fbpx
الدبلوماسية خيار مصر لتقليص خسائرها في ليبيا
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

تتحرك مصر للتقليص من حجم خسائرها في ليبيا، حيث كانت آخر هذه الخسائر فشل مرشحيها رئيس البرلمان عقيلة صالح ووزير الداخلية فتحي باشاغا في ترؤس السلطة التنفيذية الجديدة، من خلال مواصلة تفعيل دبلوماسيتها غرب ليبيا.

 

وتحاول مصر تدارك تلك الخسارة بالتعامل بإيجابية مع رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، من خلال تسريع عملية إعادة فتح سفارتها في طرابلس وقنصليتها في بنغازي دعما للقيادات الجديدة، في رسالة يبدو أن الهدف منها التأكيد على أن “تركيا لن تلعب بمفردها غرب ليبيا”.

 

وأعلنت القاهرة الاثنين عن وصول وفد مصري إلى طرابلس، في إطار التحضيرات الفنية الخاصة باستئناف التواجد الدبلوماسي في الفترة المقبلة، والاستفادة من الحيوية المتوافرة للتسوية السياسية.

 

وبعثت السلطة الجديدة رسائل إيجابية بشأن استعدادها للتعامل مع كل الدول والانفتاح على الجميع دون استثناء، وهو ما سيسهل تحركات مصر الدبلوماسية. لكن ارتباط المرشحين بتركيا يعني أن كل ما قد تحصل عليه القاهرة في ليبيا لن يكون إلا بموافقة أنقرة التي ترفض الانسحاب العسكري من غرب ليبيا.

 

محمد السلاك: الكيانات الموالية للخارج أصبحت عاجزة عن عرقلة المسار السياسي

وتتعلق الزيارة الجديدة بالإجراءات والترتيبات اللوجيستية الخاصة بدراسة توقيت عودة العمل بكل من السفارة المصرية في طرابلس والقنصلية المصرية في بنغازي.

 

واتصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بكل من المنفي والدبيبة وهنأهما على توليهما السلطة التنفيذية، تمهيدا لإجراء الانتخابات العامة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، ووعد بأن يوفّر لهما الدعم والمساندة.

 

وأجلت وزارة الخارجية المصرية في يناير 2014 جميع العاملين في السفارة المصرية بطرابلس بعد خطف أربعة من الدبلوماسيين الذين تم إطلاق سراحهم لاحقا، لكن ظلت السفارة مغلقة، ومنحت القاهرة جزءا كبيرا من وقتها للشرق الليبي.

 

وساعد الغياب الدبلوماسي المصري عن طرابلس في توفير بيئة مواتية لتركيا لزيادة تحركاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية بالتعاون مع رئيس المجلس الرئاسي، رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وتمكنت من تثبيت أقدامها في غرب ليبيا.

 

وقلل الحضور المصري في الغرب الليبي -لحساب زيادته في الشرق- من حظوظ القاهرة في تمتين علاقاتها مع طبقة سياسية عريضة في طرابلس، وبدأت تنتبه لمخاطر هذه السياسة مؤخرا، وقامت باستدارات نحو شرائح ليبية مختلفة، وتمكنت من تصويب الكثير من المسارات، واستضافت عدة حوارات بين قوى من الشرق والغرب والجنوب.

 

وأدى وفد دبلوماسي وأمني مصري رفيع زيارة إلى طرابلس قبل نهاية ديسمبر الماضي، والتقى عددا من المسؤولين على رأسهم فتحي باشاغا المحسوب على حزب العدالة والبناء الإخواني، كما تباحث في تفاصيل إعادة فتح السفارة المصرية في ليبيا.

 

وقال محمد السلاك، المتحدث السابق باسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إن زيارة الوفد المصري الحالية “جزء من انفتاح القاهرة على ليبيا بأكملها، والذي يتضح جليا في حجم الزيارات المتباينة مؤخرا من طرابلس إلى القاهرة أو العكس، وفي إطار تحقيق مصر لرؤيتها الرامية إلى منع التدخلات الخارجية”.

 

وأضاف السلاك في تصريح لـ”العرب” أن “القاهرة تسعى لتوفير المزيد من الدعم للعملية السياسية في ليبيا، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية، واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن”.

 

وتبدو الأجواء ممهدة حاليا لمضي المسار السياسي في طريقه مع تزايد درجات التوافق الداخلي من قبل المسؤولين في الشرق والغرب، وذلك لا يمنع من وجود تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة على السلطة الجديدة معالجتها بحكمة.

 

ويتوجب على رئيس الوزراء الجديد عبدالحميد الدبيبة تشكيل الحكومة قبل السادس والعشرين من فبراير الحالي، على أن يقدم برنامج عمله إلى البرلمان للتصديق عليه في جلسة عامة خلال 21 يوما، تمهيدا لبدء الحكومة الجديدة عملها رسميًا.

 

وإذا أخفق مجلس النواب في التصديق على الحكومة وسط ما يواجهه من انقسامات بين أعضائه فسوف تحيل بعثة الدعم السياسي التابعة للأمم المتحدة الأمر إلى أعضاء الملتقى السياسي (لجنة الـ75) للقيام بالمهمة بدلا من البرلمان.

 

وتصطدم مساعي الحكومة بخلاف حول مكان انعقاد الجلسة العامة بين الكتلة البرلمانية في الغرب التي تطالب بعقدها في طرابلس أو صبراتة وكتلة الشرق التي تدعو إلى عقدها في طبرق أو مدينة سرت.

 

وأكد السلاك أن الكيانات الموالية للخارج في ليبيا أصبحت ضعيفة وعاجزة عن عرقلة المسار السياسي، ما يدعو إلى التفاؤل بتسهيل مهمة تشكيل الحكومة الجديدة.

 

الغياب الدبلوماسي المصري عن طرابلس ساعد في توفير بيئة مواتية لتركيا لزيادة تحركاتها

وكشفت مصادر مصرية أن القاهرة عازمة على زيادة التواجد في غرب ليبيا عبر بعثتها الدبلوماسية، والانفتاح على جميع القوى الوطنية، لأن البلاد تمر بمرحلة فاصلة تستوجب أن تكون مصر حاضرة هناك.

 

وأضافت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن “دور أنقرة العسكري والأمني يجب أن يتراجع، فاستمراره يمثل عائقا كبيرا أمام جلب الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وتولي القيادة التنفيذية الجديدةُ في طرابلس وقفَ التدخلات الخارجية في البلاد اهتماما بالغا، وفي مقدمة هذه التدخلات المرتزقة الذين أوفدتهم تركيا للقيام بمهام أمنية لصالحها”.

 

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن فتح سفارة مصرية في طرابلس ينطوي على رسالة دعم سياسية للمبعوث الأممي الجديد في ليبيا يان كوبيتش، والمساهمة في نجاح مهمته، وحث دول أخرى على القيام بخطوة مماثلة، توحي في مجملها بالاقتراب من التسوية.

 

وتعمل مصر على تفويت الفرصة على تركيا ومنعها من استغلال هذه المرحلة الانتقالية لترتيب أوضاع المرحلة الدائمة لصالح تنظيمات أكثر تشددا من الإخوان المسلمين، وهو السيناريو القاتم بالنسبة إلى مصر، والذي يفرض عليها المزيد من العمل الدبلوماسي.

 

وأوضح المتحدث باسم الحركة الوطنية الشعبية ناصر سعيد أن تضييق القاهرة الخناق السياسي على تركيا في طرابلس يتأتى عبر الانفتاح على جميع الأطراف، باستثناء الإرهابيين والمرتزقة الذين تطالب القاهرة دائمًا بخروجهم.

 

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن زيارة الوفد المصري تأتي في ظل صعوبات كبيرة تقع على الحكومة الجديدة، أهمها دورها في خروج المرتزقة والإفراج عن سجناء قابعين في السجون منذ سقوط حكم العقيد معمر القذافي، وإعادة النازحين الذين هجروا ديارهم بسبب الأوضاع الأمنية المتردية.

 

وتفرض هذه التحديات على الدبلوماسية المصرية المزيد من التحركات على الصعيدين الداخلي والخارجي، لأن هذه الملفات لها امتدادات مع أطراف عديدة، ويصعب حلها دون تعاون وتنسيق كبيرين مع قوى إقليمية ودولية.

أخبار ذات صله