fbpx
(( لاتَحشروا القِط في الزاويةِ ! ))
شارك الخبر

بقلم – علي ثابت القضيبي
   1/ وأنا أتعايشُ مع وقائع اللحظة بسوداويتها في جنوبنا ، تحضرني واقعة حدثت لأحدنا عندما كُنا صبياناً ، وهذا إتّسمَ بالرعونة في مسلكه وقراراته ، إذ قَرّر مرة أن يؤدب قطاً ، فأغلق عليه أبواب الغرفة ، وطفقَ يضربه بعصاً ، لحظتئذٍ إستحالَ القطٌ نمراً ، فأنتفخَ نافثاً شعره ونفرت مخالبه ، حتى عيناهُ جحضتا وموائه الوديع أصبح كالزّئير وهو ينطٌ مهاجماً في أجواء الغرفة المغلقة عليهما ، وخرج صاحبنا من الغرفة بعد كسر بابها من رجال حارتنا وهو مُثخناً بخدوشٍ وجراحٍ غائرة تملأُ جسده ، بل والرعب يُزلزل قلبه من القطط وحتى من رؤيتها والى اليوم .
   2/ ماانفكّ السّحق والطحن في جنوبنا الى اليوم ، وهذا منذو ثلاثين عاماً خلت ، والى اليوم تُحظرُ المرتبات الزّهيدة عن قُداميٰ عساكرنا المطحونين والمُسرّحين قسراً من وحداتهم وموظفينا ، وحتى العساكر المستجدين الذين إنبروا لمقارعة الحوثي محرومين من مرتباتهم ! والكهرباء والمياه في إنقطاعاتٍ مرهقة ، وكلٌ مانعيشهُ هنا لاتقبل به حتى أفقر شعوب الأرض ، مع أن أرض جنوبنا غنية بثرواتها المنهوبة من لصوص سلطة الفساد والعبث !
   3/ اليوم ايضاً ، وبغية الإستمرار في تركيع جنوبنا المحرر ، مع أنّ كل الشمال تساقط تباعاً في قبضة الحوثي عدا مأرب وحسب ، وهذه مهدّدة بالسقوط ، وهو مايُعززُ شكوكنا في كل مايدور ، يشتدٌ تضييق الخناق على جغرافيتنا ، ويتفاقمُ دس قُوى الضد والإرهاب وتسريبها الى داخل جنوبنا ، وكلٌ هذا يعطينا قراءة جلية لما يُحاكُ لنا ، وهي لاتقبل تأويلاً ٱخر ، وخلاصتها : ( إمّا أن نستمر في دوسكم وتركيعكم ، وإمّا أن نقتلكم ! ) وهي قراءة لايقبل بها أحدا ، بل ومهما كلّف الأمر ..
   4/ شقيقتنا السعودية ، وهي جاءت هنا على رأس التحالف العربي لنصرة السلطة الشرعية كما تدّعي ، مع أنّ التحالف قد إنفرط عقدهُ ولم تبقَ إلا هي ، ومع ذلك يفصحُ أداءها في مهادنة سلطة البغي الشرعية ، وهذه الأخيرة تخاذلت تماماً في القتال لإستعادة شرعيتها ، بل وأفصحت عن أداءٍ خبيثٍ بتسليمها المُهين لمحافظاتٍ تباعاً للحوثي ، في الوقت الذي تُظهرُ فيه المملكة موقفاً مُحيراً في ردّة فعلها معها ، وهذا يُثيرُ تساؤلات جمّة ولاشك .
   5/ دأبت الشقيقة السعودية على إتخاذ مواقف هُلامية مطّاطة عند دخولها الحروب في ساحتنا ، وهذا عائدٌ الى سياساتها المُشوشّة ولٱليّات إتخاذ القرار في منظومة حُكمها العائلي ، فهي تخوضُ في الحروب لسنواتٍ طوال ، مع أنّه بحساب عتادها من المفترض حسمها في أجلٍ قصيرٍ ولاشك ، لكنّ المملكة كما يبدو لم تضع حساباً بأنّ الأنياب مُكشرةً نحو جغرافيتها الشرق أوسطية ايضاً ، كما ولن يكون للمخزون المالي والنفطي الهائل خاصتها إعتباراً أو حائلاً أمام نوايا الشرق الأوسط الكبير الذي خطط له المُتحكمين بعالمنا ، وهذا عائدٌ لها في تقدير مسألة الإحتفاظ على الأقل بصديقٍ أو أصدقاء جِديين حولها وفي محيطها ،  وربما قد يقفون معها بثباتٍ وقت الضائقة ، ووقائع الأحداث اليوم تفرز الغثّ من السمين بهذا الصّدد .
   6/ أيّاً كان مايدورُ في جغرافيتنا الإقليمية هنا ، فنحن – الجنوبيين – أفصحنا جلياً عن موقفنا ، وعن رفضنا القاطع لديمومة العبودية على كاهلنا ، ثمّ أن أي إنكسارٍ لنا يعني أزلية عهد الإستعباد والخضوع للٱخر ، هذا إن لم تُنصبُ لنا المشانق في الشوارع ، وسيكونُ التنكيل بنا على أشدهُ ، ولذلك من المهم عدم اللجؤ الى حشر القط في الزاوية الضيقة ، فهذا تبعاتهُ غير طيبة وكارثية ولاشك .. أليس كذلك ؟!
     ✍ علي ثابت القضيبي .
   الخيسه / البريقه / عدن .
أخبار ذات صله