fbpx
“عدننه”مفردات انجليزيه عبر “هندنتها”

المعروف ان “عدن” كانت مستعمره بريطانيه  لمده  128 سنه (حتى عام 1967)  و المعروف ايضا انها كانت تًحكم عبر الهند حتى عام   1937 وكانت بريطانيا تاتي بالهنود الى عدن لاسباب كثيره منها ماهو اقتصادي كالاستفاده منهم في شغل الوظائف الاداريه الدنيا لاشغالها ومكاتبها ومنها ماهو سياسي وذلك كي تموضعهم كفئه عازله لها عن المجتمع العربي وكفئه تستطيع ضمان ولائها لها او هكذا كان حسابها. وقد كان الهنود يشكلون ما يساوي 11%  من اجمالي عدد سكان عدن في منتصف القرن الماضى.

 وقد فعلت بريطانيا الشئ نفسه في مستعمرات اخرى في افريقيا كيوغاندا حيث انقلب السحر على الساحر عندما طرد  عيدي امين كل من اتوا من شبه القاره الهنديه فما كان من بريطانيا الا استيعاب الاف منهم في اراضيها في بدايه السبعينبات من القرن الماضي 

 وقد بقي الكثير من الهنود المسلمين في عدن واندمجوا مع اهلها  واصبحوا قسم اصيل من نسيجها وخلفوا بعدهم ذريه اندمجت وتزاوجت مع العائلات العربيه المحليه  فاضحى الكثير منهم امتن عدنيه واصلب عروبه واشد حرصا على الاسلام  من قرنائهم في محيطهم. وهذه الفئه اضافت اضافات رائعه للمجتمع العدني مما زاد في خصوصيته و حمال حضاريته.

والمستعمرون عبر التاريخ يحاولون ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ان يفرضوا لغتهم وثقافتهم على من استعمروهم من الامم ففي ذلك تعزيز للهيمنه وزياده في الولاء وضمان للاستمراريه ودوام للروابط.

 ومن الظواهر الاجتماعيه-الانثروبيولجيه والتاريخيه المتككره  ان  الطبقه المجتمعيه العليا من هذه الامم في هذه المستعمرات تتباهى فيما بينها بانها الاكثراتقانا وفهما واستعمالا للغه المستعمروالابلغ انسجاما مع حضارته.  

و لا يدرك الكثيرون ان ثلث كلمات اللغه الانجليزيه هي –في حقيقه الامر-ذات جذور فرنسيه وكان ذلك نتيجه لغزو”وليام الفاتح” ملك النورمان لبريطانيا في عام 1066 -وكان الانجليز ممن  ينتمون الى الطبقات العليا واهل البلاط  وقتها لا يتحدثون الا بالفرنسيه حتى في بيوتهم وفيما بينهم تزلفا منهم للحاكم   واستمر الحال هكذا لما يقارب الثلاث مائه سنه   

وعوده لصلب الموضوع

المدهش في الامر والمثير للاعجاب ان اهل عدن لم يتأثروا كثير بمحاولات الانجليزمحو لغتهم الام وابدالها بلغه المستعمر الا ان كلمات انجليزيه كثيره دخلت اللهجه العدنيه ولكن تم عدننتها بالكامل ويلاحظ في هذه العدننه ما يلي من الظواهر

1.     -انها في كثير من الاحيان تخص –اكثر تحديدا- ما ادُخل الى عدن بعد دخول الانجليز مثل ما يتعلق بالسيارات او اصناف الرياضه التي اتى بها الانجليز او ما استُحدث من منشئات بعد دخولهم وساعطي امثله على  هذه الظاهره  لاحقا

2.     -ان الكثيرمن هذه الكلمات “عُدننـت” بعد “هندنتها” مما يعني ان اهل عدن كانوا يسمعون هذه الكلمات من الهنود وليس من الانجليز مما  يشيرالى   قله الاحتكاك بين الانجليز وبين سكان عدن الاصليين وللهنود طرقهم في تخريج المفردات الانجليزيه ومن امثله ذلك جنوحهم الى تخفيف حرف الجيم المعطشه الى صوت ال “ز” كأن ينادي احدهم صديقه “جيمس” ب “زيمس”  اوان يستبدلوا صوت ال “و” بصوت ال “ڤ” كأن يقول “ڤن”  وهو يعني “ون” (أي واحد)

والغريبه انهم يقلبون هذه القاعده راسا على عقب فيحٌرفون صوت ال”ڤ” الى صوت ال “و” او ان يخفونه كليٌه كأن يقولون “فاي” وهو يعنون “فايڤ” (أي خمسه) وسأتي الى امثله من العدننه المرتكزه على هذه الظاهره  لاحقا

3.     الجدير بالذكر ان الانجليز اعطوا لبعض المدن العدنيه اسماء من عندهم الا ان هذه الاسماء لم تشيع او تُقبل من ابناء عدن الا في اطار ضيق فالتواهي لم تتحول الى “ستيمر بوينت” ( أي مركز الباخره) بين العدنيين  والبريقه طغت على “ليتل ايدن” او “حتى “عدن الصغرى” ولكن يبقى ان نقول ان كثيرا من العدنيين  يستعملون اسم “كريتر” ( التي تعني “الفوهه البركانيه”) كمرادف لاسم “عدن” المدينه التاريخيه التي تحتوي على الصهاريج وقد يعود ذلك الى سهوله لفظ الكلمه او الى الحاجه الى التمييز بين مدينه الصهارج و بين ” عدن الكبرى” او “عدن المحافظه”

 وما استغربه هوان “خورمكسر” بقيت “خورمكسر” (وهو الاسم القديم لتلك المنطقه بحسب المؤرح العدني  حمزه لقمان) بالرغم من الوجود المكثف للانجليز ولعوائلهم في خورمكسر بعيد استحداثهم هناك للثكنات العسكريه المتعدده بمافي ذلك مركز سلاح الجو الملكي البريطاني والمطارين الحربي والمدني

-والمعروف ان الانجليز يلفظون صوت ال”ر” بصيغه لاتكاد تسمع او هي اقرب لصوت ال”ه” الخافته اما العدنيون فيقلبونها الى صوت ال”ه” الدامغه كان يقولوا “كونه” لضربه الركن في لعبه كره القدم التي هي في الاصل الانجليزي “كورنر”

– ينبغي التنبيه ان العدنيين وقتها كٌيفوا المفردات الانجليزيه عدننة وفقا لسمعهم لها وليس عن طريق كتابتها في مجمل الاوقات  

فيما يلي بعض من امثله لما اسلفت في اطار قصه قصيره بطلها فؤاد العدني

 فقد اوقف فصاحبنا العدني فؤاد   “الدريول”  (سائق السياره) ليوصله الى “لصبطان” لمعاينه “التختر”  لابنه الصغير وبما انه اوقفه متأخراً  فقد اضطر   “الدريول” الى الرجوع “ريوس“بالسياره

 و يجدر الاشاره الى ان لفظيٌ “الدريول“وال  “ريوس” مثالان جيدان للعدننه عبر الهندنه حيث تم اسقاط صوت ال”ڤ” في اللفظين الانجليزيين “درايڤر”  و”ري –ڤرس”    والهنود يلفظون معنى المشفى بالانجليزيه ب” اصبيتال” بدلا من “هوس-بي-تل”

ومر فؤاد في طريقه الى المشفى على منطقه ال“روزميت” قرب صيره و”الروزميت” عدننه لكلمه “ري-جي-منت” بالجيم المعطشه التي يحرفها الهنود الى صوت ال”ز” كما اسلفنا فتتحول لفظأٌ الى“رزمنت  و”ري-جي-منت”  تعني “الفوج”  او “الكتيبه” وقد شيد الانجليز معسكرا هناك في اول عهدهم بعدن

باُسقاط صوت ال “ر” من ويحتج فؤاد  على “الدريول“لاستعماله المستمر لل“هون” (بوق المركبه)- “هورن” الانجليزيه- ومما زاد  فؤاد انزعاجا استعمال“الدريول”    لل“همبريك” (هاند بريك اي فرمله اليد) عوضا لل”بريك” الذي يبدو انه اصيب بخلل جزئي    مع   الغير السوي لل“كليش” الذي هو “كلتش” بالانجليزيه  وللعلم فان الهنود احيانا يحلون صوت ال”ت” مكان ال”د”) وتمنى فؤاد ان يكون لدي السائق  “ستبني” لل“تاير” الامامي المعدوم  

وفي الطريق تمر المركبه بملعب الكره ويبتسم فؤاد عندما يتذكر  انتصار فريقه-التلال- الاخير على نادي الوحده على الرغم من اضاعته لهدف ب” البلنتي” (واللفظ الانجليزب هو ” بن-ال-تي) اضافه الى تغاضي الحكم عن اكثر من “درزن”(دا-زن) من”الهمبولات“اقترفتها ايادي لاعبي الوحده وقال فؤاد لنفسه انه لن ينسى ابدا  “الجول” الذي احرزه ابن  الماس من ضربه “كونه”

وفي طريق العوده اشترى فؤاد “راشن” البيت ودخل ال” بنقله” او ال “بنجله”(وتًلفظ انجليزيا بن-جالو) التي يقطن فيها واتجه مباشره الى “البرنده”“(وتلفظ انجليزيا  ڤيران-دا)  المطله على الشارع  ليشرب ” البانيهيس” مع ابنه

والطريف  ان الانجليز انفسهم اخذوا كلمتي ” بن-جالو ” و” ڤيران-دا” من اللغه الهنديه نفسها وتعنيان”البيت المتكون من طابق واحد” و “الشرفه” على التوالي ولفظهما عند الهنود  “بنجلا” و “بي-راندا” وهما اقرب للفظ العدني من اللفظ الانجليزي مما يضيف بينه لنظريه “العدننه عبر الهندنه”

ولعل الاطرف –مما قد يعتد به كدليل نسبي اخر للنظريه- هوان كلمه ال  “بانيهيس”كلمه مركٌبه من كلمتين احدهما هنديه (باني بمعنى ماء) واخرى انجليزيه  ( أيس بمعنى ثلج)

ومن سنه الله سبحانه وتعالى في الناس ان يداول الايام بينهم ومن افرازات هذ التداول- تداول لغات الناس في الوقت نفسه وقد احصى “قاموس اوكسفورد الانجليزي” ما يربو على ا لالف كلمه ذات الجذور العربيه اما اللغه الهندوستانيه(يطلق عليها اسم “هندي” في الهند واسم “اردو” في الباكستان والاثنتان يكادا يكونا متطابقتين) ففيها الالاف من الكلمات العربيه