fbpx
هجرات اليافعيين إلى الهند (6)
شارك الخبر

كتب – أ.د.علي صالح الخلاقي
تأثير المهجر الهندي في الشعر واللغة
————————————-
 نجد تأثير المهجر الهندي أكثر وضوحاً في الشعر وفي اللهجة اليافعية التي دخلت عليها بعض الكلمات الهندية، وأشعار يحيى عمر اليافعي “أبو معجب” خير دليل على ذلك. فقد تنقل كثيراً بين مدن الهند وزار مسقط رأسه أكثر من مرة، وعرج على بعض البلدان والموانئ المجاورة، لكنه كان يعود إلى الهند التي طاب له المقام فيها متنقلاً بين أكثر من مدينة مثل كلكتا ومدراس وحيدر آباد وبرودا، وأجاد اللغة الأوردية وألف وغنى بها هناك، ويبدو تأثير الهند جلياً في كثير من أغانيه، التي يطعمها بكلمات هندية, كما في قوله:
يحيى عمر قال أمانه يا هنود
 قولوا لنا بنت من ذي الهنديه
هل هي من الهند والاَّ من سِنُود
 تعرف رطين العرب بالهنديه
عبرت ليله وانا اسمع صوت عود
 في قصر عالي والحان ساريه
وقفت عالباب وهزَّيت العمود
 قالت “كياهي” خبركم غاويه
وكلمة “كياهي” الأوردية تعني “ماذا تريد” أو “ما الخبر”. كما نجد مثل هذه المزاوجة بين اللغتين العربية والأوردية الهندية في قصيدته الشهيرة “يحيى عمر شل الدَّان”، حيث يقول فيها:
بعد الآن، يحيى عمر شل الدان
 في الفتان، هندي ملك هندستان
ما يهتان، لله من ذا الهندي
(حاضر باش)، هندي برابر شاباش
 مثل الشاش، أبيض منقرش نقراش
عقلي طاش، مسكين انا ما جهدي
واستعمل في أحد أبيات القصيدة كلمة “صبر كرو” وهي لفظة هندية معناها “وتحلَّ بالصَّبْر”( ).
وقد انسحب تأثير المهجر الهندي على استخدام بعض المفردات الهندية في اللهجة اليافعية وكذا الحضرمية, مثل كلمة (حاضر باش) . ففي رسالة من الشيخ أحمد ابن الشيخ سالم ابن الشيخ أحمد إلى بني بكر في فاتحة شهر شعبان سنة 1239هـ, أثناء حرب يافع وتميم يحثهم على الجودة وأن يكونوا  وازعين (حاضر باش) أي أن يكونوا جاهزين وقت يطلبهم( ), وترد الكلمة ذاتها بنفس المعنى في
رسالة من المكلا إلى قاضي بني بكر عبدالحبيب بن أحمد حيدر, بتاريخ 3 رجب سنة 1227هـ يحثهم  للاستعداد بالرجال إذا طلب ذلك النقيب عبدالرب بن صلاح الكسادي وأن يكونوا لطلبه ( حاضر باش( ). وكمثال لتأثير المهجر الهندي في اللهجة اليافعية نورد النماذج التالية من الكلمات ذات الأصل الهندي( ):
– بَنَّد: أغلق الباب, أوصده .
– البِيَس: النقود, من الهندية “بيسه” وهي أصغر وحده من وحدات العملة الهندية في عدن, إلى منتصف القرن العشرين إبان الاحتلال البريطاني للجنوب, وتعد البيسه كسراً للعانة التي تتكون من عشر بيس. والعانة كسر للروبية التي تتكون من 16 عانة.
– البيمه: اليانصيب.
– تَالُوف: حلاقة شعر الرأس للذكور, وأصلها من “التالو” الهندية.
– سَامَان/سِيمَان: المتاع, العتاد, العفش.”من الهندية والفارسية”.
– سِرْكَال: كلمة هندية تطلق على الحاكم او الواحد من طبقة الحكام, ويُكنى بها الاستعمار البريطاني, وكذا يقال: “رطل سركالي”.
– شولي وجمعها “شَوَالي”: أسَاور نسائية من الذهب أو الفضة وغيرها.
– كَرّ: جمعها “كرور” كلمة هندية تدل على العدد مائة لك, و (لَكّ/لاك) وجمعها “لكوك” تساوي مائة ألف كَرّ. وترد هذه الكلمات في الأشعار الشعبية والزوامل كثيرا بفعل تأثير المهجر الهندي. ففي زامل لأهل يزيد يخاطبون (نوبة) بنوها في العهد القبلي فجاءهم الضرب منها وهم في طريقهم إلى لبعوس للمشاركة في زيارة المحضار, فقال شاعرهم( ):
سلام مني كَرّ, يا سُود العُكر
 ما كان واجب تحربي ذي أسَّسُوش
لو كان فيهم شر او فيهم عسر
 قد كان في البيضاء مصارعة الجيوش
وهذا الشاعر محمد سالم المحبوش الخلاقي (توفي 1952م) عند الذهاب في ثامن الزواج في موكب كبير مكوّن من 70 رجلاً ومعهم 70 رأس غنم, إلى بن سنان البكري الذي تزوج بنت عاقل خلاقة فوصف ذلك بقوله:
مني سلامي كر, مالجاهم عكر
 للدار لعصر, ذي عَمد به بن سنان
لا اتحطرم الجاهم ولا شن المطر
 كلاً يدور له من الجاهم كنان
وفي معنى (لاك) يقول الشاعر أحمد صالح عبسوق الجوهري في حفل زفاف محمد ضيف بعليل الراعي في قرية حصاحص – الحد:
منِّي سلامي لاك ، يا العالي مَلاك
 أربع قَسَمْ مَوْلاك ، وأربع للعصيب
واليوم لاشي جاك ، رَعْ يافع رِزَاكْ
 يوم القبل والمشرق ابتلهب لهيب
***
من بحث مقدم إلى ندوة (ظاهرة الهجرة اليافعية عبر التاريخ) التي نظمها مركز عدن للبحوث والدراسات التاريخية والنشر يوم 24سبتمبر2019م في كلية التربية يافع
يتبع غداً
أخبار ذات صله