fbpx
الجنوب ينادي وعدن تستدعي الأعشى

 ودع هريرة إن الركب مرتحل   وهل تطيق وداعاً أيه الرجل ؟

هذا مطلع معلقة الأعشى ( ميمون بن قيس ) يحث نفسه لوداع هريرة عندما علم  ساعة رحيلها , لكنه من شدة الوجد  أستدرك  يساءل نفسه , وهل تطيق وداعا أيه الرجل ؟ .

فهو المغرم بحبها وهي المغرمة بغيره المغرم بغيرها الذي هو الآخر تحبه أخرى يحبها أبن عمها حد الموت لا يصحا إلا عند سماع صوتها  , وهو كذلك إي الأعشى تحبه أخرى لا تلاؤمه كما صرح بذلك .

 فكانت هذه الخلطة لحب المتناقضات التي وهو ( صناجة العرب ) المجيد أتقن حبكتها في هذه الأبيات التي تحاكي حال شعب الجنوب وقضيته مع التحالف الذي أحبه, وكذلك حال بقية الأطراف المتناقضة , من شرعية وحواشيها الفاسدة , المنقسمة قواها والمتفرقة قلوبها , فتلك الجاثمة في بحبوحة مأرب التي يغدق عليها التحالف المعلق بحبها , قلبها وهواها معلق بالحبيب الأولي  المعلق بحب المجوسية بنت جده المجوسي , ومثلهم الملتزمة مسعدة المعلقة  بعقد مسيار مع عفاش المعلق بحب الشيطان .

 فإلى الأعشى في هذه الأبيات التي تحاكي واقع الحال بالنسبة لشعب الجنوب وقضيته وسط هذه المعمعة  الوعرة المسالك والمعتمة الرؤية بالنسبة لأعشى مثلي  :

 عُـلّـقْـتُـهَـا عَـرَضـاً ، وَعُـلِّـقَـتْ رَجُــلاً        غـيـرِي، وَعُـلِّقَ أُخـرَى غَيرَهَا الرَّجُلُ

وَعُــلِّــقَــتْــهُ فَــتَــاةٌ مَـا يُــحَـــاوِلُـــهَــا        مــن أهــلــهــا مَــيّــتٌ يهـذي بِهَا وَهِلُ

وَعُـلِّـقَـتْـنِـي أُخَـيْــرَى مَـا تُــلائِـمُــنِـي        فـــاجــتَـمَـعَ الـحُــبّ حُــبّ كُــلُّــهُ تَــبِلُ

فَـكُـلّـنَـا مُـغْـرَمٌ يَــهْــذِي بِــصَــاحِــبِــهِ       نَـــاءٍ وَدَانٍ ، وَمَــحْــبُــولٌ وَمُــحْــتَــبل

أثبت الجنوبي صدق مواقفه وحبه للتحالف العربي وقيادته   وهو يرد الجميل بمهر باهظ لم يسبق أن قدمه محب عبر التاريخ , قوافل من الشهداء وأنهار من الدماء , ورغم ذلك من أحببناهم بصدق وأخلصنا لهم النيات , لا زالوا مشغولين عنا ومتعلقين بمن هو متعلق بغيرهم .

فما تعيشه المحافظات الجنوبية التي حررها أبنائها من الغزو المجوسي بإسناد التحالف العربي الحبيب , شيء لا يصدق ويبعث سلسلة طويلة من التساؤلات الممتدة من حمم بركان عدن إلى لهيب الصحراء , أسئلة تتجاوز كل الحواجز كاسره لكل زجاج وخارقة لكل جدار مهما كانت سواتره وحصونه وضباب بطانته , حتى تصل إلى قمة هرم من يهمهم الأمر , رسالة عاجلة تلبي نداء هام ومجلجل .

إلى من أوفيناهم رد الجميل فداءً  بفلذات أكبادنا ( ليس في عدن فهذه أمنا تستحق منا كل فداء  ) ولكن كذلك أبناء الجنوب يذودون مع قوات التحالف العربي وتحت قيادته جنباً إلى جنب وكل يوم  يضحون بخيرة شبابهم وأنبل قادتهم  لتحرير المحافظات اليمنية رافعين رايات النصر في ذباب والمخا وعلى مشارف الحديدة وفي البقع , وفتحت لهم اليوم أبواب معسكر خالد بن الوليد أكبر معسكرات دولة المخلوع على الإطلاق , والذي منه أنطلق عفاش ليمتطي شعب أحمد المغلوب على رأسه .

وعلى كل شبر تتقدم قوات التحالف ,  المجاهد الجنوبي هو من يتقدم ملاحم النصر , حقائق يسطر مجدها على الأرض في كل الجبهات ,  انتصارات يكتبها بدمه لا تحتاج إلى بيان أو برهان بل مشاهد بث حي مباشر يشهده العالم بأسره .

ورغم كل ذلك لازال وضع الجنوب معلق , بل مركون في زاوية ضبابية لا تصل إليها عيون قيادة التحالف سواء في جبهات المجد والفداء , أو في واقع الحال المزري في المحافظات المحررة .

وهذه عدن التي أنجزت وعدها كأول مدينة عربية تتصدى للمد المجوسي الذي داسه أبنائها وحول حلم المجوس إلى وهم , في ملحمة تاريخية اختلطت فيها دماء العروبة  و تضافر فيها مدد قوات التحالف مع صمود أبناء الجنوب الأسطوري حتى رفعت رايات النصر المؤزر .

لكن ما تعيشه اليوم مدينة عدن من أوضاع مزرية لم تعشها حتى في خضم أيام الغزو المستعرة يبعث ألف تساؤل جنوبي محير !!! .

مؤامرات متواترة على مقاومتها الباسلة و قيادتها المناضلة , وتدمير متعمد لبنيتها التحتية , وخذلان مبين من رموز الشرعية يصل إلى حد التنكر لعدن التي آوتهم مشردين هاربين , وأصبحوا اليوم حكام متسلطين فاسدين .

فإلى من يهمه الأمر عاجلا لا آجلا :

عدن اليوم ما قبل البركان الذي إذا أنفجر فناره حتما سوف تسوق الجميع على المحشر الذي نتمنى أن لا يتقدم أوانه .

خذوا وضع  الكهرباء المتهالكة مثالاً صارخ في صيف ملتهب ورطوبة تسيًل الدم مع العرق , حتى من منظور إنساني لجار على أبواب شهر كريم , لا يصدق أن يغض التحالف العربي وقيادته , ما وصل إليه معانات أهل عدن والجنوب ؟ .