fbpx
اجتماعات الرياض مواجهة بين مشروعين

د عيدروس نصر.
ما أتحدث عنه هنا هو الاجتماعات المكثفة بين أجنحة الشرعية التي تتخاطفها (الشرعيات المصغرة)، والتي جاءت في ضوء إصرار الأشقاء في التحالف العربي على ضرورة وحتمية التنفيذ الشامل لاتفاق الرياض، ولعرض الفكرة التي وددت مناقشتها أشير إلى القضايا التالية التي يمكن اعتبارها مسلمات لم تعد تقبل المناورة، على الأقل بالنسبة للغالبية العظمى من الجنوبيين ومن باب أولى لنشطاء وأنصار المجلس الانتقالي الجنوبي:
* إن تمسكنا باتفاق الرياض لا يعني أنه يمثل مكسباً لنا أو أن الطرف الآخر قد خسر شيئا فيه، بل على العكس أن التنازلات التي قدمها المجلس الانتقالي كانت مريرة، لكنه فعل كل ذلك من أجل الجنوح للسلم وليس طمعاً في مكسب.
* ومن هذا المنطلق فإن اتفاق الرياض لا يعني أي شيء بالنسبة للقضية الجنوبية، فهو إذ لم يقدم شيئا من أجلها فإن الموافقة عليه لا تعني بأي حال شطب القضية أو التخلي عنها.
* لقد كشف اتفاق الرياض تنافراً واضحاً بين المجاميع المحيطة بشرعية الرئيس هادي والتي احرص على تسميتها بـ(الشرعيات المصغرة).
* إن مصدر التنافر لا علاقة له بالقضية الجنوبية، لأن الطرف الذي يمثل القضية الجنوبية لديه ميدانه وَجمهوره وفريقه الذي لا يشارك في تلك المناقشات، بل إن التنافر يقوم بين طرفين متبلورين داخل معسكر الشرعية لكل منهما مشروعه المتميز:
1. طرف يرفض التدخل التركي في الشأن اليمني وهو ليس قليل الثقل داخل الشرعية، لكن مشكلته أنه مشتت القوى وضعيف التماسك، ويفتقر للشعبية في الداخل (الشمالي والجنوبي) ومحتاج إلى كسب ثقة الجماهير وتحسين صورته في الداخل، وهذا الطرف يمكن بعد تحسين مواقفه وبلَورة خطابه السياسي وتمتين تحالفاته، يمكن أن نسميه الطرف المتبني للمشروع العربي، وميزته أنه يرفض المشروع التركي جملةً وتفصيلاً.
2. طرف آخر يمثله أنصار المشروع التركي داخل الشرعية وهو المتنفذ والَممسك بمعظم مصادر صناعة القرار وما يعيقه من اتخاذ القرار لدعوة تركيا للدخول العلني في اليمن أمر واحد وهو وجود الرئيس وكل القيادات السياسية والعسكرية والتنفيذية في المملكة العربية السعودية (التي يستهدفها المشروعان الإيراني والتركي) لكن جزء من ممثلي هذا الطرف ممن لا يقيمون في الرياض قد جاهروا علنا بدعوة تركيا للتدخل في اليمن، وعقد بعضهم اتفاقيات مع الجانب التركي.
ويبقى موقف المملكة العربية السعودية التي تستضيف ممثلي المشروعين وتغدق عليهم بحسن الاستضافة وكرم قادتها المعروف، وهذا الموقف لا أظنه ينم عن عدم دراية بتفاصيل المشهد “فصاحب البيت لا يمكن أن يجهل نوايا ضيوفه” خصوصاً وأن بعضهم قد قاربت مدة استضافته السنوات الست، لكن معظم المحللين يرون ان المملكة لا ترغب في فرض تغييرات دراماتيكية مباشرة في بنية الحكومة الشرعية وتفضل ترك الأمر لليمنيين ليعالجوا مشكلاتهم بأنفسهم، بيد إن الكثير من متابعي المشهد يتعجبون ويتساءلون: كيف تستضيف المملكة من يخدمون اجندة خصومها ويسعون لتقويض جهودها ويستخدمون دعمها المالي والعيني، بما في العسكري لهم ليقدموه هدايا مجانية لأعداء السعودية وأعداء المشروع العربي، وحتى متى تغدق في كرمها على من يضمرون لها كل الشرور؟
وأخيرا ما تعرضنا له لا يتعلق بالقضية الجنوبية، فالطرفان المتواجهان داخل الشرعية لا يختلفان حول بقاء الجنوب كحالة غنيمة بيد الفاتحين في ٧/٧ وأفضلهم من لا يهاجم الجنوب أو يدعو إلى تأجيل النظر في القضية إلى ما بعد هزيمة المشروع الإيراني، تلك الهزيمة التي لا تلوح في الأفق وقد لا تأتي على ايدي تلك القيادات الشائخة ذات الكروش المنتفخة والاوداج المتورمة والأرصدة البنكية المتضخمة من المصادر المشبوهة.