fbpx
حفلات الزفاف .. إسراف يحرم البسطاء من الزواج
شارك الخبر
حفلات الزفاف .. إسراف يحرم البسطاء من الزواج

كتب- محروس رسلان:
باتت حفلات الزواج مشكلة يعاني منها الشباب من غير القادرين الذين يرغبون في إعفاف أنفسهم وإقامة حياة سعيدة بعيدة عن التكلف وخالية من التعقيد والقيود التي ترهقهم قبل الزواج وبعده، غير أن سعي الأسر الفقيرة الى تقليد الأسر الغنية القادرة بدا عقدة مستحكمة حيث صارت حفلات الزواج الخمس إحدى ضرورات الزواج التي لايمكن أن يقام بدونها، رغم أن الاسلام دعا الى التيسير في الزواج وحث عليه، ودلنا على أن التيسير سبب جالب للبركة والمودة التي تحافظ على أواصر العلاقة بين الزوج والزوجة، فهل يتخلص المجتمع من هذه العادات التي تتسبب يوما بعد يوم في نفور الشباب من المسؤولية المثقلة بالدين، أم تظل هذه الصورة هي المسيطرة على شكل الزواج في المجتمع؟ .. راية الاسلام تفتح باب النقاش حول حفلات الزواج وتستمع الى رأي عدد من العلماء والخبراء لتقديم وجهة نظر متكاملة ودقيقة لعلاج هذه الظاهرة.
في البداية قال فضيلة الشيخ أحمد الفرجابي الخبير الشرعي بوزارة الأوقاف: إن الشريعة الاسلامية حرصت على تيسير الزواج وقال صلى الله عليه وسلم: “أكثرهن بركة أيسرهن مهراً” ولو كان التباهي بالأموال مكرمة لسبقنا إليها رسول الله والكرام.
وأشار الى أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج بعض أصحابه بخاتم من حديد وزوج بعضهم بما يحفظ من كتاب الله المجيد حيث قال له: “زوجتك بما معك من القرآن”، وبذلك تعتبر المصاريف المبالغة في تكاليف الزواج أمر خارج إطار الشرع لم يدع إليه الدين الاسلامي الحنيف بل نهى عنه.
وانتقد الفرجابي استفحال هذه الظاهرة في المجتمع بقوله: لقد تحولت مناسبة الزواج الى عدد من المناسبات، وهذا الأمر دخيل وخطير بأنه مسؤول عن تأخر الزواج وعما يسمى بعنوسة البنات.
وأضاف: لدي طرفة بهذه المناسبة وهي قصة حقيقية: حيث تقدم أحد الشباب الى إحدى الأسر وطلب يد ابنتهم للزواج، وظل يدخل وينتقل من حفل الى حفل ومن دين الى دين حتى تم الزواج، وبعد وقت من الزواج ذهب أهل العروس لزيارتها، فوقف الزوج بالباب أمام والد العروس وقال له: لن ترى ابنتك إلا بعد أن تدفع 10 آلاف ريال في كل زيارة، لأنك أثقلتني بالدين الذي لم يكن هناك حاجة له.
وأشاد الفرجابي بمبادرة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين الخاصة بإقامة قاعات أفراح على أعلى المستويات وتوفيرها للشباب الراغبين في الزواج مجانا، وقال: أرى أنه اذا كانت الدولة تسعى الى التيسير والتخفيف على الشباب فعلينا أن نسعى بدورنا كمجتمع الى التخلص من هذه الممارسات الخاطئة التي يترتب عليها يأس كثير من الشباب من مسألة الزواج وخطورة المسألة تكمن في أننا نصعب الحلال في زمان يسهل فيه الوقوع في الحرام.
وعن الحكم الشرعي قال الشيخ الفرجابي: إن الإسراف محرم والشريعة تحرم الإسراف، حيث قال تعالى: “ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”.، وقال معاوية رضي الله عنه: “ما رأيت سرفاً إلا وإلى جواره حق مضيع”. وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراف في المهور حتى قال: “كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل”.
وأوضح أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث :”أولم ولو بشاة” يدل على التيسير؛ نظرا لأن المصلحة الشرعية هي تقليل المهور ونفقات الزواج، والتي باتت أمراً مطلوباً، فقد بلغنا أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال : تيسير نفقات الزواج من المروءة.
بدوره أكد فضيلة الداعية الاسلامي الشيخ أحمد البوعينين أن الحفلات الكثيرة للزواج الواحد إرهاق للزوج وأهل الزوجة، مشيرا الى أن الزواج يمر بخمس حفلات هي “يوم الملكة (العقد) – ويوم الخطوبة- ويوم الحنة- ويوم الزفاف- ويوم الهدية”.
وأشار الى أن الجمعيات الخيرية تحاول المساهمة في رفع الكلفة عن عاتق الشباب عبر الخيم الخاصة بحفلات الزواج الجماعية.
وانتقد البوعينين الإسراف الذي يتبدى ايضا في النفقات على الأزياء في كل حفلة، لافتا الى أن أقل لبس يلبس في الحفلة تصل تكلفته الى 1000 ريال.
واقترح البوعينين جمع حفلات الزواج في حفلة واحدة، نؤكدا أن ذلك من شأنه أن يسهل كثيراً في تخفيف المعاناة الخاصة بنفقات الزواج.
ودعا البوعينين الى عدم التبذير في حفلات الزواج التي تلعب النساء دورا كبيرا في التباهي بها وحث الرجال على الإنفاق غير المحدود عليها، كما دعا الى أن يجري العقد والدخول خلال فترة قصيرة تخفيفا على كل من أهل الزوج والزوجة، مشيرا الى أن هذا الإجراء من شأنه أن يرفع كثيرا من الأعباء عن الزوج.
وأعرب البوعينين عن تمنيه في أن يتم تغيير العادات السلبية الى عادات إيجابية، قائلا: نحن في نعمة كبيرة تحتاج الى شكر، ومن لوازم شكرها الحفاظ عليها وليس إنفاقها في غير محلها، والتبذير فيما لا طائل منه، مشددا على أن هناك طبقات بالمجتمع تعاني بسبب السعي الى تقليد غيرها من الطبقات الغنية التي تتفنن في إخراج حفلات الزواج بطرق فيها الكثير من الإسراف.
من جهته أكد الدكتور محمد خليفة الكبيسي، مدرب التنمية البشرية والادارية، أن أمر حفلات الزواج والمبالغة في نفقاتها تضخم خلال الفترة الاخيرة الى حدود مبالغ فيها جداً.
وقال الكبيسي: الفكرة الرئيسية في الزواج عقد بين الاثنين ليكونا سكنا لبعضهما البعض، والسكن والبركة أمران مطلوبان في الزواج، وتأتي البركة بتقليل التكاليف والتيسير في الزواج الذي يعد سببا في دوام العلاقة.
وأضاف: نصوص الاسلام حثت على الحد المقبول في الزواج وليس المبالغة، حيث تضخمت مصاريف الزواج بشكل زاد عن اللزوم، فكل فعالية جديدة تزيد من التكاليف حتى وصلت ليالي الحنة الى 5 ليال.
وأبان الكبيسي أن تأخر سن الزواج يرجع في أحيان كثيرة الى صعوبة أمور وتكاليف الزواج، وانفتاح المجتمع القطري الذي لا ينبغي أن يكون سبباً في رفع تكاليف الزواج.
وطالب الكبيسي المؤسسات الاجتماعية والإعلام والعلماء باتخاذ وقفة جادة، وتبني دور توعوي لتغيير هذه العادات وغرس القيم الاسلامية والهدي النبوي الخاص بالزواج، مشيرا الى أن الزواج تحول الى صورة للاستعراض والتعلق بالمظاهر، حتى أصبحت هذه الصورة هي المهيمنة على عقلية كثير من فئات المجتمع، ما يمكن أن يؤدي الى إفراز مشاكل كبيرة لابد من معالجتها الان قبل أن تكبر.
من جانبه أكد الدكتور محمد حسن المريخي أن الاسلام دين حياة في الأفراح والأتراح يقدر الانسان ويحرص على أن يسعد بزواجه متى أراد الزواج لا أن يشقى?.
وقال المريخي: الاسلام ليس فيه تضييق على الأفراد لا على المرأة ولا على الرجل، وانما هو حريص على أن يفرح كلاهما وأن تقام الوليمة التي ينبغي ان تكون معتدلة بدون إسراف ولا تبذير، متسائلا: كيف يتفق حالنا الان مع هذه التعاليم والمقاصد ونحن في سبيل الوصول الى ليلة الدخلة نمر بـ 5 حفلات، ثم يدب الشجار ويقع الطلاق بسبب الديون التي يتكبدها الزواج?.
وأضاف: إن الله سبحانه وتعالى يبارك في الزيجات الهينة السهلة التي يتقى فيها الرب ويراقب،فإذا بارك الله في الزيجة رزق الزوج والزوجة أبناء صالحين يعمرون الأرض بطاعة الله سبحانه?، وإذا اتقى الله فإن الله يبارك في الزيجة الى ذرية الذرية، وعلى هذا نطالب إخواننا الذين يرغبون في الزواج بتقوى الله، والبعد عن البدع والخرافات والتبذير والإسراف حتى ينعموا بحياة سعيدة وفق مبادئ وتعاليم الاسلام.
وتابع: اعلموا أن الإسراف كله واحد وهو محرم، لأن الله قال: «ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين»، وقال ايضا: «ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين”، ناصحا الأسر بتقوى الله والتعقل في إقامة الحفلات، مشيرا الى أن ما يقام ليست حفلات بل فوضى تنتشر في المجتمع وتتزايد يوما بعد يوم.

أخبار ذات صله