fbpx
المبتعث اليمني معاناة وعناء

 

كتب – مجاهد القملي
الابتعاث يفتح آفاق الفكر وتبادل الثقافات والخبرات العلمية لينشأ قادة وكوادر وأجيال تستطيع أن تتعامل مع الواقع الحالي الذي لا يقبل الانغلاق أو التقوقع على ثقافته فقط بل التعرف على ثقافة الغير والإستفادة من الخبرات العالمية وتحولها إلى خبرات ذاتية متطورة لخدمة الوطن  والمجتمع .. ومن هنا كان لبرنامج الابتعاث والمنح الخارجية فائدة كبرى لكنها لا تخلو من السلبيات التي تعترض المبتعث هناك..
فهو أي المبتعث في الغربة بعيداً عن الأهل والأصدقاء والأحباب وبعيداً عن وسائل الإعلام يعيش غربته في تلقي العلم  أملاً في تحصيل دراسي ناجح وأملاً في الوصول إلى الهدف الذي رسمه لأحلامه ومستقبله عملاً أو مكانة أو علماً.
اليوم وفي ظل حكومة جاحدة  -كحكومة اليمن- التي تعمل جاهدة حد النسيان وإلغاء شيء أسمه الابتعاث أي كان مبتغاه … لا ترغب في التخاطب حين يتم الحديث عن المبتعث اليمني -الكوادر العسكرية والصحية والإقتصادية والسياسية – إلا حين ينشر خبر  شب طوق المطالب أو عثور على مبتعث فارق الحياة قهرا بسبب معاناة طالت فوق صبرها .. أو طرد آخر أو سجن ثالث إلا أنه وفي ثنايا تلك الحياة اليومية الشاقة ثمة أحلام وآمال ومشاكل وأزمات لا يدري عنها الكثيرون إلا من عاصر مثل تلك المشاكل وحدثت له واقعيا سواء مبتعث أو مرافق.. وما أنا إلا خفيف ظل استشفيت همسة من قائد عزيز يواصل دراسته الأكاديمية العسكرية العليا في إحدى دول الاغتراب ويعيش تلك الوقائع المنغصة لمسيرة حياته العلمية فهو من الكفاءات العسكرية المحنكة ،تدرج في عدة مناصب عسكرية عليا قبل مغادرته البلاد لاستكمال دراسته ويعد من كوادر المؤسسة العسكرية لما يمتلكه من خبرات ومؤهلات لا يمكن الاستغناء عنها ،لست بصدد سرد سيرة القائد وعطائه الباذخ للوطن ولكن لماذا لم تشفع لمثل هؤلاء القادة كل تلك التضحيات والمكاسب ؟ولماذا يتنكر الشخوص لبعضهم حين تستدعي الحاجة وتقتضيه المطالب ؟!
لا يزال مسلسل معاناة المبتعث اليمني للدراسة العلمية العليا أو الأكاديمية العسكرية وفي شتى صنوف العلم ومجالاته في الخارج مستمراً ويزداد من عام لآخر وما إن ينتهي فصل من فصوله بدولة من الدول حتى يبدأ فصل آخر من المعاناة في دولة أخرى وغير ذلك من المعاناة الدائمة ومشاكل كثيرة تعترض تحصيلهم الدراسي الجامعي والأكاديمي.. مشاكل كشفت عنها مطالب ومناشدات الطلاب المبتعثين في دول عدة وظهرت معاناتهم إلى العلن مع تجاهل الجهات الإعلامية الحكومية في الداخل والخارج لصوتهم المسموع في كل منصات الإعلام وعدم إيصاله إلى المسؤولين في الوطن أن وجد مسؤول يمني في داخل هذا الوطن يربض بمكتبه ويستطيع من خلاله تلبية مطالب أبناء شعبه غير أن احتمال تورط الكثير من مسؤولي الحكومة اليمنية يضاعف من أزمة المبتعث وإحساسه بالبعد والغربة والمعاناة المتواصلة .. يجب أن ننظر إلى المبتعث اليمني نظرة عادلة بأنه مواطن يحتاج إلى حقه الشرعي ليعود ظافر مكرم ولم نقل أنه يحتاج لرعاية خاصة طالما وهو يعيش بعيداً عن الوطن والأهل من أجل التحصيل العلمي فهذا كان لا بد منه ولكن “يافصيح لمن تصيح”  على الملحقيات أن تلعب دور علاقات عامة حاضنة للمبتعثين وحل قضاياهم لا زيادة متاعبهم فوق غربتهم.
الكتاب الصحفين وكافة وسائل الإعلام الغائبة عن هذه المعاناة يجب أن تصدح بصوتها لنصرة المبتعث اليمني ومنحه حقوقه وتلبية مطالبه دون مماطلة أو تسويف أو تأخير لأنكم بذلك ستفتحون قناة من التواصل لتسهيل وصول هموم المبتعثين ومعاناتهم إلى المسؤولين مباشرة سواء كان ذلك عبر مقالة أو تقرير مرئي أو مقروء في إحدى صحفنا المحلية أو قنوات التلفاز أو منصات التواصل الإجتماعي التي أصبحت اليوم أكثر إنتشارا وأكبر صوتا مسموع لقضايا الشعوب وأحوالها .. إنشاء خط ساخن يربط هؤلاء المبتعثين  بالملحقيات أمر ملح وضروري ويفترض أن يتقبل ويتعامل مع الوارد من المشكلات والقضايا بمرونة وسرعة لا أن يصل بهم الحال إلى مرحلة التهميش وذلك يعني انشغال الملحقية والعاملين فيها بهموم تصرفهم عن السبب الرئيسي لوجودهم وهو خدمة أبناء وطننا في الخارج فيما ينبغي على الملحقية أن توفر أفضل البيئات وهي صفاء ذهنيا ونفسياً لهم من أجل تركيزهم فيما ابتعثوا من أجله.
ياحكومتنا الموقرة المبتعث اليمني بمثابة رصيد علمي لنا وينبغي أن يحصل على أفضل الخدمات بمجرد مغادرته أرض الوطن وتسخير كل الجهود من أجل أن يحصل على الأفضل ويأتي به إلى بلادنا والمساهمة في صناعة مستقبله بحسب تطور العلوم في بلدان الابتعاث فهم ناقل معرفي مهم نحتاجه حاضرا ومستقبلا من أجل تطورهم ويكون رافدا مهما في عملية التقدم والتطور العسكري والأمني والتنمية العلمية والاقتصادية وإذا ذهبوا ووجدوا أنفسهم في دائرة مغلقة لا نتوقع منهم إلا الإحباط والمعاناة وهذا وزرا تتحملون مسؤليته وآثاره المترتبة .. والله المستعان