fbpx
المكلا بلْدة للجميع … صنعاء فحسه و سلتهْ للجميع …!!

البلْدة بسكون اللام لايقصد منها في المصطلح المكان الجغرافي بل هي عبارة عن ( نجم موسمي) أو بالأحرى تيارات ودوامات بحرية عالية جداً وباردة وليس كما توحي وتغمز  به اليافطات الإعلانية  العابرة  للحدود – و- ( القوارض ) القادمين معها من المغارات و الغيران      و الكهوف ومن خلف أسوار التاريخ – بقايا و مخلفات جند ( الهاروتية ، و الارياطية ،           و الباذانية ، والتركيانية  )  , تهب هذه التيارات على ساحل مدينة المكلا والمديريات الساحلية لحضرموت  قادمة من أعماق المحيط الهندي، والبحر العربي ـ تؤدي إلى تلطيف برودة البحر للهواء السطحي واشتداد حركة الهواء بالسواحل مصحوبة ببخار الماء الكثيف المنبعث والذي تنعدم فيه الرؤيه رأسياً وأفقياً ، لا يقوى الغوص في هذه التيارات الباردة إلا ذوي ( العضلات المفتولة والمناخير المجلفة) وهي علاج لكثير من الأمراض وخصوصاًَ الأمراض الجلدية ، والبلدة هي كذلك مناسبة وموسم سياحي وترفيهي يحتفى به كل عام إعتباراً من 15/ يوليو ولمدة إسبوعين تتخلله الكرنفالات الرياضية ،والمهرجات الخطابية والفلكورية رقصة العدة ، والشبواني وعلى قرع الطبول وموال المزامير تنتهي البلدة وتستمر العروض حتى منتصف أغسطس وهي مسك الختام ـ أما( السلَتهْ) فهي وجبة شعبية مكونة من عدة عناصر غذائية من مكوناتها الرز، البيض ، الفلافل ، البهارات ، اللحم المفروم وعدد لا يحصى من أنواع الخضار ،  كل هذه الأصناف تمزج مع بعضها لتكوّن مادة غذائية متكاملة وتطبخ على نار عالية الحرارة داخل وعاء يسمى ( الحرضة).. وأمام المطاعم التي تجيد هذه الصنعة يقف طابور طويل من الرجال كلاً بانتظار دورة في الحصول على السلته ومن مكملات ومتبلات هذه الوجبة . الخبز الملوح ، الكدم ، الفحسة ، الحلبة ، السحاوق، هذه الوجبة غزت كثير من المناطق بأشكال وصور متعددة .. تقدم بأرحي أوطري ، طازج أو مجمد لا يهم الأهم ملىء البطون .. فهي للمتعجب المتأمل فرجه ما يزيد عن عشرون نفر يفترشون الأرض في حلقة مستديرة حول كل   ( قصعة حرضة) أيادي تتقاذف وتهوي من كل حد وصوب تجاه قصاع الحرض .. وترى الآخرين في طابور بانتظار دورهم في الحصول على السلته . ترتفع الأصوات ، تحدث ضوضاء وجلبة .. يتطاير الهباء ، يثور القتام تعلو الأصوات باشر يرحم والديك : باشر يا( خبير الأفندم) لم يلبى الطلب بسرعة ـ ( يا ملعون والديك ياحمار باشر الفندم ) يختلط الحابل بالنابل قذع، ولعن، سب وشتم نشر غسيل ليس عليهم في(الكذب و النصب والسلب و النهب  واللطش والبطش  ) من حرج ملة أبيهم ( ….!! )هو سماهم ( الحرافيش)..!!هيلمانه وجلبه على الرصيف المقابل رجال يتمنطقون  بالجنابي فهي ( زينة الرجال)، باعة متجولون بضاعتهم خردة وثياب رثة بالية ممزقة ، ومترعبلة ضوضأ تلعلع إلى عنان السماء( يا حراجاه يا رواجاه ).. وبين البائع و الشاري يفتح الله ثياب كهذه تعد مصدراً لأمراض الحساسية ، الجرب ، البهاق و لامن رقيب ولا حسيب وبالعودة إلى تقصي ومعرفة المصدر أو المعنى لكلمة (سلته) فلا أثر لها في قواميس اللغة – ومعاجم التراجم .. ففي كتاب الأغاني لأبي  ( فرج الأصفهاني) توجد لفظة موازية وبما يقارب هذا المعنى ( سَلتَهُ )  بالفتح وضم الهاء أي تناول ما فيه –   وأول من نطق هذا اللفظ ( يكرب الزبيدي ) .. معاتباً أبنه ( معد ) حينها تم إحضار طعام لهما فقام معد بالتهام كل الغذاء ولم يبقى لوالده يكرب شيئاً فقال له: لقد سلتته أي( التهمته كله) فقد يكون الاشتقاق لكلمة سلته من هذا اللفظ  والله أعلم ،وفي  أيرلندا وعند قبائل ( الساكسون ) قديماً  توجد لغة تسمى ( السلتيه ) وهنا أجزم قطعاً أنه لا يوجد رابط بين اللفظتين – الكلمتين إنما تشابه لغوي و المعنى المراد مختلف والله يخلق من الشبه أربعين.

كل عام والمكلا بلدة للجميع … وصنعاء  فحسه سلته للجميع .

                    ورمضان مبارك ومناسبة مباركة وكل عام والجميع بألف خير ..