fbpx
مشاورات السويد وقشة الغريق

 

بذل المبعوث الدولي إلى اليمن السيد مارتين جريفيت مجهوداً خرافياً ليضمن وصول الوفد الحوثي إلى ستوكهولم إلى درجة القبول بكل شروط الحوثيين من ترحيل الجماعات الإيرانية واللبنانية تحت حجة الجرحى ومرافقيهم، إلى اصطحاب الوفد الحوثي معه على نفس الطائرة ليضمن عدم هروبهم من مسقط أو من أي مدينة أخرى، ولم ينزل في مطار ستوكهولم إلا بصحبتهم في ظاهرة نادراً ما تحصل مع مبعوث دولي محايد (كما يفترض) يسعى لحل مشكلة قائمة وليس لاسترضاء طرفٍ (متمردٍ) على حساب الطرف الآخر (المفترض انه شرعي).
يعتقد السيد جريفيت أنه بجمع الطرفين في فندق واحد (وليس في غرفة واحدة ولا على طاولة واحدة) قد قطع نصف الطريق وأنه حقق نجاحات منقطعة النظير، وهو يعلم أن من سبقه قد جمع الطرفين مئات المرات وفي نفس الصالة وعلى نفس الطاولة دون أن يلين شيئا من موقف الحوثيين، كما يعلم السيد جريفيت أن الاشتراطات و(التدللات)  الحوثية الحقيقية لم تبدأ بعد، وإن مجرد وصول الوفد الحوثي إلى ستوكهولم لا يعني شيئا فأمر صغير عبر الهاتف من طهران سيجعل هذه الجماعة تغادر السويد ولن تعود إلا بتلبية شروطها الجديدة والتي من بينها إلغاء المرجعيات الثلاث (التي تتمسك بها الحكومة تمسك الغريق بالقشة) وعدم قبول عودة الرئيس هادي، والتمسك بالسلاح واعتبار أفراد المليشيات وموظفيها العسكريين والمدنيين جزء من الجيش (الوطني والجهاز الحكومي القادم . . . .وما إلى ذلك)  وهو ما يشير إلى أن مشاورات السويد قد لا تصل إلى نقطة البداية.
*     *     *
يتداول الكثيرون من نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الجنوبيين الكثير من العبارات والمنشورات الغاضبة والساخرة والمتندرة حول عدم مشاركة الجنوب، وعلى وجه الخصوص المجلس الانتقالي الجنوبي في محادثات ستوكهولم، ويعتبر الكثيرون ذلك بمثابة شطب للقضية الجنوبية وتعرض الجنوب لخديعة أممية وإقليمية ومحلية.
شخصيا كنت منذ وقت مبكر، وما زلت أعتقد أن المشاركة في أية مشاورات دولية ينبغي أن تقوم على أساس إدراج القضية الجنوبية في جدول أعمال النقاش، وليس فقط تمثيل الجنوب لمجرد التمثيل، ولأننا نعلم ويعلم الجميع أن لقاء ستوكهولم لن يكون إلا لقاءً إجرائياً بروتوكوليا تمهيديا الغرض منه مناقشة إجراءات بناء (الثقة  المفترضة) بين طرفي الصراع على السلطة في اليمن، فإن حضور المجلس الانتقالي لا يختلف عن عدم حضوره وفي رأيي الشخصي أن على الجنوبيين أن لا يتعلقوا كثيرا بالمفاوضات بين الشرعية والانقلابيين، فالطرفان متفقان على مواجهة الشعب الجنوبي ورفض حقه التاريخي والقانوني في تقرير مصيره، ومن المؤكد أنه لا اجتماع استوكهولم ولا أي اجتماع يمكن أن يحسم في هذه القضية وأن الحسم فيها يتوقف ميزان القوى على الأرض، وعلى وحدة الإرادة الشعبية الجنوبية واتفاق الفاعلين الجنوبيين على الساحة على القواسم المشتركة المعروفة والبديهية وعلى رأسها الحق في تقرير مصير الجنوب، وترك ما عدا ذلك من اختلافات وتباينات لحسمها في إطار عملية حوارية جنوبية – جنوبية لا تخضع لأي شروط إلا شرط احترام إرادة الشعب الجنوبي.
ومع تغيير ميزان القوى على الارض أعتقد مؤمنا ان أي حوار بشأن القضية الجنوبية يجب أن يكون بين طرفين ندين ومتكافئين طرف يمثل الشمال وطرف يمثل الجنوب، وليس على هامش قضية قدم فيها الجنوبيون كلما عليهم وهو ما لم يقدمه كل الذين تخضع اراضيهم وديارهم وأفراد أسرهم لسيطرة الجماعة الانقلابية.
أما الحضور في المشاورات الدولية المرهون نجاحها وفشلها بقرار من طهران، والمرشحة للفشل في أي لحظة فلا يختلف عن حضور شاهد الزور أو الشاهد الذي “ما شافش حاجه”.