fbpx
(الشرعية) يا خنجر التحالف المسموم

 

عبده النقيب*
ثلاث سنوات عجاف مرت على شعب الجنوب لم يعرف مثلها طوال تاريخه القديم والحديث قط. سنوات مليئة بالمآسي والدمار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والبشري، شعب يذبح من الوريد إلى الوريد بهذا الخنجر المسموم المسمى بالشرعية. ترى من هي الشرعية ومن يمولها ولمصلحة من ترتكب جرائم الحرب الشنيعة هذه!. أسئلة مشروعة تطرح نفسها علينا بإلحاح وفي محاولة للإجابة الموضوعية عليها بعيدا عن أي تحيز ترتسم لدي ملامح الجاني الفعلي بوضوح.
لن أخفي أنى كنت أحد المؤيدين للتحالف في تدخله في عاصفة الحزم ورفعت الصور ورددت الهتافات فذلك موقف سياسي يخدم مصلحة الجنوب الذي تعرض لغزو عسكري همجي تقوده فلول عسكر وقبائل الاحتلال اليمني وكان مبررا حينها ان التحالف تدخل لدعم شرعية الرئيس عبدربه هادي وهذا بالنسبة لي مقبولا حتى وان كان للتحالف مآرب أخرى لكنها تلتقي مع مصالح وطني الجنوب.
من هي الشرعية التي يجب الاعتراف بها من باب التبرير للتدخل العسكري على الاقل. بالنسبة لي ليست سوى عبدربه منصور هادي كرئيس فقط بغض النظر عن ملابسات شرعيته في الجنوب الذي لم يشارك في انتخابه فهذا امر آخر. لكن ان يتحول عبدربه منصور هادي الى ملك متوج بواسطته يتم الغاء كل القوانين والأنظمة المعمول بها سوى أيام دولة الجنوب او أيام الاحتلال اليمني فصار عبدربه وحاشيته وعصابة علي محسن يديرون كل شاردة وواردة من الاحتفاظ بميزانية البلد في بيوتهم الى تعيين ابسط خفير، بيدهم كل شيء لنهب ثرواته وموارد الجنوب دون حسيب او رقيب وتركيع وتعذيب اهله بأكملهم كما ومتى يشاؤون فذلك امر فيه وجهة نظر.
لست مع الدعوة لتقرير مصير الجنوب عبر الفوضى فذلك يجب ان يأتي عبر العمل السياسي والشرعية الدولية وآليات ذلك كثيرة ومتعددة ومنها فرض الأمر الواقع وبهذا لا مانع من بقاء الرئيس عبدربه ولكن ذلك لا يبرر لشرعية التحالف مصادرة صلاحيات وحقوق شعب الجنوب في اختيار سلطاتهم المحلية وإدارة مؤسساتهم وفقا للأنظمة والقوانين واللوائح المعمول بها سواء العسكرية أو المدنية فلا يعقل ان تصبح ترقية الجندي او توظيفه خاضعة لأمر رئاسي حتى تحولت دولة الجنوب الى شأن قروي.. لماذا انشأت المليشيات الغير شرعية بعيدا عن سيطرة الدولة بدلا من المؤسسات الحكومية كالجيش والشرطة والأمن في الجنوب. الإجابة بالتأكيد لسهولة حلها وشرعية ملاحقة أصحابها في الوقت الذي يتم الاستغناء عن خدماتها وقد هالني تقرير الأمم المتحدة الأخير حول الجرائم المنسوبة لها فتلك مقدمة معروفة المرامي.
من هي الشرعية التي يتم تمويلها وتنميتها وفرضها علينا وتهديد كل من يحاول المساس بها؟
نبدأ بكبيرهم الذي علمهم السحر علي محسن الأحمر الإرهابي بدرجة نائب رئيس الذي يمول ويدير مليشيات وفرق الإرهاب سواء تلك التي تتبع حزب الإصلاح او التي تنضوي في إطار الالوية العسكرية للجيش والفرقة الأولى وغيرها بما في ذلك معسكرات القاعدة في حضرموت الداخل وفي مدينة قندلة في الصومال التي تأوي وتدرب إرهابيين يمنيين وعرب وأجانب الى جانب جماعة الشباب المؤمن الصومالي. علي محسن معروف لدى القاصي والداني عن علاقته بالإرهاب فهو ماركة دولية وكذلك حسين عرب منذ ان كان وزيرا لداخلية عفاش وشاركا جميعا في عملية يو إس إس كول وكل العمليات الارهابية المعروفة منذ 1991م حتى 2011م باعتراف قادة سلطات صنعاء. لماذا تركت قاعدة عفاش وبن عرب والزنداني خلال 2015- 2016 تدير حضرموت وشبوه تحت اشراف التحالف تضخ النفط والغاز بأعلى طاقة إنتاجية وتدير الموانئ المفتوحة هناك لتصدر النفط والغاز والسلاح والمخدرات والإرهابيين تحت حماية الوية عفاش المرابطة هناك والتي تدعي ولائها للشرعية وعندما انهت مهمتها ذهبت لمعسكرات الوية عفاش المرابطة في حضرموت تحت اشراف شرعية التحالف وتم نقل واستضافة كل قيادات القاعدة الى المملكة ونعرفهم بالاسم ومكان الإقامة حتى اللحظة.
لماذا لم يتاح للجنوبيين بعد ان انهت القاعدة مهمتها استئناف تصدير النفط والغاز وتشغيل الموانئ والمطارات وتطبيع الحياة والاعتماد على الذات في تمويل رواتب الموظفين وتسيير شئون الجنوب بدلا من التسول والانتظار لسلال التمر والسكر التي يمن بها علينا التحالف.. بالطبع الإجابة لدي هي من اجل التحكم بمصير شعب الجنوب وسلبه اراداته بالاعتماد على فتاة التحالف من الماء والغذاء والدواء والكهرباء وهذا ما يبرر له بعض المهزومين او قليلي الفهم أو ممن يقبضون الثمن بان التحالف يصرف المرتبات على الموظفين!! مرحى للمن والسلوى ودولة الرفاه ولهذه النعمة التي أغدقوا بها علينا!!
من هي الشرعية مرة أخرى؟ ما علاقة علي محسن وحسين عرب والميسري وجباري وبن دغر وغيرهم بالشرعية؟ هل هؤلاء منتخبين ام انهم رجال المملكة.. الا يوجد أحد ليس له علاقة بفلول القاعدة ومخلفات عفاش والفساد والاجرام يمكن ان يصلح وزيرا او رئيس وزراء ويتبع الشرعية. لماذا لم يتم الإبقاء على بحاح الذي كان رئيس وزراء توافقي عشية استيلاء الحوثيين على السلطة.. اليمن دولة لها نظامها السياسي ودستورها وقوانينها فلماذا يمنعون أهالي المحافظات المحررة من انتخاب محافظيها وإدارة شئونها ومواردها وفقا للقانون والدستور. سيقول البعض ان اليمن تحت الفضل السابع!! سنقبل بذلك ولكن حينها على التحالف القيام بمهامه كقوة تدخل واحتلال في توفير الخدمات الضرورية والحفاظ على تطبيق النظام والقانون لا ان يرمي كل مساوئه ونواقصه على شرعية الوزراء الذين لا يملكون أي صلاحية والمقيمين لسنين في فنادق الرياض والقاهرة فذلك يناقض أي طرح من هذا القبيل. وهل طارق عفاش وحاشيته الذي كان يشرف على قوة فرق الاغتيالات والقناصة في الجنوب خلال الغزو في 2015 ويقاتل ضد الشرعية حتى مقتل عفاش قبل عدة أشهر يأتوا به الى الجنوب ويفرض على الجنوبيين رغما عنهم شرعيا!! إنه يتلقى وحاشيته الدعم العسكري الهائل والمالي الوفير مع انه يرفض الاعتراف باي سلطة للشرعية.
هل كل الذين قاتلونا خلال ثلاث سنوات نأتي بهم ليصبحوا شرعية علينا وما علاقة الشرعية بهم.. في الحقيقة هؤلاء عصابة التحالف ويمنع المساس بهم وكل من حاول الاقتراب منهم هدده التحالف وتوعده بالويل وعظائم الأمور فذلك حسب قولهم يعد مخالفا للقرار الدولي 2216.. وبهذا صار الجنوب مرتعا لفرق الحرس الجمهوري التي تأتي عبر الحدود لتخريب كل شيء في الجنوب من انابيب المجاري ومولدات الكهرباء وكل المؤسسات الخدمية وصادروا قناته التلفزيونية والاذاعية وينفذون بشكل مستمر تفجيرات ارهابية واغتيالات وإرهاب القادة والنشطاء الجنوبيين ومن يحاول التحري عليهم او تفتيشهم او توقيفهم يتهم بانه عنصري ومرتكب لجريمة يعاقب عيها القانون.. أهذا منطقي؟!. اين من قاموا بالعمليات الإرهابية والاغتيالات في الجنوب جميعهم اما هربتهم القوات الاماراتية لإخفاء جرائمهم ومن بقي منهم في السجون تم الافراج عنهم من قبل وزير داخلية الشرعية الميسري وبإيعاز من التحالف ليعاودوا اعمال القتل والاغتيالات لائمة المساجد والقادة الجنوبيين، بل ان وزير الداخلية نفسه يأوي الإرهابيين في منزله تحت سمع وبصر الجميع وفتح سجن تحت منزلة يحتجز ويعذب فيه من يختطفهم ويخفيهم..
لن استعرض الوضع المأساوي في الجنوب من خدمات وتدهور للعملة وعدم استلام المرتبات التي لم تعد تفي بما هو ضروري من حاجة الموظف المطحون فذلك معلوم للجميع ولن نحتاج للتأكيد على ان توقيف نشاط ميناء ومطار عدن ومصافي الزيت وشركات الاصطياد ونفط وغاز الجنوب والذهب وموانئ ومطارات شبوه وحضرموت وكل الموارد بما في ذلك الضرائب الكثيرة وموارد المنافذ البرية في الوديعة التي سلمت للمجرم الأحمر عمل اجرامي يقوم به التحالف مباشرة فكل تلك الموارد الكبيرة كانت كفيلة بحل كل مشاكل الجنوب وإعادة اعماره وتنميته خلال وقت قصير.. لماذا لا تمارس شرعية التحالف كل هذا العبث في مارب؟!! سؤال وجيه اطرحه على أولي الامر
أنني لا ادعو للحرب ضد التحالف ولا احرض على ذلك ولكن هل سنذبح هكذا تحت مبرر وقوفنا مع التحالف وهل لا تصلح العلاقة معهم سوى بهذا الشكل الذي يقود الى الخراب والعداء والحقد!! الا يستفيد التحالف من اخطاءه في العراق وسوريا وليبيا وداخل دول مجلس التعاون نفسه، ولعمري ان الجنوب ستكون القاصمة ففيها شعب حي لن يقبل الضيم مهما كلفه ذلك ومهما بدى لكم سهل الاحتواء فإنكم مخطئين.
لا الوم موقف التحالف من إيران فإيران وتركيا أيضا لهما ادواتهما واستراتيجيتهما ومصالحهما واطماعهما.. ولكن ما جرى في هذه الحرب بالفعل هو تعزيز لمكانة الحوثيين وتمكينهم من الشمال حيث بنوا أساسا لدولة قوية تخلو الجريمة والفساد والفوضى في أراضيهم ولا توجد أزمات مثلما هي في الجنوب وتم تحويل أراضي الشمال الى محرقة لشباب الجنوب تحت مبرر اما الجهاد او الارتزاق.. ما علاقة الجنوبيين بالحرب في تهامة الا تعج تهامة بأهلها وهم المعنيين بذلك، وهل الشمال والطائفة الزيدية جميعهم حوثيين او روافض حتى نبرر للجهاد ضدهم ونذهب لنحررهم، هذا منطق داعشي فظ نحن والإسلام بريئين منه.
في الحقيقة إن ما يجري في الجنوب ليس قطع يد إيران بل تدمير الجنوب اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتشريد اهله وتحويله الى مرتع لتجارة المخدرات والعصابات المسلحة ومقاتلين للإيجار. فهل هكذا تقطع يد إيران!! وهل نحن عملاء حتى يخشى علينا من إيران.. الم يكن حريا بالتحالف مساعدتنا في النهوض والحفاظ على روابط الجيرة حتى نكون حائط صد لأي تدخل أجنبي من تركيا او إيران او غيرهما سوءا في اليمن او في المنطقة كلها!!
بقي السؤال الأخير الموجه لمن يقدحون بالشرعية ليلا ونهارا ويشيدون بالتحالف بلا حدود ان يكفوا عن النفاق فمن لا يستطيع قول الحقيقة له الحق في الصمت كفى ذلا ونفاق وعبودية للفتات فما تفعلوه لن يأت لنا بالحل بل سار بالبلد الى الهزيمة والدمار الشامل.. احترموا تضحيات رجال الجنوب وكبرياء وإباء رجال التحرير من الاستعمارين الأول والثاني فقد ازكمت روائحكم انوفنا يا هؤلاء.

ناشط سياسي من الجنوب العربي*
05 سبتمبر 2018