fbpx
العقوبة الدولية الذراع السياسي للتمادي

العقوبات الدولية وكما يعرفها القانون هي جزاءات أو طرق أخرى من طرق الإجبار وتستعمل لكي توفر الحوافز لإقامة القانون أو مجموعة اللوائح للعقوبات الدولية.. وعلى غرار إصدار لجنة العقوبات الدولية تقرير تضمن ادلة عن تورط نجل المخلوع صالح في غسيل أموال وتؤكد إكتشاف تحويلات مالية مشبوهة ترتبط بشركات يستخدمها نجل صالح.. نستنتج أن ظاهرة العقوبات الدولية أصبحت أداة من أدوات السياسة الخارجية للدول ــ خصوصاً الدول الكبرى ــ وذلك من خلال العقوبات الفردية أو تلك التي تفرض من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

ويعرف قاموس أكسفورد العقوبات بأنها عقوبة تهديدية لمن يخالف ولا يطيع القانون أو أيا من قواعده وهو إجراء يتخذ من قبل دولة (أو عدة دول) لإجبار دولة أخرى على الالتزام باتفاق دولي أو الالتزام بسلوكيات العرف وعلى وجه الخصوص تلك الجزاءات التي تطبق في مجال التجارة أو تلك التي تخص الحرمان من المشاركة في أحداث رياضية عالمية.

 

عادة ما تكون العقوبات الدولية إجراء تتخذه دولة أو عدة دول لأسباب سياسية بشكل جماعي أو فردي. هناك العديد من فئات العقوبات الدولية وأشكالها فمنها العقوبات الدبلوماسية وهي التي تتمثل في فتح العلاقات بين الدول أو إنقاص درجة التمثيل..وكذلك هنالك العقوبات الحربية على هيئة التدخل الحربي أما الفئة الثالثة هي العقوبات الرياضية والتي قد تمنع دولة وفرقها الرياضية من المشاركة أو المنافسة في حدث دولي. والنوع الأخير من العقوبات الدولية هي العقوبات الاقتصادية والتي قد تكون على هيئة حظر على التجارة وقد تشمل حظر أنواع معينة من الأسلحة أو الطعام أو الأدوية أو المواد الخام.. وبالطبع فإن المجتمع الدولي وكذلك الدولة التي تسعى إلى فرض العقوبة من خلال الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وكذلك من خلال الاتحاد الأوربي عادة ما تكون لأسباب مختلفة أو غاية تهدف لعقوبة دولة من الدول من قبل مجموعة من الدول على حد سواء…

ونجد هنالك عقوبات دولية وتطبق بغرض التعاون والالتزام بقواعد القانون الدولي وكذلك نجد أن بعض العقوبات الدولية تطبق بهدف احتواء وإبطال أي تهديد للسلام في منطقة إقليمية معينة.. ولعلنا نقول هنا كافة العقوبات الدولية والتي تصدر هي من اختصاص مجلس الأمن.

 

أما الفئة الثالثة من العقوبات الدولية هي تلك التي تتعلق بإدانة مجلس الأمن لأحداث ذات سياسة معينة لدولة عضو في الأمم المتحدة وحتى تلك الدول التي ليست عضوا. الجدير بالذكر هنا أن فئات العقوبات الثلاث السابقة الذكر وغيرها من العقوبات التي تطبق ضد دولة أو عدة دول كعقوبات دولية لا يمكن أن نستنتج أسباب التصويت من قبل تلك الدول على هذه العقوبات ونقول هل كافة الدول لديها نفس القناعة السياسية أم لأسباب أخرى… ولا بد لي من الإشارة هنا إلى بعض المصادر التي استندت إليها لبعض المعلومات الكاشفة والتاريخية والتعريفية عن العقوبات الدولية ومنها كتاب هل يتعين على العقوبات أن تعمل سياسات ونشوء وتطبيق العقوبات من خلال الأمم المتحدة للكاتبين شيسترمان وبولينجي وكذلك بحث العقوبات غير القسرية في ميثاق الأمم المتحدة للمؤلف كونفورتي نشر في جورنال أوربا للقانون الدولي عام 1991.سيصل الجميع  إلى نفس الاستنتاج من أن العقوبات الدولية أضحت أحد أذرع تنفيذ السياسات الخارجية للعديد من الدول وخصوصاً الدول الكبرى كبديل عن الدخول في النزاعات المسلحة.

 

من أبرز العقوبات الاقتصادية هي تلك التي طبقت تجاه روسيا الاتحادية من قبل أمريكا والاتحاد الأوربي والتي تعد من أهم مراحل تطبيق الجزاءات الدولية والتي تثبت لنا وللعالم من أننا نعيش الآن في عصر متغير غير ما سبق… وبعودة سريعة إلى تاريخ القرن الماضي ان أحداث التاريخ تعيد نفسها وتتكرر فإن ضم القرم إلى روسيا في أوربا يعيد إلى الأذهان تاريخ دخول ألمانيا خلال حكم هتلر للعديد من دول أوربا وكان دخوله إلى بولندا وغزوها الشعلة التي أشعلت الحرب العالمية الثانية وربما تكون آلية الضم هنا تختلف ففي حالة المانيا تجاه بولندا كانت من خلال الغزو العسكري وأما في حالة القرم وروسيا الاتحادية استعمال السياسة القوة الناعمة الداعمة بالقوات المسلحة الروسية وبالطبع حتما أشير إلى الأحداث لا الأشخاص وكانت العقوبات الاقتصادية وغيرها وكذلك العسكرية كانت ــ منع تصدير السلاح لروسيا ــ وخصوصاً إيقاف صفقة الغواصات الفرنسية لروسيا… المزاج العالمي السياسي قد تغير من التصادم والنزاع المسلح الفوري تجاه الأحداث الكبرى بما فيها الحروب الناشبة في أكثر من قطر عربي . وكذلك سبق أن فرضت الأمم المتحدة عقوبات من قبل مجلس الأمن تمثل في قراره رقم 1267 في عام 1999 ضد تنظيم القاعدة الإرهابي وطالبان وكان الهدف الأساسي من تلك العقوبات هو قائمة أعدت بأسماء أشخاص في شتى قطاع العالم ذات الصلة والتي كان يتعين على بنوك العالم والدول الاقتصادية في الأمم المتحدة تجميد حساباتهم وغيرها من الأمور المالية… العقوبات الدولية بأنواعها

 

إن فعالية تلك العقوبات ليست بالدرجة التي يمكن أن يتصورها البعض وتظل فعاليتها محدودة وإن كان ذلك لا يمنع من تأثر اقتصاديات الدول أو الأشخاص المستهدفة من العقوبة اللهم إلا إذا فرض حصار بحري وجوي على تلك الدولة ففي هذه الحالة نعتقد أن ذلك الحصار سيؤتي ثماره بعد عدة شهور نحو هدف العقوبة…ان آلية فرض العقوبات الاقتصادية وغيرها من العقوبات ستكون بل هما الآن أهم أذرع السياسات الخارجية للدول عوضاً عن الدخول في نزاعات مسلحة كما كان يحدث في القرن الماضي.

وكذلك ستكون آلية الحوار والتفاوض من أهم أدوات حل النزاعات الدولية وبالطبع لكل قاعدة استثناء… إن بعض الدول أو الجهات الخارجة عن النظام والقانون كجماعة الحوثي والرئيس السابق صالح  التي كان لهما العبث الأكبر في إحتضان  دعاة الخراب والدمار وتأجيج الإحتقان والصراع المستمر اليوم وهما في صف الإنقلاب وعلى رأسه يتم التمايل واللعب على وتر قررات خلت عبر أرصدة مالية هائلة تستطيع بطريقة أو بأخرى التحايل على العقوبات الصادرة مؤخرا عن لجنة العقوبات الدولية والتقليل من تأثيرها وفعاليتها إذا ما ظل التهرب منها أمر حتمي يلوذ أصحابها إلى مخابئ أكثر أمانا وثراء . فهل ستكون العقوبات صادقة وفعلية ؟ أم أنها عبارة عن قررات تشجيعية تعيد إنتاج قوة موازية لشرعية الرئيس منصور وإطالة أمد الحرب التي تتأرجح بين مقاوم، ومقاول ،وأمانة وخيانة، وشرف وإستبسال، وبطولات كرتونية تصنع نصرا مزيفا.