fbpx
فك الارتباط هربا من الأستعباط !!

قعدت مع نفسي أتساءل لماذا الجنوبيون يريدون فك الارتباط عن الشمال ؟ 
افتراضا لو تحقق لهم ذلك فانهم سيذهبون في اليوم التالي الى تحصين حدودهم البريه والبحرية مع الشمال من الاختراقات ومن المتسللين وعلى طول ما يقارب 2000 كيلوا متر من هذه الحدود سيقف ما يقارب 100 الف جندي على اقل تقدير مع عتادهم ومعداتهم يحرسون البراري والجبال ليلا ونهار – الى جانب ذلك ستكون وحدات اخرى من الامن والشرطة على اهبة الاستعداد للمطاردة المستمرة ضد هولا المتسللين في الداخل كما تفعل الجارة السعودية هذه الايام مع مشكلة الحدود اليمنية السعودية ,

ثم لننظر بعد ذلك الى حجم التكاليف المادية والقلق النفسي وهم التنقل بين الجانبين – ولا تنسى ان تحسب عروض الشركات الأجنبية التي ستبني السجاج العازل وكآمرات المراقبة وحصون الانذار المبكر . وحين تعد سكان الجنوب الذين لا يتعدون 3مليون مثلا كيف ستوزع هذا العدد من اصل الشريحة من الشباب القادره على الانخراط في التجنيد العسكري الطوعي او الاجباري كما كان في عهد الحكم الاشتراكي للجنوب . قس على ما سبق ما كان عليه الوضع ماقبل الوحدة في عام 1990 حيث كانت طبيعة الارض تساعد على الانعزال فلا طرق مسفلته ولا قرى مترابطة – ولا اسواق متداخله ولا علاقات ومصالح تجارية متشابكة بين الاسر ولاتبادل تجاري ومصالح بين رجال الاعمال الا فيما ندر ..

وبالأمس رأيت وامام الحضور في قاعة الحوار اليمني في صنعاء اعتراض القيادي الجنوبي محمد على احمد على آلية توزيع واختيار المشاركين في فريق العمل الخاص بالقضية الجنوبية.
وتحدث احمد من على منصة الحوار للمرة الاولى .. مطالبا بإعادة النظر في آلية توزيع المشاركين واعادة تقسيم المشاركين مناصفة بين الشمال والجنوب .
(معتبر ان الوحدة الاندماجية قد انتهت ورفض القبول بخيار فك الارتباط.) وكأن الاستاذ بن على يدرك صعوبة التعامل الواقعي على الارض مع مشروع فك الارتباط .بين الشمال وبين الجنوب – ناهيك عن مشاكل دولية كثيرة اخرى ليس هذا مجالها هنا .

وفي اعتقادي ان هناك علاقة قوية بين الرغبة في فك الارتباط – وبين رفض الاستعباط السائد في تعامل الشمال مع الجنوب منذ 1990.. وعجبني ماقاله د. مصطفى رجب بتاريخ 19 – 10 – 2007 “قال (الاستعباط “) في العامية المصرية الحديثة مأخوذ من لفظ ” العَبَط ” بمعنى : الغفلة والجهل ، ولهذا المصدر مرادف مكافئ له في الدلالة بدرجة كبيرة وهو ” الاستهبال ” مأخوذ من لفظ ” الهَبَل ” فالأهبل والعبيط : بنو عَلاَّت في أصل الدلالة على الغفلة التي تلد الخيبة !! ودخول الألف والسين والتاء على المصدر الأصلي يعني أن الشخص الذي يستعبط ليس عبيطا في الأصل وإنما هو واعٍ كل الوعي ، ولكنه يدعي أنه أبله مغفل ، وهدفه من الاستعباط أو الاستهبال استغفال من يسمعه أو من يصدِّقه .!! وهذا ما اشتكى منه جميع الجنوبيين فعلا ..

وعودة الى معنى فك الارتباط هنا لعلنا نشاهد هنا نموذج مؤسف لهذه الفكرة – مفاده ان قرار فك الارتباط هو القرار الذي اتخذه العاهل الأردني الملك حسين عام 1988 بإنهاء ارتباط الضفة الغربية إدارياً وقانونياً مع المملكة الأردنية الهاشمية حيث كان يعرف هذا الارتباط باسم وحدة الضفتين.
كانت الضفة الغربية جزءاً من الأردن منذ مؤتمر أريحا عام 1949 حتى حرب الأيام الستة عام 1967. لم تعترف الدول العربية بأن الضفة الغربية هي جزأ من المملكة الأردنية الهاشمية وفي عام 1974 قررت الدول العربية الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
في عام 1988 أعلن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات دولة فلسطين. وبناء على طلب ياسر عرفات قام الملك حسبن بأخذ القرار بفك الأرتباط بالضفة الغربية. لقد بكى الملك حسين على هذا القرار.. 
نامل الا نبكي نحن جميعا كما بكى الفلسطيني اليوم من بكى الملك حسين رحمة الله علية بالأمس ..