fbpx
هذا موقف شعب الجنوب… فأين القيادات منه؟!

في هذا الظرف الهام والحاسم الذي ارتقى فيه شعبنا الجنوبي الأبي إلى ذروة حراكه السلمي المتصاعد من أجل انتصار قضيته العادلة. وهو ما تجلى بأروع الصور في خروجه الطوعي الواعي والمنظم في تلك الحشود الكُبرى المتتالية التي شهدتها عدن والمكلا وغيرهما من المدن والمناطق خلال الفترة القليلة الماضية, والتي ستزداد وتتعاظم في قادم الأيام,  أظهرت وتظهر للعالم مدى تشبثه وتمسكه بحقوقه المشروعة غير المنقوصة.. إذ أعلن بملء الفم- وبصوت واحد ترددت أصداؤه من (ضربة علي) وحوف في أطراف المهرة وحتى شواطئ باب المندب وسقطرى- أن هدفه الوحيد هو استعادة دولته المدنية وهويته وحريته وكرامته وأنه وحده صاحب القرار..

لقد خيَّب هذا الشعب العظيم بوعيه وبوحدته وحراكه السلمي الحضاري مراهنات نظام الاحتلال حينما سعى, في عز قوته, وبطرق مفضوحة ومكشوفة وبدون حياء أو خجل, لتمزيق لحمة الشعب الجنوبي وشق صفوفه ليتسنى له مواصلة احتلال أرضه ونهب ثرواته واستعباده, بيد أن شعبنا الصابر الأبي قد أدرك أبعاد ومرامي تلك المساعي الدنيئة فقابلها بالاستهجان والسخرية والرفض, بل ورفع في مواجهتها عاليا شعار التصالح والتسامح وجسده ويجسده يوميا وبأروع الصور على أرض الواقع في كل ساحات وميادين نضاله السلمي المتواصل, ولن يقبل تكرار (وحدة الغدر والكيد والخيانة) مجددا تحت أي مسمى, لأن المؤمن لا يُلدغ من نفس الجحر مرتين.

إن الشعوب هي المنتصرة حين تجمع على قضاياها المصيرية.. وقد أجمع شعبنا على قضيته المصيرية ولا تراجع عنها… فهو لم يهب هبته الكبرى بحثا عن زعامات أو قيادات… بل أن هدفه الأسمى والوحيد هو نيل استقلاله وحريته وكرامته واستعادة دولته المدنية .. ولا خلاف أن أعظم المناضلين هم من قدموا أرواحهم ثمناً للحرية والكرامة, ومن يقبعون في السجون أو يتقدمون صفوف النضال السلمي في الساحات والميادين.. ومع ذلك فبقدر اعتزاز شعبنا بكل قياداته التي تشاركه الهدف.. إلا أنه لا يرغب أن يظل بأكثر من رأس أو عدة رؤوس.. ولا يريد لجسده الواحد المعافى والمتماسك أن يتشظَّى مرة أخرى.. ونقول للقيادات الجنوبية بتعدد مكوناتها وأطيافها, في الداخل والخارج, أن شعبنا اليوم موحد الصفوف والهدف.. فلا تمزقوه بخلافاتكم وتبايناتكم الجانبية فقوموا بواجبكم واخلصوا النوايا لقضية الشعب, ولتتنافسوا من أجل  انتصارها وتقريب ساعة الحسم التي أضحت قاب قوسين أو أدنى.. وحذار أن يشتغل بعضكم ببعض أو ينفر أي منكم من الآخر أو يخوِّنه لمجرد الاختلاف بالرأي, ولتعلموا أن استمرار تفرقكم يضر بقضية شعبنا ويحقق صدق نبؤة رأس النظام المحروق التي قالها ساخرا منكم.. فتقدمون بذلك خدمة مجانية لقوى الاحتلال عجزت هي عن تحقيقها بكل اساليبها الدنيئة.. فترفعوا عن الخلافات وخيبوا مراهناتها تلك كما خيبها شعبنا.

وحسنا أن ارتفعت مواقفكم إلى ما يشبه الإجماع على ما يريده الشعب واحترام إرادته وعدم تجاوز خياراته الواضحة… لكن عليكم أن تتماهوا مع وحدته وتكونوا قدوة صالحة له, تتقدم صفوف النضال, لا البحث عن الزعامة أو القيادة أو المكانة والجاه, فإذا صلحتم وتصالحتم وتسامحتم مع أنفسكم وصدقت نواياكم, تعززت وحدة شعبنا واقترب من تحقيق هدفه العظيم والنبيل. فلا تخيبوا أمل شعبنا واقتنصوا الفرصة التاريخية بالسعي لتقريب وجهات النظر وصولا إلى مؤتمر وطني جنوبي يجمع كافة أطياف ومكونات الحراك السلمي ويفضي إلى تنسيق الجهود في الداخل والخارج وتضافرها من أجل التسريع بانتصار قضية شعبنا في الاستقلال واستعادة الدولة المدنية لجنوب جديد يتسع لكل ابنائه وينطلق في ركب التطور المنشود.