fbpx
أنهم يكرهون الحراك

أنهم يكرهون الحراك

ماجد الشعيبي

ما زلنا نؤمن أننا لن نكون امتدادا لصراعات الماضي، الذي يحاول، بعض الحراكيين الجدد هذه الأيام، إعادة إنتاجه، ويتحدثون بنفس غير مقبول إطلاقاً، ويمارسون أعمالاً من شأنها أن تسيء لقضيتنا العادلة، وتجعلها قضية بدون حامل وبدون قيم انسانية.

الماضي الذي يحاول استنساخ نفسه عبر مسميات أخرى جديدة ظهرت مجدداً في صفوف الحراك، مثل “التيار المتشدد”، “فصيل البيض”، “جناح الفدرالية”.. وغيرها من المسميات التي تقودها نفس القيادات التاريخية، التي كانت سبب ما حصل ويحصل الآن في الجنوب؛ لذا وجب عليها أن تترفع عن هذه المماحكات الخجلة والمسيئة.

أن يأتي أحدهم ويقول إنه من أنصار الحراك الجنوبي “المتشدد” ويمارس الاعتدا، والفوضى باسم الحراك، ويمنع مؤتمراً أو مهرجاناً من الانعقاد، فذلك استنساخ للماضي، ومحاولة جرنا إليه، وقد نعود لأسوأ منه.

حين نؤمن بالنضال السلمي، ونعد أنفسنا منبعا لهذه التجربة في الوطن العربي، ولا يعلمنا النضال هذا كيف نحترم الآخر، ووجهات النظر المختلفة؛ فإن نضالنا ناقص وليس له قيمة أو معنى، على عكس إذا ما تمتع نضالنا بقيم وأخلاقيات ستجعل الجميع ينتصر لقضيتنا العادلة.

أشعر بمرارة وأنا أسمع أن الحراك يتشظى وينقسم على نفسه. وكم هو حجم الأسى الذي يصيبني حين أشاهد من يطلق عليهم البعض “فصيل البيض” وهم يقدمون على اقتحام مهرجان أو مؤتمر لأطراف جنوبية أخرى، ويقومون بإفشاله؛ بحجة أنهم يغارون على الجنوب، ولا يريدون له سوى “التحرير والاستقلال”. وهنا يجب علينا أن نقلق جداً لما قد ينتجه هذا النوع من العداء والرفض وعدم القبول بالآخر، خصوصاً في مجتمعنا الجنوبي.

إننا نأسف جداً لما تقدمه قناة “عدن لايف” من برامج تهدف لزرع الخلافات بين الجنوبيين أنفسهم، عبر تحريض مجموعة على أخرى؛ فمثلما كنا متلهفين لرؤيتها وكم كنا سعداء بمشاهدتها في الأيام الأولى لانطلاقها، باعتبارها أول منبر إعلامي للقضية الجنوبية؛ فإننا الآن مستعدون لحجبها من قائمة القنوات المفضلة التي نحرص على متابعتها يومياً، إذا ما استمرت على ما هي عليه الآن دونما مراعاة للاختلاف والتنوع في المجتمع الجنوبي كحالة صحية لأي مجتمع تقدمي.

على الرئيس البيض أن يعي جيداً أن إعادة إنتاج الماضي سندفع ثمنه نحن، الجيل الجنوبي الشاب، الذين شهدنا حرب صيف 94، وكنا حينها أطفالا، والآن نناضل من أجل الانتصار وإعادة الاعتبار للجنوب أرضاً وإنسانا.

وقبل أن نكمل طريقنا نصاب بالإحباط إزاء خطاب صادر باسم الحراك قد يجعلنا نسير بطريق غير التي خرجنا جميعاً لأجلها، ونعود للتفتيش والتحقق من انتماءات الآخر، بدلاً من نشر ثقافة التسامح والتصالح، كأن تسمع أحدهم يقول: هذا مع تيار البيض، أو تيار الفدرالية، أو يقول: هذا جنوبي بس جده جا من تعز قبل مائة عام! وهذه نغمة جديدة وسحيقة تسيئ لنضال الحراك وابنا الجنوب.

كلنا مع حق شعبنا في تقرير مصيره واستعادة دولته المنهوبة، ولسنا مع استعادة مخلفات دولته المقيتة. نحن مع بناء وطن يتسع للجميع، وليس فقط للحراكيين، وعلى هذا النحو الذي يظهر به بعض أنصار الحراك وقيادته والذي يقدمون أنفسهم  كمصفيي حسابات الماضي. لسنا معهم، ولن نكون حينها مشروع دولة، بل مشروع انتقام لا أكثر.