fbpx
من ناشط  وصحفي جنوبي إلى الحوثيين ” أنصار الله ” .. لماذا التزمت الثورة الجنوبية التحررية بالسلمية طوال فترة نضالها المرير ؟
شارك الخبر

كيافع نيوز – تب – أديب السيد :

إلى الاخوة الحوثيين في اليمن الشمالي، وتيارهم السياسي ” أنصار الله ” ..

وبعد ..

لا اعتقد أن أحدا منكم، لم يعي بعد، سبب تمسك ” الثورة الجنوبية التحررية ” بمبدأ السلمية طوال فترة نضالها المرير، وكفاح الجنوبيين السلمي الذي تجرعوا خلاله كل أشكال وصنوف القمع والقتل والاضطهاد ..؟

إن السبيل ” السلمية ” التي سلكها الجنوبيون، والتي عُبدت بكل أشكال المخاطر والموت المباشر، لم تكن من اجل الجنوب فقط، ولا تأتي ضمن اعتبارات الجُبن، أبداً .. وليس شعب كشعب الجنوب، الذي قاتل بريطانيا العظمي والإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، في مرحلة كان العرب جميعهم خانعون ومهزومون من قبل الكيان الصهيوني إبان فترة ثورة 14 اكتوبر 1967م ..

أقول لكم وخذوا قولي كناشط جنوبي حصيف وصحفي متابع عن كثب : ” وهل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها ..؟ “..

وخاصة بعد احتلال كامل، وقتل لم يسبق مثيله في التأريخ ، وجرائم بالمجان، وطمس الهوية السياسية والتأريخية، وتغييب دولته واحتلالها، والعبث بثرواته، وتدمير الإنسان والبنيان، وغياب كل أشكال الحياة، وموت الإنسان الجنوبي إما لفقر أصابه وبطالة افترسته، وعدم استطاعته حتى توفير لقمة عيش كريمة لأسرته وأطفاله.

ضعوا في حسبانكم، أيهما أفضل .. أن يموت الإنسان الجنوبي بطيئاً ومهاناً، او أن يموت دفاعا عن حياته وأطفاله وكرامته، بالتأكيد الثاني أفضل بكثير .

لهذا .. فسلمية شعب الجنوب، عظيمة، جليلة، حكيمة، لم يسبق أن شهد التأريخ مثلها من قبل وعلى مر العصور .. وكلها ليس من اجل الجنوب فقط، بل من أجل الشمال وأبناءه، والمنطقة بشكل عام، فكونوا عند مستواها ومستوى التفكير بها جدياً، ولا تأخذكم العزة بالإثم، وتجنبوا نشوة النصر القاتلة التي وقع ضحيتها أسلافكم في صنعاء ومحافظات الشمال .

عندما اتخذ شعب الجنوب السلمية نهجا لا تراجع عنه، كان صائباً، وعندما رفض أي حركات مسلحة وأي دعم خارجي او داخلي لحمل السلاح لقتال الاحتلال اليمني كان موفقا جداً، ولما جاهد وصبر وكظم الغيض تجاه التصرفات الرعناء والجرائم الشنيعة التي يندى لها جبين الإنسانية كان عظيماً .. كل ذلك ليس من أجل انه شعبا خانع لا يستطيع حمل السلاح .. ولا لأنه لا يدرك انه سينتصر بالسلاح بسرعة على قوى الاحتلال التي أضحت مشتته خلال الأعوام الماضية .. ولكن لأنه يدرك أهمية أن يضحي من اجل الحفاظ على حياة الناس جميعهم ” الشماليين والجنوبيين ” الذين أنهكهم القتل والدم والحروب .

إن سلمية الثورة الجنوبية، كانت وستبقى، من أجل الشعبين ” الجنوبي واليمني الشمالي “، ومن مصلحة الدولتين ” الجنوبية والشمالية “، ولم يكن شعبا من قبل قد انطلق واتخذ ما اتخذه شعب الجنوب وأرسى ثورته السلمية، للحفاظ على المستقبل والعلاقات، وهذا دليل على عظمة هذا الشعب وقدرته على التحكم بعواطفه وتحكيم العقل وإدراكه المبكر وقراءته الصحيحة لما ستئول إليه الأمور في الجنوب واليمن الشمالي .

 

الأخوة الحوثيون جميعاً عنهم ” أنصار الله ” ..

إن أي نية لكم، او حديث عن استخدام القوة والسلاح، للوصول إلى الجنوب وحكمه، لم يعد يجدي اليوم، فسلمية الثورة الجنوبية، أقوى من السلاح، وكانت السبب الرئيسي الذي هُزم بها الطاغية ” صالح ” ومن بعده ” حزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر”، وهما اللذين دكا صعده بيتا بيتاً في حروب ستة، أدانها شعب الجنوب وثورته بقوة واعتبرها جرائم حرب وضد الإنسانية، رغم استخدامكم السلاح لمواجهة ذلك الطغيان.

لا أخال أنكم، لا تدركون ذلك، او أنكم تتجاهلون، مدى أهمية الجنوب، للمجتمع الدولي، والتداخل، الذي أبرزته التغيرات الأخيرة .

لهذا .. من غير المجدي لكم اليوم، أي حديث عن السلاح او غزو الجنوب، وعليكم أن تدركوا أن الوضع في صنعاء والشمال، الذي تحكموه اليوم، لم يستقر بعض، وانه مرشح للانفجار والدخول في فوضى وحرب طائفية أشد من تلك التي تحدث في العراق او سوريا .. ومن مصلحتكم ومصلحة الجميع، ان يبقى الجنوب بعيداً عن تلك التجاذبات او الحروب التي قد تندلع في أي لحظة او تبقى رديفة للمرحلة القادمة .

إن استقرار الجنوب .. هو استقرار لكم في اليمن الشمالي، واستقراراً للمنطقة، وهذا الاستقرار الجنوبي، لن يكون إلا باستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة والحدود .

 

الأخوة الحوثيون ..

بات اليوم عليكم أن تدركوا قبل غيركم، أنكم حققتم نصركم على قوى الطغيان والاستكبار في صنعاء، ليس بقوتكم وسلاحكم فقط، ولكن أيضاً، بوقوف ثورة شعب الجنوب معكم، وتضامنها المطلق معكم، مما سبب إضعافا في الصميم لتلك القوى التي طالما تسلطت على حكم صنعاء، واحتلت الجنوب وعاثت في أرضه ودولته ومناطقه .. وهو ما مكنكم من اختراق تلك القوى وسهل لكم مهمة القضاء عليها ..

لهذا .. وبصفتي احد أبناء الجنوب ونشطاء ثورته، وصحفييها المتابعين بدقة لما يجري .. أقول لكم وبكل شفافية :

أن شعب الجنوب .. لم يناضل من أجل يستبدل حكم تلك القوى الطاغية له بالاحتلال العسكري والقتل والدمار والجرائم والتدمير، بحكمكم اليوم، رغم احترامه لكم ولما تظهروه من تعاطف تجاهه، كما انه لم يناضل من اجل استعادة حقوقه التي تجتهدون اليوم من خلالها لتصوير ثورة الشعب الجنوبي بأنها حقوقية، وهو منطق سبق لأسلافكم في صنعاء، أن استخدموه كثيراً وفشلوا، رغم أن الخلاف بينكم وبينهم، أنكم قد تكونوا قادرين على استرداد تلك الحقوق ..

أقول لكم : أن الحقوق لدى شعب الجنوب، لم تعد قضية، رغم أنها ( فصل من القضية الجنوبية السياسية، التي هي قضية دولة ووطن محتل بامتياز )، فشعب الجنوب، بدأ ثورته حقوقيا، ولكن ذلك كان مدخلاً لما تقتضيه المرحلة آنذاك، والقابل للتطور السياسي، وهو ما حدث وبات اليوم واقعاً لا تراجع عنه، وقدمت من أجله جماجم بالآلاف ودماء روت ارض الجنوب بكاملها وفي كل شبر منها، كل تلك الجرائم والقتل والاعتقالات والتعذيب والتشريد والملاحقات، امتصها شعب الجنوب، وكان بإمكانه مواجهة القتل بقتل اكبر منه، والأخذ بالدم دم أكثر منه أضعافا، لكنه شعب صمم على التمسك بهدفه السلمي، لإدراكه بأهمية السملية المستقبلية، للدولتين، وحتى بعد استقلال دولة الجنوب.

أيها الحوثيون ..

أنكم تعلمون جيداً حجم التدخل الإقليمي، في الجنوب، والذي ربما يريد أن يدفع بالأمور إلى حمل السلاح، كما عليكم أن تدركوا، أن أعداءكم في الشمال يتربصون بكم، وقد يدفعوا أنصارهم، للاتخاذ من الجنوب انطلاقا لمواجهتكم، وهو الأمر الذي لن يكون في صالح احد .

كما لا تركنوا على من يتعاطف معكم من الجنوبيين، او يوهمونكم، بأنهم معكم، فالبتأكيد ندرك كما ربما تدركون، أنهم ليسوا  إلا  مع ” المال السياسي” الذي تنفقونه عليهم .

لهذا.. لا تتذرعوا بان الجنوب سيسقط في أيدي من تسمونهم ” الدواعش “، فهؤلاء الدواعش، منبعهم من صنعاء ودعمهم وإمكانياتهم منها .. وقد اثبت الجنوبيون انه لا مكان لهم، ولا لسلاحهم في الجنوب .

دعوا الثورة الجنوبية، تتعامل مع وضع الجنوب، بحكمه، وقدرة، مثلما فعلت من قبل في أبين وحضرموت، وبقية مناطق الجنوب، وثقوا أن الجنوب بيئة طاردة للتشدد والإرهاب .

لا تركبوا موجة الترهيب بتواجد ” الدواعش في الجنوب” لتقولوا أنكم الوحيدون قادرين على مواجهتهم، او مواجهة مشاريعهم، فدخولكم صنعاء لا يعني قضاءكم على الإرهاب، بل ربما إعطاءه حماسه أكثر للظهور، وما التفجيرات التي حدثت لأنصاركم، إلا نموذجا يؤكد أنكم في موقف لا تحسدوا عليه، وكان الله في عونكم .

اما الثورة الجنوبية، ولجانها الشعبية، فقد واجهت الإرهاب بشراسة وقدمت تضحيات كبيرة، بمساعدة قيادات عسكرية جنوبية خالصة، وحققت نجاحات مشرفة، فيما القيادات العسكرية الشمالية، هي من سلمت معسكرات بعدتها وعتادها للقاعدة والإرهاب في الجنوب، ولا يخفى ذلك على احد .

 

أخيراً .. أقول لكم :

أنكم اليوم في حاجة ماسة، إلى استعادة دولة الجنوب، ذلك من أجلكم ومن اجل أبناء الشمال في الجنوب، الذين يتمتعون بالحرية في التجارة والمكوث والاستقرار، غير ان أي خلاف مسلح، سيكون وبالاً عليهم وعلى الجميع في الشمال والجنوب.

انتم بحاجة ماسة، للتفاوض مع الشعب الجنوبي ومن يمثله من اجل بحث آلية، يتفق عليها، لاستعادة دولة الجنوب بشكل سلمي وسلس، يحقق التعايش، والاستقرار، ويحافظ ويصون الحقوق للشماليين والجنوبيين .

كونوا عند مستوى الحدث .. كي تدخلوا التأريخ من أوسع أبوابه، وإلا فالتاريخ لا يرحم، وما النصر إلا من عند الله .. والله من وراء القصد .

أخوكم/ أديب السيد

ناشط وصحفي جنوبي

Ad.sed2010@gmail.com

 

 

أخبار ذات صله