fbpx
حكاية واقعية من زمن ثوري – ( حمْران ) – وبقرتي ( حُميرا ) ..!!

فضل المحلائي

في زمن ثوري ( حمْران ) وبقرتي ( حُميرا ) – كانت الحياة بسيطة وغير مُكلفة ورخيصة وليس فيها من العناء والشقاء الكثير وفي متناول اليد غالباً , ففي بداية سبعينات القرن الماضي وهي المرحلة التي وعيت فيها بوجودي على وجه الأرض وكان كل عالمي المحيط بي هي قريتي الصغيرة والقرى المجاورة وما جاورها فهي بالنسبة لي بداية ونهاية العالم والكون في قرية ( الذنبه ) – وادي – ( دي ردم ) – أحد مناطق ( ردفان ) – ففي فجر يوم سبت من العام 1971م يوم من الدهر انطلقت برفقة والدي رحمة الله تعالى عليه إلى سوق القراش ( الجلب ) – وهي سوق أسبوعي وعمومي تباع فيه كل أنواع البضائع التجارية من مآكولات وملبوسات وخضار وفواكه واللحوم وخلافه ويطلق عليه سوق ( السبت ) – ويقع في مركز ( حبيل الجبر ) – الإداري , ففي  فجر ذلك اليوم خطمت ثورنا حمْران متجهاً صوب السوق ومن الخلف والدي يزع الثور زعا وصلنا إلى السوق قبل طلوع شمس ذلك اليوم الأغر , مع بزوغ الشمس بدأت الحركة تدب في السوق شيئاً فشيئاً وفي الساعة الأولى من حركة السوق تم ابتياع ثورنا المحبب إلى عقولنا ونفوسنا ثور الحراثة وأبن بقرتنا ( حُميرا ) – ( حمْران ) – بــ ( الف ومئاتان شلن ) – صاح وهلل وكبر من في السوق ( 1200 ) – شلن يا للهول أوراقه الحمراء الأثنتى عشر زاهية المنظر شلن ينطح شلن على قولة أخوتنا المصريين ( لحلوح ينطح لحلوح ) – كانت الفرحة حينها غامرة لحصولنا على هذا المبلغ ولكن بنفس الوقت كانت الحسرة والندم والألم بادية على محيانا لفراق ثورنا العزيز , تم ابتياع ثورنا المدلل بسبب الحاجة أولاً والسبب الآخر الوجيه هو دخول المكننة الزراعية الحديثة مع ظهور الحراثات والتراكترات , بعنا ثورنا يومها وفي نفوسنا غصة في الحلق وألم في القلب على فراقه لأنه أبن بقرتنا حُميرا وتربى في عقر دارنا وزريبتنا وأضحى بيننا وبينه ألفة لا ينفك عراها , أما بقرتنا حُميرا المحببة إلى نفوسنا هي الأخرى أكثر لأنها كانت لها صفات ومميزات نادرة حيث كانت سريعة ( العتر ) ( العدو ) – ولهذا ضُرب بها المثل الردفاني الشهير ( كلما عترين البقر عترت حُميرا ) – فكانت حُميرا تجمع بين الحركة والبركة تدر علينا لبناً وحقيناً وسمناً سائقاً ولكن وا- أسفاااااااه – تم ابتياعها مع بدايات   ( الوحلة ) – وحل عوضاً عن خيرها حقين ولبن وزبادي – ( زبادي أمهنا زبادي طول أمسنه ) – وسمن القمرية من يماني – يماني دوماً الأصلي , في ذلك الزمان والمكان وسقاهما الله ورعاهما من زمان ومكان زمان ثوري حْمران وبقرتي حميرا زمان المد الثوري وثورة الكادحين أيام العلم والعمل , أيام الكد والجد والأجتهاد , أيام الخلق والإبداع , أيام الأفراح والليالي الملاح والذي يحلوا للعلاقمة وجماعة أبي رغال أن يطلقون عليه زمن النظام الشمولي البغيض إرضائاً وخدمة لأسيادهم ( الأحامرة والعفافشة ) – طمعاً في الثواب وخوفاً من الحساب والعقاب ,ففي ذلك الزمان وفي عهد قيادات الجنوب ودولة الجنوب دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية كانت الحياة هنيئة والمعيشة رضية والناس متواضعة وفي أحسن سجية لا يوجد في عقولها وقلوبها مكاناً للحقد والغل وبالعودة إلى أصل الحكاية من البداية وما نحن بصدده أحاول في هذا المقام والمقال أن أسرد لكم قائمة ببعض من الإيجابيات التي كانت متداولة يومها أيام العز وأكل الوز أيام دولة الجنوب , إليكم قائمة ببعض الأسعار حينها في زمن النظام الشمولي البغيض حسب تعبير ( الغلمان والخصيان ) حسب أدناه :

الكيلو اللحمة ضان وتيوس وعجول الكيلو الواحد خمسة عشر شلن , الكيلو اللحم الكبير بقري بعشرة شلن , قراع ( صبوح ) فول ( فوليتزيم ) وسليط معصرة بلدي أو سمن بنادري أصلي مع روتي أبو صندوق يقرمش قرمشة معمول من البر الاسترالي الفاخر في مقهى ( سعيد كبع ) – بأثنين شلن تتعالى الأصوات حينها لحقة بنص شلن يا عم سعيد , أو كبدة وكلاوي وقلوب بخمسة شلن , غداء زربيان باهر بخمسة عشر شلن أو صيادية فاخر في مطعم الميدان بعشرة شلن أو  برمة لحم بلدي رضيع سنونه على اللبن في مقهى الوهطي بدار سعد بخمسة وعشرين شلن , برمة لحم بلدي ضان وتيوس وعجول دينار واحد , عشاء في مخبازة العسيري أو الدكة وغيرهما من المخبازات بخمسة شلنات , أو حبة دجاج مُحمر من مطعم ( ديولكس ) أو مطعم ( البحر الأحمر ) أو مقهى ( زكو ) – بعشرين شلن آكل يا أكال ( شاباش هكذا شاباش وأما بلاش ) – اليوم هناك من يقتات من فضلات القمامات والزبالات في عهد ( الووووحلة ) – كثر بنكنوت الفلوس على قولة الحضارم ( العدي ) – ولكن ما في أبوها بركة على قولة – ( سالمين حسين الحضرمي ) – الله يرحمه ( شل لأبوها قاري وأكتب عليه كمر ) – اليوم في العهد ( الوحلوووي ) المبارك ما بش حتى كراعين وفشه ( كرشه ) – ياملاعين يا أبناء الملاعين شقانا فين وثروتنا أين راحت ؟!- أيام دولة الجنوب ونظامها الشمولي البغيض حسب تعبير أصحاب الملفات ( الخمبقانية ) – والملفات ( الرمبغانية ) ..!! – ما كان حد يلبس لا باله ولا بالي ولا من الزباله الكل في كل شهر جديد وعيد سعيد يحصل التجديد وبسعر زهيد , كانت بدلة الطفل من ساسه إلى رأسه سعرها لا يتجاوز دينار ونصف ومن أجود أنواع الملبوسات , أيام النظام الشمولي البغيض حسب تعبير ( الطراطير والمماعير ) – الحبة ( البطيخ ) ( الحبحب ) – حجم كبير ومذاق سكري منها العقل يحير ويطير بخمسة شلنات , الحبة ( البرذيخ ) ( الشمام ) – حجم كبير باثنين شلن ونصف وأنتخ لك يانتاخ وآكل ياشعب وأفرح وأمرح وخلي الدنيا تطرب وتعزف عزيف , المانجا والموز والعاط ( الاستعفل ) – بسعر التبن ومذاقه مثل ( القند ) – من الحقل والمزرعة طازج وناضج من اشجاره لا حومرة ولابودرة ولا مسكرة ولا صنفرة ولا مرشوش ولا مغشوش ولا معطوب ولا مضروب ومثقوب بسبب المواد الكيماوية المسرطنة التي ترش على اشجار الفواكه والخضروات كما هو حال اليوم والتي تعد السبب الرئيسي للإصابة بوباء وبلاء السرطان حسب تقرير منظمة الصحة العالمية , في أيام النظام الشمولي البغيض حسب تعبير ( الفناكشه والبناكشه ) – يومها كانت العلبة الطماطم من أنتاج مصنع الفيوش كثافة 100% طماطم أحمر قان لا مخلوط ولا معلوط ببطاطا ولا برماطا , الكيس الرز بسمتي درجة أولى وزن ( 50 ) – كيلو بمئاتان وخمسون شلن , العلبة من حليب ( الدااااااانو ) – المجفف الفاخر بعشرين شلن وعندما تم رفع سعرها إلى ( 25 ) شلن العام 1984م خرجت الجماهير محتجة وحطمت واجهات المجمع الاستهلاكي بالمنصورة , في ظل حكم النظام الشمولي البغيض حسب تعبير ( المُركعين والمكوعين ) كان التطبيب والتعليم مجاناً من رياض الأطفال وحتى الجامعة وفي العام 1983م وفي عهد السيد الرئيس ( ناصر ) – اختيرت بلادنا ضمن خمسة بلدان نامية طبقت شعار الصحة والتعليم للجميع من قبل منظمة الصحة العالمية ومنظمة التربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو ) – هكذا كان النظام الشمولي البغيض القائم في الجنوب حسب تعبير ( الشعاطيط والبعاطيط ) – لقد كانت دولة الجنوب حقاً وعدلاً دولة ذات عزة وكرامة وسيادة يهابها الأعداء ويحترمها الأصدقاء دولة ( تقط المسامير ) – وتردع كل ( أجير وحقير ) – يخون وطنه وشعبه يا ( أبواق ) – يا ( مزامير ) وليس كحال ( تولة ودلالة ) – باب اليمن المطنشة والملطشه من قبل القاصي  والداني , إللي يسوى وإللي ما يسواش , لقد كان في عهد النظام الشمولي البغيض حسب تعبير جماعة ( البقششة والدحبشة ) – المواصلات شبه مجانية وللطلاب إلى مدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم والعمال والموظفين إلى مواقع عملهم مجانية في مواصلات النقل البري باصات خطوط عدن الداخلية الأجرة شلن واحد , عدن حضرموت ستون شلن , أو مقعد على متن طيران ( اليمدا ) – عدن الغيظة ثلاثمائة شلن لا غير , تروح المستشفى مريض أو حتى فحص روتيني المقابلة مع الدكتور مجاناً , الكشف الطبي والتحاليل مجاناً , الأشعة وتوابعها مجاناً والدواء مجاناً والترقيد إذا لزم الأمر واستدعت الضرورة مجاناً وإذا تطلب الأمر العلاج في الخارج الدولة تتكفل بكافة نفقات السفر والعلاج على ضوء تقرير طبي مُعتبر ومُعتمد من اللجنة الطبية المختصة وما بش هناك تقرير طبي مجاملة على شان خاطر عيون الأفندم وأبن الأفندم ولا عن طريق الرشوة من تاجر غشوة حق الغداء والعشوة , الأسماك واللحوم على قفا من يشيل كان الحوت ( الديرك ) – والحوت ( السخلة ) – بعشرة شلنات وكان يصل إلى المرتفعات والمناطق الجبلية على متن سيارات التبريد نوع فيات , اليوم في عهد ( المتشعوذين ) – ومن تحالف معهم وتبعهم وسار على نهجهم ودربهم من ( المتشعبطين ) الذين جلبوا لشعبنا الجنوبي الأحمال والأثقال وكثرة عليه الحركة وقلة البركة . اليوم وصل سعر الكيلو اللحمة إلى عشرة الف ريال والحبة الدجاج ثلاثة ألف ريال وسعر القرص ( الملوج ) – مع – ( الحلبه ) – في زمن – ( العلوج ) – إلى ألف ريال والفحسه مع حبتين كدم إلى ألفين ريال في زمن اللحسه والسلته مع واحد رشوش إلى ثلاثة ألف ريال في زمن الفلته وأضحت قيمة ثورنا يومها تساوي اليوم قيمة ( سبعة زبادي ) – يا ناطق الحكومة ( راجح بادي ) يا حكومة الدبور وحفارين القبور, لقد كان العامل والفلاح والموظف والمسئول في الجنوب كلاً رقيب على نفسه والدولة ومؤسساتها عليهم رقيب ورب السماء على الجميع رقيبا , هكذا كان حال الجنوب وأهله ليس كما هو حال اليوم وحال الأمس القريب في ظل حكم ( العفافيش والكناديش ) – في بلد ( الملصاصه والملطاشه ) – المسئولين لصوص والتجار لطوش ويافصيح لمن تصيح وأذن من طين والأخرى من عجين – أنه زمن القروش وحيتان الكروش , أليس أيها ( الحقراء والأجراء ) – زمن دولة الجنوب الزمن ( البغيض ) – كما يحلوا لكم تسميته أفضل من زمنكم الزمن ( المريض ) – وزمن – ( الكريض والقمط والقميط ) – هكذا كانت الأحوال في زمن دولة الجنوب ( الخير وافر والديار عامر ) – والدولة لها هيبتها والقانون سيد الموقف ومُطبق على الكبير قبل الصغير وليس كما هو حال الدولة ( الرخروخية ) – ( دويلة باب اليمن ) – هكذا كان الواقع في زمن الراحل الشهيد الرئيس سالم ربيع علي ( سالمين ) – رحمة الله تعالى عليه وهكذا كان الحال في عهد السيد الرئيس ( علي ناصر محمد ) – لقد كان عهد ( سالمين ) جميلاً ومثمراً وكان عهد ( ناصر ) أكثر جمالاً وروعة وأزدهاراً إلى اليوم الذي نَزغ الشيطان بين قيادات الجنوب وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير وأوصلتنا إلى باب ( الجفير والنفير ) – والحق يقال أن الدولة في الجنوب أرتكبت بعض من الأخطاء بحق فئة قليلة من الناس لا نقر به والحلو كما يقال ما يكتملش ولكن أخطاء اليوم والأمس القريب في ظل حكم الوحلة عميقة وفضيعة عمت الشعب المكلوم والمحروم من أبسط حقوقه ,اليوم كثرة الحركة وقلت البركة , ألم أقل لكم أن زمن ثوري حُمران وبقرتي حُميرا خير من زمن الحُمران والأحامرة وآل الأحمر ؟! – ألم أقول لكم أن زمن دولة الجنوب أفضل وأحسن من زمن الحُمر والحُميران ؟! – سلام لك يا ثورنا حُمران المبارك يلي قرونك ( مشعبة ) – وسلام لك يا بقرتنا حُميرا المباركة يلي قرونك ( مرجبة ) ولا بارك في ثيران العفافشة والأحامرة والحمران وآل الأحمر ومن عتر بعدهم .

الهامش :

  • عترين : جرين والمفرد عترت والعتر هو الجري والعدو السريع وتقال للبقر .
  • شعاطيط : مفرد شعطوط وشعطور من شعاطير وهما الثياب الرثة البالية والمترعبلة .
  • الكريض : من كرض الشي حشاه بأمور غير نافعه .
  • الحُميران : سوس الحبوب والطحين .
  • الحُمر : الحمير الوحشية .
  • مرجبة : يقال قرون مرجبة طنزاء وملساء وفتاكة عند المناطحة .

 

فضل محسن المحلائي