fbpx
لا صوت يعلو فوق صوت المصالح

تجسدت هذه المقولة في حياة الناس وظهرت جلية في واقعنا ولم تعد مجرد مقولة ارتبطت بتلك المقولة الشهيرة التي كان يرددها الحزب قديما,بل أنها تمثلت في أبشع الصور وأقبحها في التعامل بين البشر وباتت المصالح فوق كل شيء ولم يعد للأخلاق والقيم والمبادئ أدنى وجود أو قيمة وبات الواحد منا يبحث أولا وأخير عن مصلحته ومردود علاقاته بالآخرين إلا من رحم الله..

فما من علاقة إلا وتجعل جل همها وأولى اهتماماتها المصالح والعائدات أكانت مادية أو معنوية ولا يكون لقيم وأخلاقيات العلاقات بشتى أنواعها أي قيمة أو معنى أو أهمية وكأن الغرض من أي علاقات في المقام الأول والأخير هي المصلحة والفائدة دون غيرها..

فلا صوت يعلو فوق صوت المصالح ولن يعلو صوت القيم والعفة والطهر والنقاء طالما والنفوس بموبوءة بداء المصالح وحب الذات والبحث عن عائدات العلاقات لتي لايطول عمرها ولايشتد عودها ولاتثمر أوراقها ويجف قعر نبعها وتذبل وردوها وتشيخ سنوات عمرها وهي في مهد بداياتها..

وكم من علاقات كان مبدئها وأساسها المصالح تهاوت وانهارت ولم تدم طويلا ولم تصمد أمام أبسط نسائم المشاكل أو رياح العتاب وتحول أهلها وأصحابها إلى أعداء لايعرف بعضهم البعض يلتقون وكأنهم أغراب لم يكن للصداقة أو المعرفة أو الحب في يوما من الأيام أي وجود وكأن عرى العلاقات الصادقة البريئة التي لاتنفصم قد باتت في خبر كان بعد أن جعل البعض من العلاقات مجرد محطة للتزود بلوازم حياتية أو جسدية أو حتى غرائز حيوانية محضة ..

ولاتقتصر العلاقات الزائفة التي تستمد بقائها من المصالح على الأفراد والجماعات بل أنها امتدت إلى الزائفون الذين يدعون حب الأوطان والأرض والتربة فتراهم ينعقون ويصرخون ويتعصبون ويصولون ويجولون كالرحالة بين الأوطان ليثبتون حبهم لأوطانهم التي ينسلخون من  حبها حينما تنتهي مصالحهم ومنافعهم أو لا يصلون لأهدافهم وغاياتهم ومآربهم الشخصية التي لا تتعدى المال والسلطان والجاه والمناصب,ليغدو حب الأوطان والولاء لها مجرد شعارات جوفا لاتحمل بين طياتها أي مضامين أو صدق ولاتتعدى الشفاه ولا يوقرها القلب أو تغذيها الروح وتسقيها دموع الحرقة والحسرة والقهر والانسحاق على الأوطان التي تلوكها المآسي والمشاكل ويتناوحها الساسة والمتمصلحون..