fbpx
الجنوبي (الناقص)

كان صالح وزبانيته يصفون ابناء الجنوب بانهم ليسوا الا هنود وصومال وعليهم الرحيل وترك الجنوب، كانوا يقولون ذلك على مسمع من جنوبيين شركاء لعفاش في السلطة، بعضهم كان يبتسم ابتسامة بلهاء وبعضهم كان يمتعض ويعجز في التعبير عن امتعاضه، لم تكن هذه الهستيريا القادمة من ثقافة ان الجنوبي ناقص منذ ما قبل مقولة (اليافعي رطل والزيدي وقية) تهم اي جنوبي لاننا نعرف من نحن، لكن ان يقال ان علينا الذهاب الى ايران اذا رفضنا العودة الى بيت الطاعه في باب اليمن او ان من خرجوا في فعالية 21 مايو ليسوا الا عبيد فالامر يختلف، ليس لانها وردت على لسان شخصيات جنوبية، الرئيس هادي والوزير في حكومة (احمد صيف بارد) المهندس احمد الميسري وانما لاننا وهم وكل جنوبي كنا ولا زلنا في مواجهة خصم يريد ترحيلهم بحرا الى جبوتي، قالها على رؤوس الاشهاد، لكنا نحسن الظن بالرئيس والوزير ولا نقول ان اي منهما يعترف ان الجنوبي ناقص.

يوم قال المهندس احمد الميسري على احدى القنوات الفضائية (ان على السقاف ان يسلم الامن المركزي ويخرج والا سنخرجه سحب) لم يكن الرئيس هادي يحتكم على مجرد كتيبة ناهيك عن اكثر لكن السقاف خرج من عدن تهريب بواسطة جنوبيين، وحين كان الميسري من عدن يجادل محمد البخيتي من صنعاء على الهواء عبر احدى القنوات الفضائية قال الميسري ردا على سؤال المذيع عن مصير المواجهات في تخوم عدن مع الغزاة الجدد.. قال (الحل هو ان يصفونا او نصفيهم) كان ذلك قبيل تدخل التحالف العربي في الحرب، ولا زالت الابتسامة الساخرة التي عقب بها محمد البخيتي على كلام الميسري مطبوعة في الذاكرة حتى اللحظة.. ذكرت للاخ احمد الميسري هاتين الواقعتين ذات لقاء وقلت له ضاحكا..(اريد ان اسمع منك الثالثة وهي ان الجنوب قادم .. فقال (فعلا..الجنوب قادم).

عندما انقضت لجان ابين الشعبية التي تشكلت بمبادرة شعبية لمواجهة المتطرفين هناك وتم استدعائهم الى عدن من قبل اللواء ناصر منصور هادي.. العم ناصر.. (رحمة الله عليه اسيرا او شهيد) عندما انقضت على معسكر الامن المركزي في الصولبان بمعية ابناء عدن البواسل الذين يمثلون كل الطيف الجنوبي بمصاحبة عدد من المقاتلين مع دبابتين او ثلاث(نواة القوة القتالية الجنوبية التي شكلها ويقودها حين ذاك عطر الذكر شيخ الشهداء اللواء علي ناصر هادي (قائد المنطقة العسكرية الرابعة الذي عينه الرئيس هادي) .. كان هذا الانقضاض في عدن يتردد صداه في الضالع لمواجهة قوات ضبعان كما تردد الصدى في ابين وفي شبوة ولحج، كانت الاستعدادات للمواجهة في كل ربوع الجنوب تجري على قدم وساق.. لم يكن احد ينتظر التعليمات للدفاع عن الارض والعرض، وهكذا تحول كل الجنوب الى بركان جعل الوية صالح ال(56) لواء تتبخر خلال اسابيع .. هذا هو الانسان الجنوبي الناقص في نظر أدعياء الكمال.

المجتمع في العربية اليمنية عصي على التحديث والدولة المدنية، هذا ليس انتقاصا او اسائه فربما هي طريقة حياة يؤمنون بها ويقدسونها، فعندما اعلن الحراك الجنوبي انضمامه الى ثورة شارع الستين الشمالي قيل لنا ان الظلم الذي اصاب الجنوب واليمن سببه صالح وان رحيل صالح سينهي الامر واعترفوا بحق الجنوبيين في الاختيار بين الوحدة او الاستقلال وفي مقدمة من قالوا ذلك كان انصار الله، لكن ما الذي حدث بعد ذلك، رحلوا هم وبقي عفاش الذي تحالف مع الحوثي الذي قال ان الشمال حقه وانه سيقاتل في الجنوب حتى اخر رجل.. يا جماعة.. عفاش قال سيرحلكم الى جبوتي والحوثي قال سيقاتلكم حتى اخر رجل.. هل وصلت الرسالة ام بعد؟.
ما علينا.. نعود لموضوعنا.. لبس قادة صالح ثوب الثورة واعادوا انتاج انفسهم كنظام ثورى، ثم لبسوا ثوب مقاومة الانقلاب وانضم لهم عدد اخر من جماعة صالح شكل منهم هادي حكومة عجزت حتى عن تشغيل (ماطور كهرباء) في عدن العاصمة المفترضة..

لا يوجد جنوبي ينكر حق جوارنا الاقليمي في امنه الذي نحن جزاءا منه وشركاء فيه فالجنوب جزء من التحالف في ظل شرعية الرئيس هادي لكن ذلك لا يلغي حق الجنوب في الاستقلال الذي اعلنه هدفا منذ انطلاق الحراك الجنوبي في 2007 وسقط في سبيله شهداء وجرحى .. فالتخلي هذا الهدف يمثل خيانة لدماء شهداء وجرحى الجنوب العربي.

لا احد فينا يعرف الذهنية التي تسير الامور في العربية اليمنية اكثر من الرئيس هادي وهو الاقدر على قياس كيفية التعامل معها لكننا نذكر فخامته بان الجنوب ليس البيض ولا الجفري ولا ناصر ولا العطاس ولا بحاح ولا رئاسة المجلس الانتقالي ولا حتى الرئيس هادي، فكل هؤلاء لهم عمر افتراضي والجنوب باق، كما ان قضية الجنوب ليست رهنا بموظف عين او اقيل.. الجنوب يمثله شعبه الحي الذي يملك الحق في الحرية والعيش بكرامة في وطن يحكمه القانون ولا شيء غير القانون.

عود على بدء .. ليس من النبل الفجر في الخصومة في حالة تباين الرؤى فالشراكة في الوطن والمصير تلزمنا ان نحافظ على (شعرة معاوية) التي سنحتاجها يوما لا نظنه بعيدا..