fbpx
لهذه الأسباب ستفشل أي حلول خارجية بشأن اليمن لا تراعي قضية الجنوب وواقع ما بعد 2015 ودور التحالف العربي
شارك الخبر

 

يافع نيوز – تحليل:

تتعقد الخلافات والصراع في اليمن ويزداد وضعها هشاشة وتشتد الحرب شراسة في كل مرحلة من المراحل التي تجري فيها تحركات لاجل تحقيق السلام، وتكون تلك التحركات لمجرد تخدير مؤقت وليس حلول جذرية تنهي الصراعات، مما يحول تلك الحلول أشبه بمن يعالج ” الحمى بالسرطان” .

 

ويعد هذا أحد اسباب استمرار الصراع في اليمن، لكون الحلول الخارجية المفروضة عادة ما تنتهي بالفشل، في ظل واقع محلي في اليمني شمالاً وجنوباً، بحاجة للتعامل مع الوقائع على الأرض كما هي، وتعزيز دول التحالف العربي، بعيداً عن الإملاءات والترابط الغير مفيد لبعض الدول التي تبحث عن مصلحتها على حساب استمرار الحروب في اليمن.

 

فالمشهد الضبابي يسيطر على توجهات اقليمية ودولية غامضة تجاه الأزمة اليمنية، التي لم تجد حتى اللحظة أي رؤية منطقية للحل الجذري وفق التطورات التي شهدتها اليمن خلال السنوات القليلة الماضية، لا سيما منذ اندلاع حرب 2015 التي شنتها مليشيات الحوثيين على اليمن شمالا وجنوباً، وما افضت اليه تلك الحرب من نتائج واقعية غيرت موازين المعادلة وانتجت واقعاً جديداً خاصة في الجنوب.

 

*حلول سطحية لصراع عميق:

تعقد وضع اليمن كثيراً نتيجة الحلول التخديرية التي وضعت لإنهاء الخلافات بدءً من قبول خطأ ما سمي مشروع الوحدة اليمنية ووضع ما بعد حرب غزو واحتلال الجنوب عام 94 وحتى اعلان ما سميت المبادرة الخليجية التي جائت لحل الخلافات والصراع على الحكم التي اندلعت في شمال اليمن عام 2011م وتواصلاً حتى انقلاب المليشيات الحوثية على سلطة هادي التي تولى رئاستها بموجب المبادرة الخليجية واشتعال الحرب في الشمال والجنوب.

هذا واقع اليمن الذي يشهد صراعاَ عميقاً، ويحتاج لحلول عميقة وليست سطحية، فأبرز عناوين الصراع يعود الى 29 سنة حيث الصراع بين دولتين كانتا قائمتين ودخلتا في مشروع خاطئ وفاشل سمي “وحدة يمنية عام 1990″ وانتهى الأمر بالوحدة الى حرب طاحنة في 1994 انتهت باحتلال دولة الشمال للجنوب.

ومما زاد واقع التعقيد في اليمن ان الواقع منذ 1994 انتج خلافات اخرى داخل البلد الموحد بالقوة وخاصة الصراع بين قيادات الشمال الذين اختلفوا على الحكم والنهب لثروات الجنوب، وصولاً بهم الى انقلاب مليشيات الحوثية الممولة من ايران على الحكم في صنعاء وتمددها نحو الجنوب لاعادة احتلاله، وهو ما رفضه الشعب الجنوبي المتهيء للمقاومة بعد سنوات من النضال السلمي، وبالتزامن مع تدخل التحالف العربي لمنع ايرانمن السيطرة على عدن وباب المندب عبر المليشيات الحوثية، حيث تمكن الجنوبيون فعلياً من تحرير ارض الجنوب وطرد مليشيات الشمال الحوثية وقبلها التابعة لتحالف 94 بين ” حزبي المؤتمر والاصلاح الاخواني”.

ومن حينها تغير واقع اليمن واستمرت نتائج الحرب على ما هي عليه منذ يوليو 2015 وحتى اليوم، حيث اصبح الجنوب مستبسلاً بقواته على حدود دولته التي كانت قائمة حتى العام 90، فيما المليشيات الحوثية في حدود شمال اليمن وتعجز كل قوى واحزاب اليمن من استعادة الشمال من ايدي المليشيات الحوثية الممولة ايرانيا، رغم كل الدعم المقدم لمقاومة الشمال وما يسمى الجيش الوطني .

*الحلول بحسب الواقع اليوم المعزز تأريخياً:

منذ تحرير القوات الجنوبية للجنوب والواقع في اليمن منصف تماماً كما يراه مراقبون، حيث استعاد الجنوبيون ميدانياً نطاق السيطرة على ارضهم بحدودها حتى العام 90، وهو مرتكز اساسي في واقعية الحرب التي تجري وتدخل التحالف العربي رغم ان عنوانها ” استعادة شرعية سلطة هادي” إلا ان ذلك اصبح غير ممكن وسط خيانات وانتهازية قوات تابعة لسلطة هادي يسيطر عليها جماعة حزب اخواني يعد “فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين” .

وبمناسبة الحديث عن حلول سياسية تجري تحركاتها في الخارج، فستكون اي حلول خارج نطاق واقع ما بعد2015 او تتجاوزه هي حلول سطحية لا طائل منها ولن تحقق غير الفشل واعادة الصراع ربما بشكل اكبر من السابق خاصة بين القوات الجنوبية والمليشيات في شمال اليمن، كما سيشكل أي تجاوز لدور التحالف العربي في اليمن .

ومن هنا يعتبر أي التفاف على الواقع وتجاوز التحالف العربي او تجاوز حل القضية الجنوبية وتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي في استعادة استقلال دولته، هو تعقيد للحل السياسي في اليمن، وتفخيخ مستقبل الجنوب والشمال كذلك بصراعات وحروب طويلة الأمد، وهذا ما تريده الشرعية اليمنية ومليشيات الحوثي وتروجه مسنودة ببعض الدول أو الاطراف الاقليمية او الدولية، وذلك للتكسب من الحروب، كما وصفها مبعوثي الامم المتحدة خاصة اسماعيل ولد الشيخ، وتقارير لجنة الخيراء بمجلس الامن المعنية باليمن والصادرين في 2017 و2018.

 

*من يرفض الحلول السياسية باليمن:

رغم طرح الامم المتحدة من خلال مساعي المبعوثين لها الى اليمن، العديد من ديباجات الحلول بشأن ايقاف الحرب، إلا ان تلك الديباجات ظلت حبراً على ورق نتيجة التخبط الاممي والدولي تجاه اليمن.
اضافة الى اثنين من اطراف الصراع باليمن خاصة ” الشرعية ومكوناتها ومليشيات الحوثيين ” ترفض التعاطي مع أي مقترحات او ديباجات للسلام، وتتعنت بعد ان تحولت قيادتيهما الى ” تجار حروب ” لكسب المال والدعم من الحرب، في ظل التصعيد العسكري الذي خلف ولا يزال الاف القتلى والجرحى، واثقل كاهل المواطنين شمالاً وجنوباً جراء الحرب والانهيار الاقتصادي ومعاناة انسانية جعلت اليمنيين في الشمال والجنوب على حافة ” المجاعة”.

*واقع الجنوب والحلول السياسية:

في الجنوب تشكل واقع جديد كنتيجة طبيعية للحرب التي شنتها أطراف الشمال على الجنوب لإعادة احتلالها، ولكن هذه المرة تحت قيادة ” مليشيات الحوثي الممولة من ايران” .
وهذا الواقع اعاد بوصلة الحقيقة في اليمن الى مسارها، حيث الجنوب طرف والشمال طرف، اختلفا على فشل مشروع وحدة تمت بين دولتيهما، فشنت حرب في 94 لاحتلال جنوب اليمن، لكن بعد 21 سنة استطاع الجنوبيون تحرير ارضهم من قوات اليمن الشمالي، واستعادة بسط سيطرتهم بمقاومة جنوبية محلية تشكلت خلال الفترة الماضية وزاد تنظيمها مع واقع بعد 2015 وتحولت لقوات جنوبية منظمة تدافع على الجنوب وتحميه من الارهاب.

وحققت القوات الجنوبية انتصارات أذهلت العالم ضد الجماعات والتنظيمات الارهابية حيث، تلقت كل فصائل الارهاب هزائم متتالية في كل محافظات الجنوب بدعم التحالف العربي خاصة دولة الامارات العربية المتحدة، ووصلت الى عمق الشعاب والوديان لمداهمة اوكار الارهاب والقبض عليها او قتلها، ومغادرة بعضها اراضي الجنوب خاصة شبوة وابين ولحج وحضرموت، وهو ما يتوائم والتوجهات الدولية التي عجزت عن مكافحة الارهاب منذ سنوات طويلة في اليمن.

وما تبقى للجنوب من المعادلة العامة لليمن والحرب الدائرة، هو الانفكاك السياسي وقطع ما تبقى من الخيوط الاقتصادية التي ربطها نظام ما بعد حرب 94 مع بعضها بشكل وثيق خوفاً من نهوض الجنوب يوماً ومطالبته باستعادة دولته، وهو ما حدث فعلاً.
وهذا الامر يحتاج لمساعدة دولية في المجال السياسي باليمن، للحفاظ أولاً على الجنوب بعيداً عن مليشيات ايران المتحكمة بالسطلة في شمال اليمن ومحافظاتها.

ولن يكون ذلك، إلا بمبادرات محلية يتم توفير لها دعماً دولياً، وتكون مبادرات سياسية تحمل حلول جذرية لقضية الجنوب وتؤكد على استعادة دولته وفق رؤية دولية تضمن سلاماً دائماً بين الشمال والجنوب، وذلك قبل أي حلول مجتزئة داخل اطار الازمات في شمال اليمن والتي تتفاقم بشكل كبير نتيجة تعقيد المشهد وتعدد القوى المتصارعة فيه بأثر رجعي تاريخية داخل التيار القاعدة الزيدية، او بين الطوائف والقبائل المسلحة.