fbpx
بحاح. . . . بعد الإفراج!

د عيدروس نصر ناصر

من بين الطرف المضحكة المبكية التي يتداولها مستخدمو خدمة الووتسأب في اليمن طرفة تقول أن “خالد بحاح متهم بالخيانة الوطنية لإصراره على التمسك بالاستقالة، وعبد ربه منصور متهم بالخيانة الوطنية لتراجعه عن الاستقالة”، وهذه الطرفة لا تختلف كثيرا عن مقولة الطائرات الأمريكية بدون طيار التي تقل فيالق جنود المارينز لحماية الرئيس هادي في عدن ، ذلك هو حال السياسة في بلاد يتصدرها فيها مجموعة من الصبية المراهقين الذين لا يميزون بين إدارة شؤون الناس وتصريف أمور حياتهم وبين تفجير مسجد أو تدمير منزل خصم سياسي أو دار لتحفيظ القرآن
* * *
لا أستطيع أن أخفي سعادتي وابتهاجي برفع الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء الأخ خالد محفوظ بحاح وزملاؤه الوزراءالذين عانوا من الحصار والاختطاف والتغييب والإهانة المعنوية والسياسية لما يقارب الشهرين، لكن لا أفهم لماذا بعض الإشادات التي صدرت من هنا وهناك بموقف الحوثيين في الإفراج عن مختطفيهم وعلى رأسهم دولة رئيس الوزراء وتصوير الأمر وكأنه عملا وطنيا خارقا وكرما حاتميا استثنائيا لم يقدم عليهم إلا هؤلاء .
لست أدري إلى أي مدى كان الحوثيون قادرين على مواصلة احتجاز مجموعة من رجال السياسة والإدارة المحترمين فقط وفقط لأنهم قدموا استقالاتهم من المهمة التي تعذر عليهم القيام بها تحت سطوة وتحكم مجموعة من المسلحين المارقين (تحت اسم الثورة) ومن ثم رفضوا الانصياع لطلب الخاطفين في القيام بمهمة حكومة تسيير الأعمال، ومما لا شك فيه أن الخاطفين وجدوا أنفسهم في ورطة أخلاقية وسياسية بسبب تلك التصرفات الرعناء فكان قرار الإفراج عن الوزراء المخطوفين ورئيسهم للتخلص من هذه الورطة، وليس كرما حاتميا من عند الحوثيين أو موقفا حكيما يستحق الإشادة والإعجاب.
* * *
الحوثيون استكثروا على أنفسهم أن ينظر إليهم البعض بشيء من الاحترام (غير المبرر) فألحقوا خطوتهم (المحترمة تلك) بخطوة استفزازية جديدة لا تختلف عن حماقاتهم السابقة، تمثلت في إقالة قائد القوى الجوية والدفاع الجوي، وتلك الخطوة جاءات على خلفية رفض هذا العسكري المحترم تنفيذ أوامر الصبية الحوثيين بتوجيه الطائرات لقصف مأرب وغيرها من المناطق التي لم تخضع لسيطرتهم، وقد لا يبدو مهما تغيير قائد القوى لكن المهم والخطير هو ماذا سيفعل القائد البديل؟ وعلينا ان نتوقع مجموعة من الشرور خلال الأيام القادمة إذا ما أصر الحوثيون على تسخير ما ينهبونه من أسلحة وعتاد ووحدات وقوى عسكرية لإجبار المناطق الرافضة لهم على الاستسلام لحماقاتهم المتواصلة.
لا أستبعد أن يفكر هؤلاء بما هو أشد حماقة من قصف مأرب وبعض مناطق البيضاء وتعزومحافظات الجنوب وغيرها من المناطق الرافضة لهم، فقد يفكرون في استخدام الطيران في مواجهتهم مع الرئيس هادي اعتقادا منهم بأن امتلاك القوة والعتاد يعني امتلاك الحق والحقيقة كما يصور لهم منظروهم.
لا أتصور أن رجال الطيران الأبطال الذين أسقطوا واحد من أعتى وأصلف أركان الفساد المالي والسياسي والأخلاقي قبل ثلاث سنوات سينصاعون للأوامر المتهورة لجماعة من الطائشين ويقبلون على أنفسهم توجيه طائراتهم التي دفع ثمنها أضعافا مضاعفة مواطنو اليمن الفقراء لضرب هؤلاء المواطنين وإرهاب أطفالهم ونسائهم وتدمير ممتلكاتهم.
لكن المسؤولية الأكبر تقع أيضا على السياسيين الذين ما يزالون يراهنون على إمكانية الحوار مع هؤلاء الموتورين ويعتقدون أنهم سينتزعون منهم قدرا ولو تافها من التراجع عما ينوون الإقدام عليه، ومن هنا فإن المعيار الأساسي للموقف من هذه الجماعة هو كيفية إجبارها بشتى الوسائل السلمية والمدنية والقانونية للتوقف عن سياسات الاستحواذ والإكراه والقمع والتوسع والإقصاء واستباحة الدولة لتحويلها إلى غنيمة من غنائم الصراع المسلح، وإلا فإن استمرار الحوار مع هؤلاء لا يعني إلا التواطؤ (بوعي أو بدون وعي) مع ما يرتكبونه من جرائم في حق البلد وأهله ومستقبل أبنائه.