fbpx
حاشد القباطي و ( حبني بالغصب )

حاشد القباطي

و ( حبني بالغصب )

محمد الزعوري

إن المتابع لمسيرة النائب اليمني ( القباطي ) حاشد سيجد أن له بصمات في طريق النضال الشاق والشائك ، وله أفعال لا ينكرها احد ، وإن كانت قضيتنا في الجنوب تختلف من حيث جذورها ومضمونها مع قضيته  المتمثلة بالصراع على سلطة قد استحوذ عليها اللصوص والمرتزقة وناهبي ثروات الشعوب ويناضل في سبيل استردادها وهذا لا ينكره عليه احد ، وتاريخه ينصع بياضا في مقارعة الظلم والظلمة وقد تحمل لذلك كل صنوف القهر والتنكيل منذ زمن ، وهذا حق يجب على الأحرار في اليمن وكل مكان مناصرته والوقوف إلى جانبه لان قيم كهذه من حيث المبدأ يجب الانتصار لها في أي بقعة من العالم .

وبما أن الحرية قيمة لا ينالها إلا الصامدون المجاهدون في سبيل إحقاق الحق وإزهاق الباطل فهي قيمة عالمية عامة يجب أن يسعى لها الجميع ويجب على الجمع مناصرة بعضهم بعضا لنيلها في إطار الواقع والحق دون تجاوز الحدود التي تقف عندها مبطلات هذه الحرية ، فليس كل شي يسير على المطلق بل يجب احترام القيود التي لا يمكن تجاوزها وإلا صارت هذه الحرية هي الفوضى عينها .

ولكي تكون حرا يجب أن تلم بشروط الحرية ، فليس كل من ادعى الحرية حرا ، فالحرية مرتبطة بالمسؤولية وهي الوعي بالضرورة ، فالحرية وان كانت مطلب ملح لكل البشر حتى يعبروا عن أفكارهم ومكنونات أنفسهم دون قسر أو إجبار ، فأنها بالمقابل يجب أن لا تخرج عن نطاق حرية الآخر وحرية المجتمع .. فأنت حرا ما دمت مسئول عن حريتك وحرية الآخرين أفرادا وجماعات ، قيل قديما ( إن من ادعى الحرية لنفسه فحريا به أن يمنحها للآخرين ) فهو مبدأ ثابت لكل الأحرار في هذا العالم .

إذا من صفات الحر أن لا يقهر الآخرين ، ويدعي الوصاية عليهم وعهدنا بالنائب القباطي انه لا يحيد عن هذا الطريق ولو إلى وقت قريب ، فلم نشهد منه إلا مدافعا عن الحق والحقيقة ومناضل بكل السبل لانتصار المظلومين في كل بقاع الأرض .

ولكن هذا شيء والاختلاف في النظر إلى الحرية شيء آخر ، فما أراه حرية لي قد لا يكون في نظر الآخر كذلك ، وهذا أمر لم ينتبه له النائب القباطي ، فما يمكن أن يقوم به في تعز قد لا يستطيع أن يقوم به في مكان آخر وذلك يرتبط بالمسؤولية والضرورة تجاه الأخر المختلف ، فهل يدرك القباطي وهو الرجل المثقف والفاهم بدقائق الأمور في اليمن والجنوب على حد سواء ، فيوم استقرت أقدامه على ارض الجنوب لم يجد إلا كل الحب والترحيب ، ولم يعترض على تواجده احد ما دام ذلك التواجد خارج نطاق حق الآخر وحريته ، ولكن حينما بدأ بالسير في طريق يتعارض مع حق الآخر المحلي صاحب الأرض بدأت الأمور تتغير ، فليس من حقك أن تنادي بما لا ينادي به أصحاب الأرض ، كن كما شئت ولكن ليس في عدن أو أي بقعة في الجنوب .

لا نختلف معك فيما تنادي به فكل ذلك يندرج كجزئية في إطار القضية التي ننادي بها وهي لا تتعارض معها من حيث الشكل ولكن تختلف من حيث المضمون والرسالة التي أريد لها أن تكون ، فهل قضية الجنوب هي ميناء عدن واتفاقية ( موانئ دبي ) لا بالمطلق قضيتنا أيها النائب هي ( الدولة المحتلة ) هي ارض الجنوب ( ج . ي . د .ش ) التي تم احتلالها من قبلكم في 7/7/1994م هي قضية ارض وهوية وتاريخ وإنسان ولا نضن انك تجهل ذلك ، وما ميناء عدن والمكلا وبير على ومطارات الجنوب ومصانعه وكل ثرواته ما هي إلا أجزاء مكمله لبعضها حتى إذا تراصت كونت دولة الجنوب ، وشيء أخر نختلف معك به بالمطلق ( ميناءنا لنا ) هذه الحقيقة التي تجاوزتها متعمدا .. نقول لك لا  مينائنا لنا  نحن شعب الجنوب وليس انتم ، فلا تدعي بما ليس لك ، دعنا وشأننا ونحن كفيلون باستعادته يوما ما حين نستعيد أرضنا وسيادتنا عليها .

ما الذي تغير حتى تقطع هذه المسافات وتترك جبال القبيطة وتعز وناسها وقضيتها التي هي أحق بان تقف لنصرتها ، وان لا تهدر جهدا ولا وقتا في سبيل الدفاع عنها ( فخيركم ، خيركم لأهله ) وتأتي إلى عدن عاصمة شعب الجنوب العربي الأبي المحتل لتتطاول على أبنائها بما لا يرغبون ، ما الذي تغير حتى تدفع بالناس لنصرة وزير هنا ومدير هناك ، وأنت تدرك أن أرضنا كاملة من باب المندب غربا إلى حدود عمان شرقا تحت الاحتلال تنهب وتسرق ليل نهار تحت أسماعكم وإبصاركم فتأتي  لتختزل قضيتنا وفي عقر دارنا بميناء واحد من كل مؤسسات الجنوب الضائعة ، ما الذي تغير وعشرون عاما كانت كابوسا ومازالت الأيام حبلى بالماس والأحزان لتأتي إلى عدن لنصرة باذيب ، وانقاد ثورة لم تنقذ أحد .. عشرون عاما تعمل فينا آلة الغدر والخيانة فعلها ولم نرى منكم من يستنكر أو يدين .. فلماذا اليوم تتباكى على حق ليس لك ، أين كنتم حينما كانت قذائف احتلالكم تدك قرانا وتقتل شبابنا بالمئات .. أين كنتم يوم تفتقت عقول القبيلة وتيارها الديني المتطرف بالفتوى استباحة للإعراض والأرواح في الجنوب .. كل هذا وذاك وحنين القهر يتوغل في النفوس طولا وعرضا .. ويتدفق الألم كالشلال في الأمكنة والزوايا التي تلملم وجودنا .. حتى صرنا غرباء فوق ارض معجونة بدمائنا .. فاستكثرتم علينا حتى الألم الذي نحن فيه ، والحنين الى وطن نقدم أرواحنا وفلذات اكبادنا في سبيل استعادته .. واليوم بعد سنوات خلت وشعب الجنوب يسحق في الساحات والميادين وجداول من الدماء تسيل على الأرصفة والطرقات ويصل حقدكم إلى كل مكان يتواجد بها قلب ينبض بحب الجنوب .. ألم تسمع عن قصة الطفل ( حمودي ) ذي الثمتن سنوات الذي قتله رعاع الاحتلال في لحج وهو عائد الى قريته الثعلب ، كان الأجدر بك أن تكتب عنه.. أتعلم ماذا كان في حضنه وهو نائم فوق مقعد الباص الخاص بوالده ، ليس حزاما ناسفا ، ولا قذائف الاربيجي ، ولم يكن يخطط لعمل إرهابي .. أتدري ( ياحاشد ) ماذا كان بحوزته كان يحتضن العاب ودمى جلبها من عدن .. قتلوه وهو نائم في المقعد الخلفي للحافلة .. قتلوه ولم يتركوه يحلم ماذا يصنع بلعبته التي فرح بها كثيرا .. وبكل خسة وتجرد من قيم الإنسانية تركوه ينزف حتى الموت .. أتدري ماذا فعلوا في المعلا قتلوا الطفلة ( ندى ) وهي عائدة إلى منزلها وأمطروها بعشرات الرصاصات في جسدها الطاهر ، أتدري ماذا صنعوا أيضا ، قتلوا بدم بارد ( الشاب سامي اليزيدي ) لان نخوة الرجولة سرت في جسده وحاول إنقاذها فقتلوه وتركوهما في الشارع أجسادا ممزقة .. أتدري لماذا لانهم من الجنوب..؟ ماذا تقول وماذا تكتب عن جراح شعب الجنوب الغائرة .. يوم سحل ومثل بجثة الشهيد ( محمود الزعيم ) لم تكن حاضرا .. ويوم اغتيل ( شرف محفوظ ) أمام أمه وأبيه وأفراد أسرته لم تكن حاضرا .. فقد غيبتك الثورة التي تحاول إنقاذها .. ويوم اقتحمت المنصورة بالدبابات والأطقم ومئات الجنود المدججين بالحقد والكراهية قبل الأسلحة .. وأصبح كل من يتجول في شوارعها مشروعا للقنص فذهب جراء ذلك الجرم عشرات الشهداء والجرحى .. أين كنت ؟.. هل سمعت ( باحمد الدرويش وفارس طماح ) ، ويقينا أضنك تدري من هما وكيف تم إعدامهما في المعتقلات ، ولكنك لا تأبه أبدا ، فأما لماذا ؟ فلأنهم من الجنوب … الحديث في الألم يطول وقطار الحزن مازال ماض على سكته لم يستوقفه احد .. ومازالت أحقادكم تتناسل كالفطر مكرا وبغضا ودمار ..

جئتنا من هناك تحركك الأموال المدنسة ، ووقفت غبيا في بقعة طاهرة من الجنوب لا تقبل أن يقف أمثالك عليها ، لأنك لم تأتها إلا خبيثا تضمر الحقد والشر في نفسك المريضة .. كي تحتال على إرادة الرجال فيها الذين خضبوا تراب أرصفتها بدمائهم لتقول شيء آخر لم نقله .. جئتنا تحمل وعيا مغايرا لتزيف الحقيقة وتروج للكذب والتدليس فليس وحدك من يفعل ذلك فكلكم يا أبناء اليمن تتشابهون .. جئتنا تدعي حقا ليس لك .. ( مينائنا لنا ) ..

نقول أن شعبا يقهر كل يوم ، هذا قد منحه فرصة ليتعلم من الدروس ما يكفي لان يدافع عن قضيته .. ( ميناء الجنوب ) كله المرفأ الذي سترسو عليه سفن الأحرار القادمة وهذا هو مطلبنا وجوهر قضيتنا .. يومها سيكون ميناء عدن ضمن موانئ الجنوب لنا فقط .. قضيتنا ( ياحاشد ) دوله اسمها الجنوب وبها ست محافظات ومساحتها 335الف كيلو متر مربع .. وتحتوي على عشرات المدن والموانئ والمطارات والمصانع والمؤسسات ..

جئتنا فاتحا للتباكي على حقنا مدعيا ( انه لنا ) على طريقة ( حقنا لنا وحقكم لنا أيضا ) وحين دنت ساعة الحق ، وتفجرت الأرض من تحت إقدامك وأقدام من معك ، وتجلت الحقيقة التي تجاهلتها مثل غيرك لتفقد صوابك ولأنك غير مرحب به  صرخت على اليمنيين بأعلى صوتك ( الجنوب في خطر ) لتحرض مثل غيرك على القتل والسحل وهتك الأعراض مجددا بفكر ( الفتوى الثقافية المتحضرة ) هكذا صور عقلك القاصر المستند إلى منطق القبيلي وفكره المتطرف .. وإن تقمصت دورا آخر .. ولبست  ثوب الحضارة والتمدن زيفا وكذبا لتحذر أرباب الفيد والغنيمة .. أن الجنوب ( ذاهب من أيديكم ) .

إن ثقافة الكراهية التي روجت لها معيدا إحياء خطابات ( المخلوع ) الذي تدعي زورا انك من قدت الثورة عليه لتكشف عن الأصل في الطباع وروح الاستعلاء والسيطرة وان كنت لم تصل إليها يوما ، لكنها النظرة الدونية إلينا .. هكذا تكشف لنا وجهك القبيح وروحك العدائية تجاهنا فذهبت وبكل وقاحة تشتم وتسب وتجرح دون قيود وكأننا رعايا في مزرعة أبيك ، وذهبت بك السفاهة لتصفنا بكل صنوف البذاءة متجاهلا انك في حضرة شعب بأكمله اسمه ( شعب الجنوب ) وتجاهلت كل شيء ولم تترك لنا أي شيء إلا وحقرت به .. وتركت لحالة الهستيريا تتملك مشاعرك الخبيثة لتقول ما لايقال في شعب قدم ألاف الشهداء والجرحى ضريبة لحريته ..

إن من لا يكره لا يحب أضف إلى معلوماتك .. إن الله خلق الحياة وجعلها صراع بين الخير والشر وجعل الحياة تدافع .. فحتى نعرف الجمال خلق الله القبيح .. ولكي نتذوق حلاوة الحب جعل الله الكره مرادفا له .. وبما إن الحب قيمة أخلاقية ودينية فان الكره كذلك أودعهما الله في خلقة حتى تستقيم ثنائية الحياة .. فهل يحب الإنسان من يظلمه ويحتل أرضه وينهب خيرات وطنه .. وهل لمن يقتل ويسفك الدماء مكان في قلب الإنسان غير الكره والحقد والانتقام .. فمن ليس في قلبه إلا الحب فلعمري انه إنسان معتوه ومتبلد الحس والشعور .. ولأن الإنسان السوي شخص متوازن في قيمة الحب والكره على حد سواء .. فلا يدعي أحدا الحب لجلاده إلا الحمقى وان كان تعبيرا لا يستقيم إلا في قصص الوهم والخيال التعزي .. وأقول جازما إن من لا يمتلئ قلبه كرها لكم من شعب الجنوب حتى اليوم شخص لا يستحق الحرية والحياة بكرامة بين صفوفه ومكانه مستشفى الأمراض العقلية حتى يبرأ مما هو فيه  .

وحقا لنا أن نسأل لماذا تسعى ومن معك لإنقاذ ثورتكم كما نقرأ عنكم؟ لأنك كما يفترض شخص يرفض الوصاية ويرفض الخضوع للاملاءات ويعشق الحرية .. ولماذا تقاوم ومن يتبعك إن كان لك إتباع ما يسمى ( شباب الثورة ) التابعين للإصلاح اليمني الحاكم بالتظاهر في تعز تحت مسمى استكمال ( أهداف الثورة ) ؟ لأنك كما يفترض أيضا تعلم يقينا إن لا ثورة أصلا قد قامت بحق ، ولا تحب ومن معك أن يصور الإصلاح قضيتك بتلك الصورة التي ترى فيها تحايلا عليكم خاصة ( أبناء اليمن الأسفل ) وترفض أن يتحدث الآخرين بأسمائكم ، بان الثورة انتصرت وحققت المعجزات ، ولأنك اعرف أكثر من غيرك أن الثورة التي تدعوها لم تكن فكيف تنتصر ؟.. والنظام هو النظام وان الأدوار والشخوص هي التي تغيرت فقط .. إذا من حقنا أيضا أن نقول لكم بالفم المليان إن قضيتنا  ( احتلال الجمهورية العربية اليمنية )  لدولتنا ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ) ، وقضيتنا تتمثل بالتحرير والاستقلال واستعادة هذه الدولة المحتلة ، ولن نقبل مثلكم تماما أن يأتي أي كان من خارج حدودنا ليقول نيابة عنا مالانريده .. لأننا أدرى بقضيتنا ونعرف كيف نستكشف الطرق المؤدية إليها .. فلماذا سمحت لنفسك أن تصور قضيتنا بهذه السطحية .. وتلك هي صورة فاضحة من صور الازدواجية المقيتة في التعامل معنا .

وها نحن نكتوي بنار سمومك القاتلة ، حيث كتبت ما لا يكتبه اليهود في الإسلام رغم إن كل من الطرفين يستندان إلى ما لديه من النصوص والآيات المقدسة .. وذهبت في غيك إلى ابعد الحدود حتى انك لم تدع لغيرك من الحاقدين على ثورة الجنوب وشعبه وصفا يكسب به سبقا صحفيا .. او يتقرب به إلى أسياده القتلة وتجار الحروب .. أو يتكسب من وراءه رزقا يسد به شهوة النفس الأمارة بالسوء للمال الحرام .

ولأن الله قد سن في سنته الكونية قيمة الكراهية لتوازي قيمة الحب تماما لان كلاهما يؤدي وظيفة شرعية في الحياة هي توازنها .. لهذا كله فنحن نكرهكم حتى ترجعوا عن باطلكم وغيكم  . وليس في قاموس الحياة ( يا قباطي ) شيء اسمه ( حبني بالغصب )