قالت والدة الانتحارية التي قضت في عملية تفجير أمس الإثنين بوسط العاصمة التونسية خلفت 20 جريحاً، ذهبية إن “ابنتي كانت فريسة الإرهاب الذي أعدها لتكون أول انتحارية في البلاد”.

وبدت والدة الانتحارية منا قبلة بحالة صدمة وهي محاطة بجاراتها ولا تكاد تصدق أن ابنتها(30 عاماً) انتحرت، وكانت الانتحارية تعيش مع أسرتها في قرية زردة في منطقة ريفية مهمشة بولاية المهدية بالساحل الشرقي.

وأضافت ذهبية وهي تخبط بيديها على رجليها جالسة على بساط من البلاستيك مخاطبة ابنتها “لماذا فعلت بنا هذا؟ ماذا فعلنا لك لتجعلينا نعيش هذه الكارثة؟”، معتبرة أن ابنتها البكر قامت من خلال التفجير في الشارع الرئيسي بالعاصمة بتدمير كامل أسرتها وخصوصاً شقيقتها وشقيقيها.

ولا يفهم الوالدان الأميان كيف أن ابنتهما التي كانت تمضي الكثير من الوقت على حاسوبها ولا تغادر إلا قليلاً المنزل المتواضع، تم تجنيدها لارتكاب الاعتداء.

وقالت الأم بحسرة “لقد أوقع الإرهابيون بها لأنها ساذجة وهشة، رغم أننا عملنا كل شيء لتنهي دراستها، وكانت مدللة”، وأضافت “حتى أنني بعت أرضاً فيها شجر زيتون لكي أشتري لها كما طلبت حاسوباً قبل 4 سنوات، فقد كانت تخصص وقتها لإعداد الدكتوراه، ولذا، كانت تنعزل كثيراً في غرفتها للتركيز على دراستها أو إرسال طلبات عمل”.

وقال الوالدان إن “لاشيء كان يوحي أنها تتطرف”، وتابعا “لم يكن هناك أي تغيير في طبعها، لاشيء كان يشير إلى أنها اعتنقت أفكاراً متطرفة، حتى حجابها كانت ترتديه منذ نيلها البكالوريا وكانت تصلي مثل الجميع دون تقوى مميزة”.

والانتحارية العزباء كانت حصلت على إجازة في اللغة الإنكليزية منذ 3 سنوات لكنها لم تعثر على عمل، وكانت تعيش مع أسرتها وتهتم أحياناً بالأغنام، وكانت أبلغت الجمعة الماضي أمها وخالتها التي تعيش في المنزل أيضاً، أنها تنوي التوجه السبت الماضي لقضاء بضعة أيام في سوسة للبحث عن عمل.

وعند مغادرتها المنزل صباح السبت الباكر نحو الساعة 07:00 عرض عليها خالها إيصالها حتى موقف الحافلة لكنها رفضت قائلة إنها تنوي التوجه إلى طبيب في بلدة سيدي علوان التي تبعد 7 كيلومترات عن قرية زردة، بحسب ما أكد الخال حبيب السعفي.

وقضت الانتحارية أمس عند تفجير شحنة تحملها، وأصابت بجروح 20 شخصاً بينهم 15 شرطياً، وأكدت السلطات أن أحداً لم يصب بجروح خطرة، وأشارت وزارة الداخلية إلى “فعل معزول” ومتفجرات تقليدية وإلى أن الانتحارية لم تكن معروفة لدى أجهزة الأمن لا بسوابق عدلية أو أفكار متطرفة.

وعلمت الأسرة بمقتل ابنتها الانتحارية من الشرطة التي أوقفت شقيقيها لاستجوابهما، واعتبر الوالد محمد المريض من الصيف بعد تعرضه لجلطة دماغية ويلزم الفراش منذ شهرين إثر كسر في الساق، أن ابنته لا يمكن أبداً أن تؤذي أحداً، وقد تم بالتأكيد التلاعب بعقلها.

واتهم والد الانتحارية قادة البلاد بالمسؤولية بسبب “المحاباة وتهميشهم للشباب” عن المصير الحزين لابنته، التي قال إنها “مثالية ووردة الأسرة وألطف أفرادها”.

ويعاني ثلث الشبان من خريجي الجامعات في تونس من البطالة ويعتبر الحصول على فرصة عمل صعب جداً، خصوصاً لشبان المناطق الأقل نمواً والريفية وذلك بعد 8 سنوات من الثورة، ورأى المحلل السياسي سليم الخراط أن الانتحارية تجسد نموذج الشبان المتطرفين وأغلبهم من مناطق مهمشة خصوصاً ريفية ومحبطين وبلا أفق رغم دراستهم.

وقالت خالة الانتحارية سعيدة بصوت متهدج “إذا كانت عاشت لتحصل على هذه النهاية، فإني أفضل ألا تكون ولدت أبداً، لقد رحلت لكن الآن نحن فقط من سيدفع الثمن ومن سيستمر في العيش في الألم”.