fbpx
في سر سقم الوطن

 

شهدت اليمن عقدين ونيف من إنهيار الوعي وتزييفه وعمد حكماء الله في الأرض بقوة الولاء فكانت بئس الوقيعة وشر الفعال فعندما مسكوا البلد تقمصوا بإدوار الزعماء ومكنوا لهم في كل بقعة رهط لتدجين الشعب على فقاعة المنتصر والمهزوم وكسب الولاءات حتى صار عقيم مخلفات أدواتهم فكان في قاموسهم التسول والتهجير وتشجيع قاعدة القوي يلتهم الضعيف والفشل سيد النجاح وتعميم قانون الغاب ..كل هذا ليس عيبا ولا مستغرب في دولة تملكها الطغاة ذات يوم .. فتلك حالات شهدناها مرات عديدة من أناس ضاقوا طعم السلطة وحلاوتها تحكموا فينا برغم تواضع قدراتهم وحكمونا حتى أن بلادنا تحت حكمهم تبوأت مركزا متقدما بين مصاف الدول الفاشلة ليس لأنها لا تحظى بثروات ومقدرات بل لإنها تختزن ذلك بكم هائل من الخيرات والمنافع المدرة دخلا وثراء ولكن المشكلة الرئيسة والمعضلة القاصمة التي قصمت ظهر الوطن وحمولته أصبحت حديث اليوم وتعاسته وسقمه العليل تخيلوا أبعدوا الكفاءات والقدرات بأسم ترسيخ وحدة الوطن الممجوجة وهذه النتيجة وتلكم الميصال المشؤوم الذي نخر وفكك المؤسسات الوطنية والتي كانت نواة حقيقية لمقومات الدولة العصرية وفجاءة وبلا سابق إنذار أصبحت إنجازات الوهم ورزم التصريحات القابضة على جمر الوطن والمحافظة عليه مجازا بل خارج التاريخ مقتلعا من جذوره بعد أن كانوا قد غرسوا فيه خلسة،شعيرات الولاء القبائلي المتخلف .
 وسط هذا الدمار المنظم لا يجب أن ننظر للكوب من زوايا مملوءة بطموحات غيرنا الكسيرة لأنهم لا ينظرون لفقرنا ولا لمعاناتنا التي لا نستطيع التخلص منها ومن تداعياتها المستقبلية إلا حين نلم جمعنا ونفتح وعينا ونتفرغ لبناء وطننا .. للصفوف المتراصة والنوايا الطيبة والقلوب المشحونة بالتفاؤل بشائر عظيمة في صلب وطن يرزح تحت عبئ الخراب والعبث هذا الإذلال الضبابي الذي خيم على شعبنا  وفُرض عليه فرضا أن يتقبل حصاده ويتمرغه طوال مدة لم تنتهي بعد وبين فترة وأخرى يعيش شائكا بين إسلاك تدغدغ مشاعره وتسوقه نحو أحلام متفائلة لا تستقيم لها المقدمات .. وهذا ما لا نأمله وما لا نتوقعه ..وهنا لا بد أن نتوقف جميعاً أمام هذه الجزئية  الوطنية الغنية بالتدبر “ألف آه وحسرة على أرض يبيع فيها اللصوص العدل ويعرض فيه الجهلة العلم ويجلس فيها الجاهلون المتكبرون والذين ينكرون جميل الرعية يجلسون على عرش الحكم “.
*سلطان العلماء بهاء الدين ولد (والد جلال الدين الرومي) فهل الأمل القابع دواخلنا يعني تهديدا مبطنا للذين لا يأملون..؟ أم إنها رحابة في الحلقوم كلازمة من لوازم الأمل الباهت الذي يمارس من تحت مظلة التحالفات المحلية والخارجية وبجلافة ليظل الوطن غارقا في لملمة مؤسساته ومبانيه الخاوية .

#مجاهد القملي