fbpx
همس اليراع عن “السجون السرية”

بقلم/د عيدروس نصر
 وأخيراً حسمها اللواء علي ناصر لخشع نائب وزير الداخلية بالقول صراحة: ” لا توجد سجون سرية، وكل السجون ومراكز الاحتجاز في المناطق المحررة تخضع لوزارة الداخلية وهي معروفة ومعلومة” ، وأضاف اللواء لخشع ما معناه أن”كل المحتجزين والمحكومين يوجدون في سجون تابعة للسلطة الشرعية” طالباً من كل من يشكو من وجود أشخاص مفقودين أو مغيبين أن يتصل بوزارة الداخلية للمساعدة على التحرِّي في أية حالات قد تكون موجودة.

 لست بصدد الحديث عن شخص اللواء لخشع حتى لا أتسبب في إيذائه من قبل صناع الفشل والغيورين من النجاح والمهنية من الممسكين بصناعة القرار، لكن الحقيقة التي لا ينكرها أحد أن الرجل ابن المؤسسة الأمنية منذ بداية انخراطه في الوظيفة الحكومية قبل أكثر من أربعة عقود، وقد تدرج في هذه المؤسسة منذ شبابه المبكر كجندي ثم صف ضابط ثم ضابط حتى غدا نائبا لوزير الداخلية بمهنيته ونزاهته واحترامه لنفسه، وهو ليس دخيلا من الدخلاء أو طارئا من الطارئين على المهمات والتحديات الأمنية، وليس من أولئك الذين لا يرون في العمل الأمني إلا الشخيط والنخيط واستعراض العضلات والمخالب والأنياب، وعند ما يقول الحقيقة هو لا يقولها تزلفاً ولا ممالاةً لأحد وإنما احتراماً لمهنيته والتزاماً بمبادئه التي تربَّى عليها منذ يفاعته.

 وعودة إلى موضوع “السجون السرية” فقد بدأت الحكاية عندما روجت قناة الجزيرة هذه الإشاعة وجندت لها مراسليها وصناع الفبركات ومروجي الإشاعات ومتخصصي نشر الأكاذيب وإلباسها لباس الحقائق غير القابلة للدحض، مستفيدة من تقارير بعض المنظمات والمراكز الحقوقية (أبو نفر ونفرين) المعدة لتمرير مآرب وأجندات حزبية وأيديولوجية معروفة.
يومها اتصل بي أحد معدي برامج القناة إياها ليسألني عن هذه القضية، طالبا مني إدانة السجون السرية التي تديرها “القوات الإماراتية” في عدن وحضرموت ، قلت للمذيعة التي قدمت البرنامج يومها ما معناه: لنتفق أولاَ أن أي بلد يعيش أوضاع الحرب ولم يحسم بعد موضوع السيطرة على الأرض وما تزال الأعمال الإرهابية والتقطاعات وحالات السطو والسلب والنهب والاغتيالات من الظواهر الشائعة التي تتجلى في معظم الأيام والأماكن، وتغيب فيه منظومة الدولة، فإن ظاهرة السجون ومراكز الاحتجاز لا بد منها لردع المجرمين وتقليص مساحة الإجرام، مع التأكيد على أن تظل السجون والمراكز تحت إشراف السلطة الشرعية لغرض استكمال التحقيقات وتقديم المتهمين إلى القضاء، لكن المذيعة كانت تلح على إن هناك سجونا سرية تديرها دولة الإمارات في عدن وحضرموت، وغرضت لي نصاًّ مجتزأً من التقرير الذي أعده ذلك المركز، فقلت لها : أن مروجي هذه الإشاعات هم أطراف سياسية معروفون بأن لهم حسابات سياسية مع الأشقاء في دولة الإمارات ويريدون تصفية تلك الحسابات على أرض الجنوب ، وطالبتهم بالبحث عن مساحة أخرى لحسم خلافاتهم التاريخية غير أرض الجنوب وأهله.

لم يرق للمذيعة حديثي وأنهت الاتصال، وواصلت حديثها مع الضيوف الذين راق لها حديثهم.

لم يراودني قط أدنى شك في أن حكاية “السجون السرية” مجرد كذبةٍ كبيرةٍ جرى ترويجها وتكريسها وزراعتها بعناية فائقة مثل عشرات الأكاذيب التي استولت على عقول العالم فظل وما يزال يتعامل معها على إنها حقائق وبديهيات لا تقبل التشكيك.

 أما بعد حديث اللواء لخشع فلم أعد أنشغل بوجود هذه السجون السرية أو عدم وجودها ولا بما يترتب على هذه الأكذوبة من مترتبات،  بل إن ما أخشاه هو أن يطاح باللواء لخشع من قبل أصحاب نظرية “السجون السرية ” بسبب شجاعته وصراحته ومهنيته التي لا تروق لهؤلاء، علما أنهم ما يزالون كما ظلوا لعقود طويلة هم من يتحكم في صناعة القرارات السياسية والتنفيذية التي تتبناها الحكومة (الشرعية)