fbpx
القوى السياسية اليمنية في ميزان عاصفة الحزم ” تقرير “
شارك الخبر

 

ثلاث سنوات على انطلاق عاصفة الحزم والتي أطلقها التحالف العربي لدعم الشرعية، انتصارات كبيرة وضع الجنوبيين بصمتهم عليها، في دحرت مليشيات الإنقلاب وأفشلت مشروعها الإيراني، وبالمقابل انتصارات موازية على التنظيمات المتطرفة، هذه الإنتصارات أوجدت واقع جديد، وأسست لتحالفات حديثة، صعدت فيها قوى وتراجعت فيها قوى على مختلف الأصعدة ومنها الصعيد السياسي الذي نحن بصدد الحديث عليه.

وضمن التغطية التي خصصتها صحيفة “يافع نيوز لتسليط الضوء على حدث بارز وهام يتمثل بذكرى عاصفة الحزم، يستعرض التقرير التحليلي وضع القوى السياسية في ظل عاصفة الحزم، وكيف أصبح حضورها على المشهد السياسي بعد مرور ثلاثة أعوام منذ انطلاق عاصفة الحزم، والبداية ستكون من الجنوب.

يافع نيوز –  فتاح المحرمي

وخلال ثلاث سنوات من عاصفة الحزم تكونت وحدات عسكرية وأمنية جنوبية مدربة ومسلحة ومنظمة بدعم من دول التحالف وخاصة الإمارات، وكانت داعم قوى لحضور القضية الجنوبية عربيا وعالمياً سيما وهذه القوى تشكل الجناح العسكري للمسار الجنوبي السياسي، ونجحت تلك القوى العسكرية والأمنية من بسط السيطرة على الأرض وفرض نفسها بما حققته من إنتصارات على الإرهاب وإفشال البديل الذي وضعته قوى الحرب الانقلابية في صنعاء وأدواتها في الجنوب والمتمثل باستخدام الجماعات الإرهابية وحرب الخدمات ونشر الفوضى.

 

*ظهور الجنوب على المشهد السياسي وبقوة

إنتصار الجنوبيين لعاصفة الحزم، أوجد شراكة حقيقية مع التحالف العربي وقوى حضورها على مختلف الأصعدة ومنها الصعيد السياسي، في حين تراجع حضور كثير من القوى، وعلى الرغم الحضور الجنوبي إلى أنه لم يكتمل ويظهر إقليميا ودوليا إلى بعد، الإعلان عن محطات جنوبية مختلفة انطلقت من إعلان عدن التاريخي وصولاً لتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي وبناء هيكله التنظيمي ومقوماته ليكون ممثل للجنوبيين وقضيتهم العادلة.

وصعدت قضية الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حظي بدعم شعبي وسياسي غير مسبوق، نقل القضية نقلة نوعية، لتحقق حضوراً إقليمياً ودولياً، أكدت عليها إفادات المبعوث ألأممي السابق لمجلس الأمن الدولي، وبات من أبرز القوى التي تصدرت المشهد السياسي ونالت ثقة الإقليم، وتعاطى مع المجتمع الدولي بإيجابية كبيرة.

تشكل ملامح الجنوب القادم

واستطاع المجلس الانتقالي من إيجاد لغة مشتركة مع التحالف العربي عززتها وتعززها الثقة والمصداقية في الميدان منذ انطلاق عاصفة الحزم، وبعد أن استفحل الفساد في حكومة الشرعية وبدأت أطراف محسوبة على الشرعية بمحاربة المجلس، أقدم المجلس على خطوات تصعيدية ضد الحكومة، فيها ترجحت كفته وتبين من خلالها حقيقة هشاشة الشرعية، وبالتالي عزز حضوره مجدداً وبشكل أقوى.

وبقدر ما تمثله خطوات المجلس الانتقالي على الأرض وتنسيقه مع القوات الجنوبية، من تقدم وإظهار للقضية الجنوبية وتمثيلها خير تمثيل، فإن هناك العديد من العوائق التي تضعها قوى معادية في طريقه، إلى أن تلك القوى ومهما كان عملها العدائي فإنها سوف تتبخر أمام ثبات المجلس واستكمال تعزيز جبهته الداخلية وتدعيم البناء المؤسسي والتنظيمي لكافة اجنحته، والوقوف إلى جانب المواطن الذي بات ينظر فيه تشكل لملامح الجنوب القادم.

فشل الشرعية يضعفها سياسياً

ثلاث سنوات من الانتصارات التي حققتها عاصفة الحزم، والتي تركزت في الجنوب مقابل إخفاق شمالي، قدمت للحكومة الشرعية فرصة ذهبية لإستعادة دورها، بعد أن مكنتها من العودة إلى عدن ودعمتها دول التحالف سياسياً وماديا ومعنويا، بل وعملت على تأمينها، ولكن كل هذا ذهب إدراج الرياح وتيقن الجميع حقيقة فشل الشرعية وسؤ إدارتها للمناطق المحررة.

وفي هذا الصدد يقول دولة رئيس الوزراء السابق خالد محفوظ بحاح في تغريدة له بالتزامن مع الذكرى الثالثة لعاصفة الحزم: “‏ثلاث سنوات ولم تأمن السلطة على نفسها بالبقاء داخل الوطن، ومهما كانت الأسباب فإن في مقدمتها ضعفها وسؤ إدارتها للواقع واهترائها”.

وأضاف : التحالف كان ومازال معنا لإستعادة الدولة لكن يحتاج لشريك وطني حقيقي مسؤل صادق ويفكّر”.

هذا الفشل الذي تثبته الوقائع على الأرض لم يؤكده بحاح فحسب وإنما أكده مسؤولين امميين ومنهم المبعوث السابق لليمن ولد الشيخ، بل إنه وصف بعض قيادات الشرعية بتجار الحروب، ونتج عن ذلك تراجع الموقف السياسي للشرعية اليمنية ليس على مستوى الداخل، بصعود المجلس الإنتقالي، وإنما تعامل الأمم المتحدة مع مليشيات الحوثي كسلطة أمر واقع، وبرغم عمل الشرعية ومحاولات التحايل على الإصلاحات التي يتبناها التحالف لتعيد إنتاج نفسها من جديد إلى أن هذا المساعي ليس من السهل أن تمر والفشل قد استفحل فيها وبات يهدد جهود التحالف.

ولهذا فأن المشهد السياسي القادم يتطلب أحداث تغيير جذري للقوى السياسية على أرض الواقع، بحيث تأخذ الشرعية نصيبها كممثل ضمن المشهد السياسي وليس كما هو حاصل الأن تفردها بالمشهد، والمتغيرات على الأرض تحتم عليه القبول بهذا التمثيل ولمرحلة معينة، خصوصاً وهي لم تعد فعالة على الأرض ورغم بقائها فهي شكلية.

مليشيات الحوثي والارتهان السياسي

بحاح أضاف في تغريدة أخرى أكد فيها على أن إستمرار مليشيات الحوثي بالمغامرة تظهر غبائهم، وقال :”‏الإعتزاز والفخر يكون بتأمين الشعب ورفع معاناته، بمد يد السلام بمسؤلية، وتغليب مصلحة الوطن، المغامرات الطائشة لن تعود على البلاد إلا بمزيد من الدمار ثلاث سنوات ولم يفهم الإنقلابيون الدرس.

ولعل هذا الواقع يبعد مليشيات الحوثي الإيرانية عن العملية السياسية ويجعلها دون قرار سياسي، ما يعني أن المتغيرات على الساحة السياسية، والتوجهات السياسية في المنطقة والعالم، ترجح إستمرار الحل العسكري لمواجهة المليشيات التي وبارتهانها لإيران تفاقم الأوضاع، وتؤكد تبنيها لمشروع سياسي إيراني يتعارض والتوجهات الإقليمية والدولية.

وخلال الثلاث السنوات منذ انطلاق عاصفة الحزم يتعزز فشل مليشيات الحوثي الإيرانية في إدارة المناطق التي تسيطر عليها، ناهيك عن تلقيها الهزائم تلو الهزائم، مما جعلها محاصرة في مناطقها، وإظهار نفسها كأداة بيد إيران التي انتزعت منها القرار السياسي والسيادة الوطنية لتستخدمها حسب ما تقتضيه اطماعاها، وهذا يرجح المضي بها نحو مزيداً من التقهقر والفشل وتعميق الهزيمة، وفي نهاية المطاف قد تجبر على التخلي عن المشروع الإيراني والدخول في العملية السياسية ولكن بعد أن تكون في أشد حالات ضعفها.

ابتزاز وتخاذل الإصلاح قد يغيبه عن المشهد السياسي

التخاذل الكبير وغياب الجدية اللازمة من قبل الأطراف المقاتلة في الشمال والتي هي تابعة في الأصل ويديرها حزب الإصلاح (إخوان اليمن) بات أمر يدركه الجميع، فرغم الكم الهائل من الدعم والاسناد المادي واللوجستي الذي تتلقاه الجبهات التابعة للإصلاح وعمليات التدريب والتأهيل لمقاتليها ودعمها بمختلف الاسلحة الثقيلة والمتوسطة الحديثة، لم تحقق أي انتصارات محرزة، بل إنها تستمر في التخاذل وتبتز التحالف، ناهيك عن دعمها للمليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية.

وعاصفة الحزم تمضي في ذكراها السنوية الثالثة لا يزال ذلكم التخاذل والابتزاز ودعم مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية يراوح مكانه بل لربما في الفترة الأخيرة أضحى جهاراً نهاراً، وهذا ما يثبت أن اصطفاف الإصلاح مع الشرعية والتحالف هو مجرد اصطفاف ظاهري وفي الواقع تصب مساعيها في خدمة الانقلاب  والإرهاب في محاولة لإفشال جهود التحالف العربي واعلان هزيمته ميدانيا، وعرقلة جهوده السياسية، بل إن الأمر وصل بها للتنفيذ أجندات تحالف قطر تركيا والهادفة لإعادة التحالف العربي.

علاقة الإصلاح بالتحالف كانت خصومة خصوصا بعد تبين دعمه للإرهاب، وكان هناك إجماع على استبعاده من المشهد السياسي اليمني قبيل عاصفة الحزم، ولكن العاصفة أتت واعطته فرصة لا تعوض، إلى أن عدم استغلال الفرصة، وممارسة الابتزاز والتخاذل، وتعدي ذلك لخدمة الانقلابيين والإرهاب وحلف قطر تركيا، يرجح أن يؤدي في نهاية المطاف لاستبعاده من المشهد السياسي نتيجة تعارض توجهاته السياسية مع عاصفة الحزم وتوجهات المجتمع الدولي، على الرغم من استمرار استخدامه لورقة الإرهاب والابتزاز للاستمرار وان كان بحصة بسيطة.

المؤتمر يحتضر سياسياً

قتل مليشيات الحوثي للرئيس السابق علي عبدالله صالح رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، وضعت نهاية موحشه لمسيرة 33عام في حكم صالح وحزبه واظهرت مدى إجرام الحوثيين حتى بحق حلفائها لتجعل من حزب المؤتمر الذي يقوده كطفل يتيم يبحث عن من يتبنيه.

فمليشيات الحوثي مارسه ضغوط كبيرة مستخدمة أسلوب الترهيب لإجبار قيادات في حزب المؤتمر، على تشكيل قيادة جديدة للحزب وأعلنت استمرار التحالف معها، بينما الحكومة الشرعية لم تتحرك بصورة جدية، حيث ان فشلها سياسيا جعلها لا تمتلك تأثير يمكنها من إعادة تشكيل المؤتمر بشكل فاعل، وما قامت وتقوم به من  تحركات هشة لم تمكنها حتى من إيجاد صياغة شكلية للحزب.

وبدوره حزب الإصلاح (إخوان اليمن) الذين في الأصل تم تشكيلهم كحزب رديف من قبل صالح، وظلوا حلفاء له خلال حكمه، إلى أنهم ورغم وجودهم في صف الشرعية وتحت مظلة التحالف خذلوا صالح حين قرر الانضمام للتحالف ولم يسندوه، بل عملوا على إفشال جهود التحالف لمساعدته وكشفوا مخططاته للحوثيين، وصاروا يعيقون أي جهود لإعادة تشكيل الحزب.

وأمام ترهيب الحوثيين وخذلان الإصلاح وعجز الشرعية يبقى مصير المؤتمر وبعد مرور ثلاث سنوات من عاصفة الحزم يسير نحو التفكيك والانهيار، وبالتالي غياب أي حضور فاعل في المشهد السياسي ولربما غياب كامل.

أخبار ذات صله