fbpx
ظروف عام 1994 تطرق أبواب الجنوب مجدداً !

سيدخل الجنوب قريباً واحدة من أهم وأخطر محطاته السياسية في تاريخه وذلك على خلفية الكثير من المتغيرات المتسارعة التي تحدث في اليمن وفي الجنوب أيضاً , ويأتي في مقدمتها “ النية المبيتة “ للتحالف ( الجديد – القديم ) مابين الرئيس السابق صالح وجماعة الحوثي فيما يخص كيفية التعامل مع الجنوب , والتي سيكون ضابط إيقاعها وموجه بوصلتها هو جوهر القاعدة الزيدية الشهيرة التي تقول : هم “ الفرع” ونحن “ الأصل “ !! الأمر الذي  سيجعل الجنوب في مواجهة ربما تكون أخطر من حرب 1994 م وما تلاها , وذلك لأسباب لا تتعلق فقط بهذه النظرة الاستراتيجية الدونية التي تنظر بها صنعاء لعدن , وإنما لعوامل أخرى عديدة لم تكن حاضرة في عام 1994 م وتتمثل من وجهة نظري الشخصية في تشكل معادلات إقليمية ودولية جديدة .

على الجنوبيين اليوم أن يدركوا تماماً هذه الخطورة بمن فيهم الرئيس المحاصر / عبدربه منصور هادي الذي يتوجب عليه “ الاعتراف “ السريع والمؤلم له شخصياً أنه لم يعد يملك حيلة تذكر في قصره الجمهوري أكثر من هذا المسمى الذي بات عبء عليه كما هو عبء أيضاً على الجنوب والجنوبيين وثورتهم الوطنية المشروعة . ومن هنا وعلى هذا الأساس يفترض بهادي أن يخرج نفسه وأعاونه المقربين منه من “ دائرة الوهم “ التي يعيشونها حالياً لكي يلج إلى دائرة “ الحقيقة “ قبل أن يتمكن منه الزمن وصالح وتحالفه الجديد ليرمي به وبهم جميعاً عديمي القيمة والجدوى خارج أسوار صنعاء !

وفي الحقيقة أن مثل هذا الكلام يرتبط تلقائياً في الذهن الجنوبي بعدة أسئلة تتعلق في جوهرها بمدى صحة من يقول أننا في الجنوب إلى هذه الدرجة أو تلك من السذاجة السياسية كنا ولازلنا ! أو أنه لطالما كنا ضحايا لأنفسنا ولعقلياتنا وحسن نياتنا وأحيانا لتصرفاتنا الحمقى حتى مع أنفسنا وفيما بيننا ! .. إذ أن الجدل البيزنطي الجنوبي الذي يجري حالياً في ساحة الحرية وفي غيرها من ساحات النضال لا يتعلق بكيفية وضع خطط استراتيجية وبناء تحالفات جنوبية متينة لمواجهة هذه الأخطار القادمة من الشمال التي تحدثنا عنها , بقدر ما يدور الجدل حول أمور لا يمكن وصفها إلا بالقول أنها “ تافهة “ .. من قبيل ماذا قال القيادي فلان ؟ ولماذا فعل هكذا ؟ وماذا يقصد بهذا الفعل أو ذاك ؟

إن مثل هذه القضايا الداخلية يتحتم علينا أن نحسم النقاش حولها بقاعدتين رئيسيتين تقول أولاهما أن شعب الجنوب هو صاحب القرار الحاسم والنهائي في جميع قضاياه الداخلية التي تتعلق باسم الدولة الجنوبية وهويتها السياسية ومسماها وشكلها , وتقول الثانية إن الانشغال بمثل هذه القضايا الآن وتقديمها كأولوية وطنية هو العبث بعينه ! بل هو الدليل القاطع على أن هناك من أراد للجنوبيين أن يتفرقوا ويتقاتلوا في الماضي على خلفية هذه القضايا وهو من يريد اليوم أن يعيد السيناريو ذاته مجدداً إلينا لكي نقع في ذات الفخ مرتين .. وحاشا على شعب الجنوب وقياداته أن تكون ضحية لمثل هذه الحيل والألاعيب مرة أخرى .

كما إن على من لازالت في نفسياتهم “ عقد “ من الماضي من أي فريق كان أن يعلموا أن هذه العقد سوف تنعكس سلباً على مكانتهم ومنزلتهم في الشارع الجنوب الذي يشكل الجيل الصاعد منه القوام الأكبر والقوة الضاربة , وهي قوة وطنية تدرك تماما ماذا تريد للجنوب وإلى أين تتمنى أن تأخذه .. فارحموا الجنوب يرحمكم الله من أمراضكم وعقدكم ومواقفكم المتشنجة .. وهذا كلام أوجهه لمن يمكن أن يضع يده على رأسه فيتحسس بطحاء عليه !!

الجنوب الذي نريد سيتسع للجميع بلا استثناء , وسيكون – بكل تأكيد – من حق أي مكون سياسي أو حزب أو تحالف قائم أو قادم أن يطرح مشروعه السياسي على شعب الجنوب الذي هو وحده سيكون له كلمة الحسم في اختيار ما يتوافق مع قناعته ومصالحه , ولن يقبل الجنوب الجديد أساليب “ الفرض “ أو “ الوصاية “ من أياً كان على مصيره وحياته مجدداً .

تحية وطنية خالصة لجميع الموظفين الجنوبيين والعمال والنقابات التي يتقاطر أفرادها كل يوم إلى ساحة الحرية بعدن معلنين الانضمام إلى إخوانهم في ساحة الكرامة والحرية , وفي تقديري إن هؤلاء وبهم يمكن أن تتركز الخطط التصعيدية في قادم الأيام .. لأنهم وحدهم الذين يملكون الأدوات التي يمكن أن توجع نظام الاحتلال وتجعله يركع على ركبتيه .

عن عدن الغد