fbpx
أنا وأبي والوحدة..

ماجد الكلدي

استيقظت صباحا على صوت أيوب طارش في فجر 22 مايو لم اتجاوز السن حينها السابعة او الثامنة من عمري، من الوهلة الأولى أنتابني القلق والحزن والخوف بالرغم من إنني لا أعرف ماذا تعني الوحدة بالإضافة إلى صغر سني لكن ذلك الشعور المحبط رأفقني خاصة وانا أرى أبي يهم بحمل حقائبة بإنتظار السيارة التي تقله الى عدن ..

كنت طفل مدلل بالنسبة لي عند أبي أفضل من جميع أخوتي ودائما مع ارافقه أينما ذهب وأستقر…لأول مرة أتذكر أنني حاولت أن أغير من ملامح وجهي التي دبت على فعلها في المرات السابقة من أجل لفت نظر الوالد عله يصطحبني معه بالإضافة إنني صحيت مبكرا قبل الجميع بالبيت ولأول لنظرا لضيق شديد حسيت من خلاله بتوقف أنفاسي.. رفض الوالد حينها مرافقته بشدة وهي المرة الأولى التي رفض رغم توسلي المستمر، وهو كذلك لم يحاول إرضائي بالبقاء كعادته فدائما ماكان يضع أمامي الكثير من الوعود بالهدايا القيمة حينما لم ارافقه..

أتذكر ان الوالد أطال الله لنا في عمره كان من المقربين جدا للراحل المناضل سعيد صالح سالم ودائما ما يكون الرأي واحد بينهما فيما يخص النهج والموقف..

عامل الطفولة وصغر سني وقتها جعلني انسى سريعا ما مريت به من شعور حزين في ذلك اليوم المشؤوم رغم أننا دشنا فعليا أيام الوحدة الأولى وفرحي حينها بتشكيلة العصائر والبسكويتات الواسعة التي أشاهدها على كن كبير من السيارات في سوق المنطقة .. أختفى العصير والبسكويت في المنطقة وأستيقظت على صوت المذيع المتألق محمد سعيد سالم وهو يصدح بصوته بتلبية النداء الوطني والتعبئة العامة للدفاع عن الوطن بعد فشل الوحدة حسب قوله وهو ماجعلني أعرج وأضع أمامي العديد من التسأولات أجتهدت وربطت سريعا أختفاء البسكويت والعصير بدعوات المذيع ابو عصام للتعبئة الشعبية عبر إذاعة عدن حينها وصلت إلى القناعة في كلامه وأعود لسؤال نفسي مرة أخرى وفي الإطار نفسه لماذا يكذب والعصير والبسكويت قد أختفى إذن هو صادق..

عقلي الصغير حينها لم يعرف ان هناك وثيقة عهد واتفاق وايضا هناك الكثير من الاغتيالات حصلت للكوادر الجنوبية كل ذلك ليس بمقدوري استيعابه لكنني وحسب إمكانياتي حددت ووفق عقليتي الصغيرة موقفي من القوات الشمالية الغازية وسهرت كغيري من ابناء المنطقة على ذلك التلفاز الوحيد ( الأبيض والأسود) الذي يمتلكه العم حسين نصر وحيدا في المنطقة منتظرين البشائر حيث أن المنطقة تقريبا خالية من ابائنا واخوتنا الكبار فالكل لبئ النداء ذهابا نحو جبهات القتال وهذا الذي ضاعف خوفنا من أن نسمع أخبار سيئة بأحدهم قد تدخل المنطقة في حزن ..

مرت الحرب ومن بعدها الاقصاء والجوع والفقر والخوف سنين مابعد أنتصار قوات الشرعية في 94 كما كان يطلق عليها وتغير معي الكثير، فمن الأحساس بالحزن الى الفهم والإستيعاب ومن التسأولات الى الأجابة..

تذكرت كل ذلك الأحداث مع الشرارة الأولى لإنطلاق الحراك الجنوبي المبارك وقتها وقد تسلحت بالكثير من المعرفة والإطلاع والفهم، حصلت على الإجابة الشافية وأستوعبت لماذا رفض أبي الذهاب معه إلى عدن ..

حفظ الله الوالد وأطال الله في عمره