fbpx
الحياة كتاب والبشر كلماته

العالم كتاب مهمل عند فئام من البشر، تحفة ومظهر وطبعة منقحة عند آخرين، ولغز يتطلب فكرا ومعركة ذهنية وعملية عند القليل.
يخطأ كثير من القراء فيهتم بحجم الأحرف وسماكة الورق ونوع الطبعة، ويتجاهل ذلك الإعصار المدوي من حركة التغير والتبدل وعوالم لا آخر لها من مضامين وأفكار هذا الكتاب.
قيمة الإنسان ليس في المساحة التي تحيط به، أو في الأمتار التي يسرح فيها، ولكنه في مساحة عقله وفكره في الفهم والرصد والتحليل وبناء مواقف وقناعات مرتبطة بمستوى الفكر والعقل المستقاه من ذلك الكتاب.


خلق الله العالم بكلمة، وطالب البشرية القراءة بكلمة، وبين ان كل شيء تم كتابته في كتاب وعبر عنه بكلمة، وبين ان اول شيء تم خلقه ليس هو الإنسان ولا الملك ولكنه القلم، لأنه أداة الكتاب الاولى، واللسان المعبر عن محتوى الكتاب بفصوله الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل.


واذا كان اول شيء خلقه الله القلم فأول كلمة من مشكاة الوحي هي ( اقرأ ) فقبل ان تفكر اقرأ، وقبل ان تعمل اقرأ، فالقراءة هي كنترول السيطرة من خلالها يتم استجلاب فصول الكتاب القديمة ومراجعتها وفهمها، وبها يتم رسم آفاق المستقبل وتطلعاته.
يكبر الفيل الإنسان بأضعاف وينتهي به المطاف مثل الإنسان تراب، وعند التحقيق فكلاهما سواء، وما يمز البشر مستوى الفكر والاداراك لمحتوى ذلك الكتاب.


جمال الملائكة وعظمتها، وصحة عبادتها وتقواها لم تكن بمستوى ( وعلم آدم الأسماء كلها..) فقابيلة التعلم والبحث عن المجهول خاصية مطلقة لهذا المخلوق .


فالعالم هو بشر وفلك وأحداث متوالية وعلوم وفهوم، والعنصر الفاعل في العالم هو ذلك الإنسان، وكل ما في الكون خاضع ومذلل للبشر، فهو كلمة السر، ومفتاح الكون، وخليفة الرب في عمران الكون، وإقامة العدل فيه.


لغة الكتاب تتطلب ادراكا وفهما، وبصر وبصيرة ، فبين الجهل والعلم والحقيقة والزيف وقفت البشرية في معركة فكرية امام صفحات هذا الكتاب، انبهر جزء من العالم بزخرف الطبعة واهملوا تلك الكلمات الرائعة والحروف المعبرة واعماهم الزيف عن فتح الكتاب عميت البصيرة بهول البصر ، واصبح المعلوم هو المحيط بمستوى رؤية العين وكانت النتيجة ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)


فالحياة كتاب الكل قاريء فيها ومقروء، حدث ومحدث، والكل قصة قصيرة مختزلة في اسطر مختصرة تحت فصل كبير من عالم البشر.
أفكار الكتاب ومضامينة هي العمق الحقيقي لحقيقية وجود هذا الكتاب، ولذا يتحول البشر ترابا، والديار خواء، وتبقى ذكريات زمن غابر، هي أفعال ذلك المخلوق المسمى إنسان، (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم) فصفحات الكتاب الأولى واضحة وبينه، ونحن لازلنا مدادا في محابر سوف نستكمل بقية فصول هذا الكتاب.


فالمعركة الحقيقية معركة العلم، والميدان الفعلي ميدان الفكر، والسلاح الفعال القلم والكتاب ، وأي معركة أو ميدان تخوضه البشرية غير ذلك فهي تتفنن في تسويد ذاتها واسطرها بحروف رديئة وافكار هابطة.

 


د.عبدالمجيد العمري