fbpx
اليمن وناقوس الزواج المبكّر

اليمن وناقوس الزواج المبكّر

 وجدان اليافعي

في البداية لابد من وقفة مع أهم المواضيع التي الكثير منّا يتجاهل عواقبها ويتناسى فحواها الذي ربما يكون سهل على الأغلبية  من ناحية أخذ العنوان البسيط بأحرفه المعقّد بمعناه وتفاصيله الا وهو موضوع في غاية الأهمية بكل ماتحملة الكلمة من معنى,أن الزواج المبكّر بمعناه الحقيقي ومن الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل البلوغ,ومعنى ذلك بالبعد الفلسفي هو :الإرتباط الزوجي قبل الدخول بعربة الدورة الشهرية وطقوسها.

لكل واحد منّا وجهة نظر ووجهة نظري في هذا الصدد نظرة طبية وعلمية أجزم بأن الإرتباط والزواج قبل إتمام سن الثامنة عشر من السنوات الشمسيّة هو الزواج المبكّر بمعناه القصدي من حيث المخاطر الطبيّة والصحيّة وذات النتائج المدمرة على المستوى الفردي والعائلي والمجتمعي,ويجب التفريق بين مفهومه ومفهوم البلوغ العلمي,فالبلوغ عند الفتاة هو الفترة الزمنية التي تتحول فيها الفتاة من طفلة إلى بالغة بحدوث الدورة الشهرية لتصبح طفلة كبيرة,وخلال هذه الفترة تحدث تغيّرات فسيولوجيّة وسيكولوجيّة عديدة وأهمها الإضطراب الشخصي بين حقائق الطفولة وإستحقاقات المرحلة الزمنية الجديدة,والبلوغ كواقع هو مرحلة فسيولوجيّة مقدرة التوقيت وليس بحدث طارئ ومفاجئ,بل مرحلة طبيعية منتظرة ومرحب بها في حياة الأنثى.

لذافمن الواضح جداً إن ماسبق يرتبط  بدون أدنى شك بعوامل جينيّة أو وراثيّة وعوامل معيشيّة وصحيّة واجتماعيّة تمر خلالها الفتاة بالعديد من المراحل الطبيعية منذ الولادة,ويحكمها معادلات هرمونيّة عصبيّة دقيقة لاتحتمل الاضطراب,وتتكلل هذه الأحداث في نهاية حلقاتها بحدوث الدورة الشهرية كمؤشر للنجاح والذي يعلن بلوغ الفتاة الفسيولوجي.

كما هو المعروف عند البعض منّا وكما وضحت به بعض الدراسات إذا كان سن البلوغ يتراوح عالمياً مابين 9-16 سنة حيث لكل بيئة جغرافية ظروف تحكمها,فإنه في بلادنا يقع مابين عمر 11-12 سنه وذلك حسب دراسة علمية صادرة عن الجامعة الأردنية وبكل تأكيد لا أختلاف بين بلادنا_اليمن_والأردن بالمعنى الواضح لأنه في الأخير طبيعتنا وجغرافيتنا واحدة,لكن مايهم في هذا المقال وأشدد حذاري الاعتقاد أن هذا الحدث الفسيولوجي يعتبر شهادة صحيّة مصدّقة للمرور لعالم الزوجية على اعتبار أن ذلك إعلان على مقدرة الفتاة على الحمل والانجاب وهو المفهوم المتداول والمتوارث في أدمغة البعض.

لو نظرنا بعين العقل إلى الواقع  الصحي والعلمي لوجدنا أن جسم الفتاة يحتاج لسنوات أخرى حتى يكتمل ويستطيع التعامل مع المرحلة اللاحقة,والتي تتحدد وتتأثر بالمستوى العلمي والثقافي والعمر الزمني على حد سواء,فالدعوة إلى الفهم الدقيق للسن المثالي للزواج وتأخير حد الزواج أو الاختيار المناسب لسن الزواج يجب أن تفسر بإطارها الصحيح,وبإبعادها الحقيقة,والتي لايجب ان تفسره بدعوة التأخير لأسباب غير صحية,بل يجب التركيز على هذا المنطق عند تحليل هذه الأمر ببعده الصحيح وهدفه النبيل الذي يتمثل بحقيقة الابتعاد عن المخاطر والأضرار التي تنتج عن الزواج المبكر على كل أركان هذا الزواج ونتائجه,حيث أن تأخير سن الزواج إلى أن تبلغ الفتاة سن الثامن عشر أو مايزيد من عمرها سيساهم في تخفيض نسبة حدوث مضاعفات الزواج المبكر الصحية والاجتماعية والاقتصادية والشخصية.

وفي هذا الصدد أجتهد وأقول بأن الزواج المبكر جريمة اجتماعية منظّمة وغير عفويّة وتفتقر للخطوط الفطرية ويطلق عليها بلغة القانون جريمة قصدية,ويكون أحد أطرافها المخططين والمنفذين هما الوالدين,وهناك شركاء في الجريمة حتى تكتمل فصولها ويستحقون نفس العقوبة بإركان الرضى والتنفيذ,ومع كل أسف فإن الضحية لكل هؤلاء واحدة فقط وهي الطفلة الزوجة الأم المرضعة ربة المنزل في غير ذي ميعاد,كذلك علينا أن نلغي من قاموسنا الاجتماعي مقارنات ظالمة مع عصور سابقة نقدر ظروفها كجزء من التراث وحكايات الماضي,وعلينا ان نلغي أيضاً عادات اجتماعية متوارثه بمفاهيم خاطئة تبرر الجريمة,حيث يبحث المجرم عن المبرر لارتكاب خطيئة بحق الطفلة التي ستحرم من المرور الطبيعي بأدوار الطفولة والتعليم والصحة والحياة,لتدخل عالم الزوجية بتوقيت غير موفق,خصوصاًعندما ترتبط بطفل آخر كزوج أو برجل يكبرها بقدر عمرها,وهو أمر أسوأ من حيث الدرجة والنتيجة,وقد رضي هذا الزوج ان يغتال من حياة فتاة فصلاً مهماً في حياتها,وهو فصل الطفولة والبراءة الجميل,مدفوعاً ومبرراً لنفسه السير في هذا الطريق المظلم إرضاء لشهواته.

 وأضيف هنا اشيروأكرر_ليس نوعاً مني على الأخذ بهذا ولكن كما هو مدون في كافة حياتنا من خلال الفهم بالفطرة_ أن الزواج كحدث اجتماعي مجرد هو نعمة ربانية للمحافظة على النسل البشري يفترض أن يؤدي إلى بناء وترسيخ العلاقات الاجتماعية النموذجية المبنية على التسامح والمودة والرحمة والطيبة والتوافق والتناسب بين أفراده بفترة زمنية مثالية للطرفين,وحتى يكون الزواج مثالياً بدرجة النجاح,فيجب أن تتوفر له متطلبات أساسية وهو اليوم ليست موضوع حديثي ولكن أشتق منها العمر الزمني للارتباط بمعناه الصحيح وخصوصاً بالنسبة للفتاة.

الأهم من هذا كله لابد من زيادة نشرات الوعي على مختلف الفضائيات والتثقيف الصحي في المنزل والمدرسة,وبمختلف وسائل الإعلام هو واجب يفرض على كل منّا في موقعه لما في ذلك من دور أساسي ومحوري هام,وعلينا أن نوفر لأطفالنا التمتع بالمراحل العمرية المختلفة وكل حسب مقدرته واستطاعته,وتحت عنوان واحد قد يختلف سبيل تنفيذه وهو المحافظة على ابتسامة الطفولة في عالم متغيّر_ وأقول متغيّر_ لأنه لايرحم وللحديث بقية.

وجدان اليافعي

مقيم في الأردن

Whs_2008@live.com

.