الجنوبيون في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة من تأريخ اليمن والجنوب يبشّرُ بشيخوخةٍ مبكرة بلغها الساعون لايجاد حامل سياسي لقضية الجنوب ؛ مما يشير إلى انسداد الأفق أمام أية تسوية سياسية أيٍّ كانت طبيعة هذه التسوية ودلالاتها .
وسِنُ اليأس الذي وصلت إليه قيادات الحراك الثوري في الداخل مضافاً إليه العُقم السياسي الذي أصيبت به القيادات التاريخية في الخارج وما بينهما من مشتبهات الشرعية  و”زباين التحالف” .. أوصلت الجنوب إلى مرحلة حرجة جدا جدا ، وأوشكت أن توصلَ القضيةَ إلى حالة أشبه بالموت السريري ، بعد سنوات عجاف من حالة الصرع والتخبّط والمسّ الشيطاني الذي لم نصحُ منه إلا على صرخات الحوثي وأزيز طائرات التحالف !!
فدعوة اللواء الزبيدي لايجاد حامل سياسي لقضية الجنوب كدعوات المخلوع علي عبدالله صالح الحراك الجنوبي لتشكيل حزب سياسي عند بدايات الحراك الأولى ، دعوة الزبيدي _لمجرد الدعوة_ ليست نصراً ولا حسما لقضية الجنوب وليست تحقيقاً لتوجهات الجنوبيين وتطلعاتهم نحو الاستقلال كما هللهنا وكبّرنا واعتقدنا ، بيد أنها تأتي في إطار الدعم اللوجستي لإيجاد الكيان السياسي الحامل للقضية ؛ فالرجلُ اليوم يمثّل شرعيةً يمنية وتحالفاً عربيا توجهاتهما تتقاطع تماما مع توجهات الجنوبيين ، لهذا طبيعي أن يكتفي الرجل بهذا النوع من الدعم وعلى عاتق النُخَب الجنوبية والمكونات الثورية تقع مسؤوليةُ استكمال الباقي ، لكن للأسف شهور من الدعوة ومازالت النخب تراوح بين لجنة تنسيقية ولجنة تواصل وصلاحيات كل منهما رغم أن اللجنتين شُكلتا لغرض واحد ، في إشارة واضحة إلى عودة “العصد والعجين” إلى واجهة “الحامل السياسي” فيعود الصرع والتخبط ومعه يعود زمن تفريخ المكونات ويغيب الحامل المنشود الذي دعاء اللواء الزبيدي .
هناك أفكار جيدة طُرحت بشأن استغلال الوضع الراهن لتغلغل الجنوبيين “الحراكيين” داخل مفاصل الشرعية اليمنية والعمل على خلق دولة داخل الدولة وإعادة بناء المؤسسات ورسم ملامح دولة جنوبية تستطيع استيعاب أي استحقاقات تتجه نحو الاستقلال بأية طريقة كانت ، لكن يبدو أن الشماليين وسلطتهم فطنوا اللعبة تماما ودأبوا على تدمير ما تبقى من مؤسسات الجنوب وتعطيل المؤسسات الخدمية كالكهرباء والمياة والتعليم وافتعال الأزمات التي أدت إلى انتشار الوباء وبمساعدة غير مباشرة من القصور في أداء السلطات المحلية طبعا .
الوضع في الجنوب وضع كارثي بما تعنيه الكلمة ولم يعد يحتمل أكثر ، انقطاع شبه كلي للكهرباء وطفح مجاري وعجز السلطات عن دفع المرتبات .. كلها ظروف انتجت هذا الوضع المؤلم ، ولا شك أن هذه الأزمات التي أرهقت كاهل المواطن بالجنوب مفتعلةٌ بعناية وبحنكة وخُبث ضمن مشروع سياسي شمالي يستهدف ضرب توجهات الجنوبيين في مقتل ووأدها في مهدها سعياً إلى إفشال السلطات المحلية التي يعتقد ساسة الشمال وإصلاحيية أن نجاحها هو نجاح لمشروع الاستقلال عينه وذاته ونفسه .
إزاء هذا الوضع الخطير الذي يمس حياة المواطن وسكينته تقع مسؤولية أخلاقية وإنسانية على عاتق ساسة الجنوب ونخبه بما فيها من “ديناصورات وأصنام” ، وتتمثل هذه المسؤولية في التعجيل بإشهار “الحامل السياسي” لقطع تحرشات الشماليين وأحزاب الشرعية في افتعال الأزمات وإرهاق المواطن ؛ لأن إخراج هذه الحامل إلى النور من شأنه أن يقطع دابر الساعين لوأده بافتعال الأزمات وتعطيل الخدمات ، نعم .. أيها الساسة الجنوبيون أنتم اليوم معنيون ومسؤولون عن هذا الوضع الكارثي فعجلوا بـ”حاملكم” للضغط على سلطات الشرعية اليمنية لتوفير الخدمات وصرف المرتبات ، بعدها أرونا شطاركم وأتوا لنا بالاستقلال ، أما أن تظلوا لا ذا ولا ذا ولا ذيه فتلك وصمة عار على جباهكم !!