fbpx
الحراك الجنوبي في موضع الشبهة !

الحراك الجنوبي في موضع الشبهة !

أبو عهد الشعيبي

في مقال سابق لي وقبل حوالي شهرين وأكثر كنت قد قدمت وجهة نظر من خلال قراءة متواضعة لبعض مشاهد قتل أبين ,حمل عنوان بصيغة إستفهام ( لماذا لا يحارب العالم القاعدة في أبين ؟ ) ,واليوم وبعد حوالي شهر ونصف على إندلاع حرب أنصار الشريعة على مدينة لودر الجنوبية ,وما يقارب العام وأكثر منذو بدأ حرب سيطرت هذه العصابات المسلحة على بعض المدن الاخرى في محافظتي أبين وشبوة فأني ولوجهة نظري ايضا أعود لتسجيل بعض الملاحظات البسيطة تجاه هذا الظلام المخيف الذي لا يزال يلف هذه المنطقة ومن بين أحشاءه السوداء تمتد أياد القتلة والمجرمين لتحرق الأخضر واليابس لتفني كل تفاصيل الحياة هناك على مرءئ ومسمع من العالم ..

في ما مضى قالوا وقلنا أن الأمر قاعدة وإرهاب وأن هذه الشرور والفواجع والأعمال ليست إلا من صناعة هذا العدو الخبيث ,وقالوا وقلنا مخطط إحتلالي هدف ويهدف إلى خلق الفوضى العارمة في الجنوب لشغل أبناءه ببعضهم ,ولـ خلط أوراقهم وعجن أولويات إهتماماتهم تجاه المستجدات في الأوضاع بالساحتين الجنوبية واليمنية حتى تفوت عليهم فرص تحقيق بعض المكاسب السياسية والثورية بفعل تأزم الوضع بين أطراف الإحتلال في صنعاء وباقي مدن بلد الإحتلال اثناء ما كان يسمى بثورة التغيير المنتهية ,قالوا وقلنا ايضا قاعدة حقيقية موجهة فكرياً وعقائدياً من جانب كبار قادتها ومشائخها المنتشرين في بقاع شتئ من العالم ..

لقد قلنا وقال الكثيرون من حولنا الكثير والكثير عما دار ويدور على أرضنا ,كل ذلك لم يكن إلا تنجيماً وتخميناً ,وبينما نحن نخوض حرب التنجيم في بيوتنا ومجالسنا ومواقعنا الحوارية بالتزامن كان عناصر الظلام يبسطون النفوذ طول بعرض دكاً وسحقاً ببشاعة مخيفة جداً ,سحقوا مدن بأكملها وشردوا مئات الألآف وقتلوا وأسروا الألآف ايضاً ,وأعلنوا على الأنقاظ ولايات إسلامية وأنشأوا مقار حكم ومحاكم ,ونصبوا المشانق وجزوا الرؤس وقطَعوا اليدات ,ومضوا في تنفيذ مخطط لا شك بأنه معد ومرسوم وممول سلفاً ,وهم كما نسمع ونشاهد مستمرون وبقوة إلى ما لا نهاية..

واليوم يبدو لي أن كل ما قلناه ورددناه خلال ما مضى من أيام كان خارج دائرة الحساب الصحيح ,ولنرى أين نحن وعلى أي معطئ نقف لنتبين ذلك ,وأين نحن من حقيقة كل الموجود حتى ندرك بأننا وما هو شاننا وأقصد بسطاء وعوام هذا الشعب خارج نطاق المعرفة تماماً ؟ وبعد أن تيقنا بأننا أمام وضع لا يراد لنا فيه وبتعمد أن نكون على بينة ووضوح فأنه من المؤسف أن تشترك جهات متعددة لمحاصرتنا وعزلنا عن السبيل السليم والنور الساطع ومنها جنوبية..

لقد خذلنا الحراك الجنوبي ممثلاً بنشطاءه وقادة فروع مكوناته في محافظتي أبين وشبوة ,فطوال الفترات الماضية لم يقدموا للراي العام المحلي ولا الدولي غير الفشل الذريع والفضيع في التعاطي مع حيثيات وأحداث ما يُعتمل على الأرض ,فـ لا موقف مبني على حقيقة ولا معلومات كافية ولا صورة إعلامية واضحة عن حقيقة ما يدور ولو باللونين ,وكما شاهدنا فقد ألتزم الجميع السلوك السلبي تماماً وكأن لا شأن للحراك السلمي بمخططات الموت ,ولأن الحراك هو المسؤل الأول سياسياً ووطنياً تجاه شعب الجنوب بهذه المرحلة ,وهو الجهة المعلومة للعالم على أنها تمثل ثورتنا التحررية فأن الواجب كان يقتضي إن لا يظهر بهذا الحال من إللا مباله والعجز تجاه شعبنا والراي العام المحلي والدولي في تحليل وبيان الحقائق ورصد كل ما يدور على تفاصيل الأرض الجنوبية ,أما وقد وصل الحال إلى ما نحن عليه فمن المنطق جداً القول من جانب أي من كان بأن الحراك وبهذا الموقف المتخاذل إنما يكون ومن حيث لا يعلم أو العكس قد أعطأ إنطباع للمتابع والمهتم المحلي والعربي وكأنه جزء من إدارة هذا الصراع الغير واضح الأهداف والمعالم والمآرب على أرض أبين ,ولا مبرر أبداً للقول على أنه وقادته لا يفقهون ولا يعلمون بحقيقة ما يدور في مناطقهم وهم أبناء الوطن بل والجهة السياسية التي يفترض أن تكون الأكثر إلماماً ومعرفةً بكل تفاصيل الأمور من حولها ,ولتأكيد هذا التصور لدى الآخرين عن الحراك فقد كتب بموقع جنوبي بوقت سابق من هذا الشهر أحد أبرز قادة الحراك وهو من أبناء محافظة أبين ,كتب إعترافاً أكد من خلاله بكل صراحة ووضوح على أن الوضع في أبين ليس أكثر من لعبة سياسية ورقية وأن كل أبناء أبين بكل إنتماءاتهم وتوجهاتهم الوطنية والحزبية والفكرية والسياسية يعلمون حقيقتها ومآلاتها ولكنهم بتعمد وبإتفاق فيما بينهم لا يرغبون بالإفصاح عنها وأبعادها في الظرف الراهن بحسب قوله ,وهذا الإعتراف وحده يكفي لوضع حراك أبين في موقع الشبهة من لعبة التدمير وسفك الدم التي تُزهق فيها أرواح الناس ,وكان آخرون عُرف عنهم الإنتماء السياسي للحراك السلمي قد تبنوا ايضاً مواقف تتبنأ منهج الإرهاب في أبين وتأييد أنصار الشريعة ,وإزاء ما صدر عنهم لم يحدد الحراك الجنوبي رسمياً موقفاً واضحاً منهم وإلى اللحظة ! ….. والسؤال :- لماذا ؟

أما الإحتلال فـقد حارب بـ خجل وقدم العتاد والمعسكرات بكل ما فيها للعصابات المسلحة في لعبة أسماها الحرب على الإرهاب في أبين حتى أصبح عناصر الأنصار ممولين بكل الإمكانات من عتاد ومؤن ومال والخ كغنائم من وراء هذه الحروب الوهمية التي خاضوها بجبهات شتئ مع جيش الإحتلال ,والواضح جداً اليوم وبعد مرور كل هذا الوقت أن رأس النظام في صنعاء ممثلاً بالرئيس اليمني الجنوبي الأصل -من مواليد ابين ) عبدربه منصور هادي ووزير دفاعه اليمني ( الجنوبي الأصل – من مواليد أبين ايضا ) إنما يقفان على رأس إدارة محاور وبؤر هذه الحروب التدميرية القذرة وتمويلها ورعايتها ,والمسألة ليست كما يقال ويُردد بأن الرئيس مركوز وأن عناصر العصابات المسلحة في أبين يتبعون علي صالح والزنداني وعلي محسن بغير علم ولا دراية منه ,لا فهذا الكلام جزء من التشويش على الحقيقة وهو مثلهم على معرفة وصاحب رسم ,فالرئيس بيده خيارات وقدرات كبيرة وهو مسنود بدعم إقليمي ودولي للتصرف وبقوة تجاه كل الموجود في الجنوب وفي بلد الإحتلال ,بل وبإمكانه أن يستعين حتى بقوات دولية لمواجهة الإرهاب القاعدي في أبين وبموجب قوانين دولية معتمدة إذا ما خُذل محلياً ,هذا إذا ما أفترضنا بأن الإرهاب حقيقي وليس مصطنع !

وإلى خارج حدود المسرح الجنوبي تبدو السعودية والخليج ومن خلفهما دول الغرب والشرق في مواقع الشبهة والمسؤلية تجاه ما يجري على أرضنا من جرائم ,وقد كانت تعاملات هذه الدول مع الأوضاع سياسياً وعسكرياً فاترة وعدمية إلى درجة غير مبررة ,وهذا ما يوحي على أنها ليست بعيدة عن أسرار وتفاصيل ما يدور وتدبيراته وتفاصيل مخططاته وأبعاده وخفايه ,ولو كانت على العكس من ذلك لكنا قد شاهدنا جلسات طارئة وساخنة في أروقة مجلس الأمن وفي مكاتب صنع القرارات الدولية الكبرى أشبة بتحركات هذه الجهات خلال السنوات الماضية تجاه أوضاع مشابهة في مناطق مختلفة من العالم ,ولكانت البارجات وحاملات الطائرات والحوامات في حالة نفير على مشارف سواحل الجنوب العربي من باب المندب وحتى حدود محافظة المهرة وهي المساحة المفترضة لتغلغل وإنتشار نشاط وسيطرت الإرهابيين بكل مسمياتهم وألوانهم على أرضنا وذلك لحماية الممرات الدولية وحقول النفط في جزيرة العرب ,ولأن هذه الدول حتى اللحظة لم تقدم شيئ بل وتقف موقف المتفرج وفي ظل أوضاع إستثنائية وغير طبيعية يمر بها الجنوب واليمن فأن موقفها هذا يدل أيضاً على أنها غير مكترثة بل ومطمئنة على أن ما يدور في مدن الجنوب المنكوبة بالفعل ليس إلا لعبة بقرار سياسي وعند نقطة معينة وفي توقيت محدد ربما قد تنتهي كل المشاهد السوداء ,وهنا نستطيع أيضاً أن نعتبر هذه الدور جزء أساس من المشاركة في تنفيذ هذه المخططات التي تستهدف شعبنا وثورتنا ومستقبل قضيتنا السياسية .

الأمر الآخر والذي يزيد من إدانة هذه الجهات بتآمرها على الجنوب هو الموقف السلبي للقيادات الروحية الأساسية لتنظيم القاعدة ممثلة بالشيخ الدكتور أيمن الظواهري تجاه ما يسمى بـ ( أنصار الشريعة ) والذي لم نرى منهم تأييداً لهذه الجماعة كما جرة العادة مع فروع

التنظيم ,وهذا ما يؤكد لنا أيضاً بأن مخطط إستهداف أبيان ليس قاعدياً على الأصول الإرهابية العالمية المعروفة.

ويبقى السؤال :ـ هل كل هذه الجهات على إتفاق لبقائنا بمعزل عن حقائق الوضع بما فيها حراك أبين ؟