fbpx
كلما قطع اليمن خطوة للأمام في مجال حقوق الإنسان أعادته الصراعات المسلحة الى الوراء
شارك الخبر

يافع نيوز – القدس العربي

 أكدت وزيرة حقوق الإنسان في اليمن حورية مشهور انه تم ارتكاب انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان في شمال اليمنوجنوبه خلال المواجهات المسلحة الجارية، وأن استمرار الصراعات المسلحة يدفع الى ارتكاب المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
وقالت في لقاء خاص مع «القدس العربي» ان هناك معوقات كبيرة أمام محاولة تحسين وضع حقوق الإنسان في اليمن، وفي مقدمة ذلك ضعف أجهزة الدولة والنزاعات المسلحة وخطر الجماعات الإرهابية والظروف الاقتصادية الصعبة والوضع الأمني والتباطؤ في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
وذكرت الوزيرة ان حضور بعض الأطراف المسلحة مؤتمر الحوار الوطني كان تكتيكا سياسيا لكسب الوقت وإعادة ترتيب أوراقها، وأنه كلما قطع اليمن خطوة للأمام في مجال حقوق الإنسان أعادته الصراعات المسلحة الى الوراء. 
وأكدت أن النظام السابق الذي كان يرأسه علي عبدالله صالح بآلياته كلها ما زال قائماً وثورة 2011 أتت بثمار جزئية برزت في مؤتمر الحوار الوطني.
○ كيف تقيمين حال حقوق الإنسان في اليمن في ظل الوضع السياسي الراهن الذي صعدت فيه قوى جديدة وضعف فيه مركز الدولة إثر انشغالها بالصراع السياسي؟ 
• للأسف الشديد كلما أردنا أن نقطع مسافة نحو الأمام في مجال احترام وصيانة وحماية حقوق الإنسان أعادها الصراع السياسي والصراعات والمواجهات المسلحة والعنف في أكثر من منطقة إلى الوراء. كانت أمام اليمنيين فرصة تاريخية في مؤتمر الحوار الوطني الذي التقى فيه الشركاء والفرقاء من القوى السياسية والاجتماعية وبعد جهد جهيد وبحضور ورعاية المجتمع الدولي وصلوا إلى قواسم مشتركة وإلى تفاهم على حلول عادلة لكثير من القضايا الوطنية ويبدو أن حضور بعض الأطراف كان تكتيكياً لكسب الوقت وإلى إعادة ترتيب أوراقها وتحالفاتها لأنها كثيراً ما لجأت للعنف سواء أثناء انعقاد المؤتمر الذي استمر 10 أشهر كاملة أو بعد انتهائه وهو ما ظهر جلياً وتحديداً في عمران والجوف وفي شبوة والضالع وحضرموت وما تحمله تلك الصراعات المسلحة من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وبالرغم من كل تلك الظروف المعقدة والصعبة وبمساعدة المجتمع الدولي يمكن أيضاً العودة لمخرجات الحوار الوطني للإلتزام بها والشروع في تنفيذها ودون ذلك فإن النار ستحرق الجميع ولن يكون هناك منتصر أو مهزوم بل سيهزم ويخسر الوطن.
○ ما هو الدور الذي تقوم به وزارتكم لحماية حقوق الإنسان وهل تعتقدين أنكم تمكنتم من احتواء أغلب التهديدات والتحديات؟ 
• بداية حقوق الإنسان منظومة متكاملة تقوم بها كل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وليست مهمة وزارة بعينها، ومهام الوزارة محددة في قرار إنشائها وبالرغم من أنها جهة حكومية إلا اننا سعينا وبعد ثورة شباط/فبراير 2011 إلى أن تستند الوزارة في عملها إلى حد كبير على معايير الشفافية والحيادية والموضوعية والوصول إلى كل الشرائح الاجتماعية وخاصة تلك التي ظلت تعاني من التمييز وانتهاك الحقوق ومنها النساء والشباب والمهمشون وبالرغم من بعض الإنجازات النسبية في هذه الأوضاع المعقدة والعرقلة الممنهجة ومن تلك الإنجازات إعداد الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إعداد مشروع قانون الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تمهيداً لإنشائها، ومشروع قانون مكافحة الإتجار بالبشر، والموافقة على الانضمام لبروتوكول مناهضة التعذيب وبروتوكول الإتفاقية الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتحسين مستوى الوصول لضحايا الانتهاكات من المواطنين واللاجئين وتحريك ملف المخفيين قسرياً بالموافقة على الإتفاقية الدولية لمنع وتجريم الإختفاء القسري والشروع في إعداد مشروع قانون وطني، وتأسيس مرصد حقوق الطفل ومسائل أخرى لا يتسع المجال لذكرها. ولكن ما زالت التحديات والصعوبات كثيرة وكبيرة تغذيها المماحكات والتجاذبات والاستقطابات السياسية والصراعات المسلحة في ظل هشاشة وضعف الدولة بأجهزتها المختلفة، وتتضاعف الأعباء علينا في هذه الأجواء ولكن لا نكل ولا نمل في الدفاع عن حقوق الناس.
○ رصدت المنظمات الحقوقية في الآونة الأخيرة انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان في محافظة عمران التي سيطروا عليها وقاموا بالانتقام من خصومهم السياسيين، ماذا عملت وزارتكم بهذا الصدد؟ 
• الوزارة كانت وما زالت وانطلاقاً من مجال حقوق الإنسان ندعو أولاً إلى ضرورة الاحتكام إلى مخرجات الحوار الوطني وعدم اللجوء للعنف والاستعراض بالسلاح والقوة وإلى الخضوع لسلطة الدولة لأنها هي المخولة بتعزيز الأمن وبإنفاذ القانون، وهذه الأوضاع غير الطبيعية أثرت جداً على حقوق الإنسان فتم تهجير جماعات قسرياً ونزحت أعداد كبيرة من المدنيين الآمنين إيثاراً للسلامة إلى أماكن أخرى وفى ظروف صعبة وصادف ذلك شهر رمضان المبارك وسقطت أعداد كبيرة بين قتيل وجريح من كل الأطراف المتحاربة. ويتم أيضاً الزج بالأطفال في هذه الصراعات المسلحة وتدمير البنى التحتية والمنشآت المدنية كالمنازل والمدارس والمساجد واعتقال المخالفين في الرأي أو المذهب. وهذه قضايا الدولة معنية بمعالجتها وقد اهتمت الوزارة بوضع النازحين من خلال التواصل مع المنظمات الدولية لتوفير المأوى والغذاء والدواء كما أحالت الشكاوى حول الانتهاكات إلى الجهات ذات الاختصاص. والحقيقة أن الموضوع بحاجة إلى جهود وطنية ودولية كبيرة لمعالجته، وفي هذا الصدد لم نتواصل إلا مع الأجهزة الرسمية ولدينا منسق لوزارة حقوق الإنسان في عمران نتواصل معه ليفيدنا حول الوضع والاحتياجات الضرورية للمساعدة في مجال اختصاصنا. 
○ ما زالت قضية معتقلي الثورة محل تساؤل كبير حيث اعتقل النظام السابق الكثير من الشباب قبل ثورة 2011 وتم الإفراج عن العديد منهم بعد الثورة وما زال بعضهم يقبعون في غياهب السجون لماذا لم تقم وزارتكم بدورها في الإفراج عنهم؟ 
• أولاً للتدقيق، ان النظام السابق بآلياته كلها ما زال قائماً والثورة أتت بثمار جزئية لمسناها في مؤتمر الحوار الوطني من خلال القوى الجديدة الممثلة فيه وخاصة المرأة والشباب والمجتمع المدني ومن خلال نهجه والقضايا الوطنية التي طرحت للنقاش وهدفت في الأعم والأغلب للوصول لتحقيق اهداف الثورة الأساس والمتمثل في الوصول للدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد، وهذا الوضع بالذات أقصد بقاء أجهزة (النظام السابق) هو الذي أعاق استكمال إنجاز هذا الملف وتم تغليف قضايا سياسية تغليفا قانونيا وقضائيا ليمنعونا من مواصلة التقدم فيه وظلوا يطعنون في مهنيتنا بأن السلطة التنفيذية تتدخل في أعمال القضاء، مع ان إجراءات التوقيف كانت في الأساس اعتقالات وليس توقيفاً قانونياً، تلاها إخفاء قسري لفترات طويلة وتعذيب كما أفاد المعتقلون، كما لم تتوفر الأدلة على ضلوعهم في أعمال جنائية. والمفارقة الغريبة أن كل المتهمين بتورطهم في جمعة الكرامة أطلق سراحهم بالضمان الحضوري بينما أولئك الشباب محتجزون في السجن، الوزارة والحكومة استنفدت كل وسائلها ويبقى الأمل معقودا على تنفيذ مخرج مؤتمر الحوار الـوطني الصريح والــواضح في إطلاق من تبقى من شباب الثورة والجهة المعنية الآن هي المؤسسة القضائية. 
○ كيف توفقين بين عملك الحقوقي والإنساني كمدافعة عن حقوق الإنسان ألا تجدين تضارباً في ذلك أثناء ممارسة عملك الحكومي؟ 
• الأصل أن وظيفة الحكومة هي خدمة المواطنين واحترام وحماية وصيانة حقوقهم، كل مسؤول في وزارته أو مؤسسته في التعليم أو الصحة أو المياه والبيئة وفي كل مجال من المجالات ولكن الصورة الذهنية التي انطبعت لدى المواطن والتي ـ للأسف ـ غالباُ ما ترسخها وتعززها شواهد الواقع أن الحكومة خصم للمواطن وذلك حينما لا تقدم له الخدمة وحينما لا تنصفه ولا تعطيه حقوقه القانونية المعترف بها مسبقاً في القانون وفي الدستور كأطر منظمة لطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وما هي الحقوق التي يجب أن يحصل عليها المواطنون، والحقيقة أنا وجدتها فرصة للانحياز والانتصار الكلي للناس ولحقوقهم في إطار عملي في الحكومة وبالطبع زملائي الآخرين يفعلون كل فيما يخصه وربما صوتي أعلى في هذا المجال بسبب طبيعة نشأتي المدنية وتربيتي الأسرية والمدرسية في مراحل الأساس ثم التعليم والثقافة المدنية التي اكتسبتها طوال مراحل حياتي، فأنا لا أجد نفسي إلا مع بسطاء الناس، وكذلك بسبب طبيعة اختصاص الوزارة المعبر عنه في تسميتها والمسؤوليات والمهام المتوقعة منها. في الدول الديمقراطية يتسابق المسؤولون لخدمة المواطن ودعونا فقط نصل لذلك المستوى لتروا فرقاً كبيراً في مجال إعمال وإنفاذ الحقوق. 
○ هل تشعرين أنك حققتِ تقدماً إيجابياً لقضية حقوق الإنسان في اليمن منذ تسلمك لحقيبة حقوق الإنسان؟ 
• الحمد لله ما حققناه بتضافر جهود الجميع وبفضل الشراكة والتعاون مع جهات حكومية وأخرى غير حكومية كمنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكذلك المانحين الدوليين يعتبر إنجازا جيدا في ظل الظروف والتحديات الكبيرة التي واجهتنا، وربما لو عملنا في ظروف عادية وطبيعية لكان إنجازنا أكبر بكثير لأن جزءا من طاقاتنا وقدراتنا وأوقاتنا نستخدمها في معالجة تلك الصعوبات المفتعلة وتذليلها وفي محاولات رد الأذى والدفاع عن أنفسنا والمحيطين بنا حتى نستطيع أن نقوم بدورنا في الدفاع عن الآخرين. 
○ ما هو مشروعك الخاص وطموحك الكبير في مجال حقوق الإنسان الذي تسعين لتحقيقه من خلال عملك في أعلى موقع قيادي في هذا المجال؟ 
• الحقيقة هو ليس مشروعا خاصا بل هو مشروع وطني كبير يهم كل مواطن يمني، بل وغير المواطن وكل من يعيش على أراضي الجمهورية اليمنية وهو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ذات العلاقة بحقوق الإنسان، وقد قامت الوزارة باستخراج كل المخرجات ذات العلاقة بحقوق الإنسان ووضعت إستراتيجيتها وخططها على أساسها وشكلت فريقاً فنياً لتنفيذ ومتابعة تنفيذ هذه المخرجات وحينما أقول تنفيذ فإن هناك بعض المخرجات الوزارة معنية بتنفيذها بصورة مباشرة بينما هناك أخرى سنحفز الجهات الأخرى ونتابعها ونراقبها لتقوم بإدماجها في خططها وبرامجها. كما قامت الوزارة وبمساعدة الشركاء مثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمعهد الديمقراطي الأمريكي على تدريب موظفيها وشركائنا في الحكومة والمجتمع المدني على بناء قدراتهم وتدريبهم على إعداد الخطط استناداً إلى منهجية حقوق الإنسان وإنفاذها وسوف يتم تقييمها ولا شك ان ذلك سيؤدي إلى تحسن حقيقي وملموس في مجال حقوق الإنسان خاصة النساء والأطفال والمعاقين والشباب والمهمشين.
○ ما هي أبرز المعوقات والعقبات التي تواجه عملية تحسين وضع حقوق الإنسان؟
• أبرز تلك المعوقات ضعف أجهزة الدولة والنزاعات المسلحة وخطر الجماعات الإرهابية والظروف الاقتصادية الصعبة والوضع الأمني والتباطؤ في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

* خالد الحمادي

أخبار ذات صله