fbpx
رقصة الإغواء و تداعياتها, والمتساقطون على أنغامها (1-2)

 

لم يعد خافياً على أحد عدم تتطرق “المبادرة الخليجية” للقضية الجنوبية, بل على العكس من ذلك فقد استثنتها على اعتبار أنها خارج إطار مبادرة حلحلة الخصومة السياسية في صنعاء و ان قضية الجنوب يجب ان تعالج وفق المواثيق الدولية, ولكن إدراجها ضمن الآلية التنفيذية للمبادرة التي أتت لوضع حد للصراع على السلطة هناك, جاء بهدف الالتفاف على البنود الواضحة للمبادرة وتعقيدها والذي يصب في محصلته لصالح القوى التي أعادت إنتاج نظام الجمهورية العربية اليمنية واحتلال الجنوب و استهدافه ممن درجوا على معاملة شعبه كغنيمة حرب, ولم يكتفوا بذلك بل امتد عبثهم لهويته وتاريخه وارثه الحضاري والثقافي مع استمرار سياسة إصدار الفتاوى التكفيرية بحقه, و ما المحاولات الأممية المستميتة لإقناع قادة الجنوب في الخارج للمشاركة فيه إلا تحصيل حاصل وكمخرج من فخ وقع فيه الرعاة.
ما ان بدأت رقصة الإغواء للمشاركة في الحوار اليمني حتى وقع فريسة لها المقايضون بقضية وثورة الجنوب ممن اتخذوا زوراً الصفة القيادية للحراك, من ذوي التركيبة الأنانية الطافحة بالطموح الغير مشروع والكسب المادي الرخيص والساعين لامتلاك الدور الريادي على جماجم أبناء الجنوب, وكأني بهم يقولون “لقد اضطررننا لفعل ذلك إنقاذاً لشعب الجنوب” في محاولة لاستغفاله تحقيقا لمآرب نعرف جُلّها ونجهل البعض الآخر, لذا نجد ان الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية حاضرة بخبث في أجندتهم أي “قولاً لا فعلا” بمعنى انها غير واردة في عقل و فكر من يدعون تمثيل الجنوب في حوار صنعاء, ومرفوضة جملة وتفصيلا في قاموس عصابات النهب والفيد في صنعاء.
كثيرة هي الأفعال والأعمال التي يمكن ان تخرجك عن طورك وتصيبك بالغثيان خاصة عندما تأتي من مقتنصو الفرص و ممن شرّعوا لأنفسهم الأحقية في الدور الريادي و ركوب موجة الحراك الجنوبي ونصّبوا أنفسهم قادة و أوصياء عليه له دون وجل أو حياء, فالصفة القيادية للحراك الجنوبي ليس بعمامة يعتمرها من هب ودب, ليمشى متبختراً مدعياً تمثيل الجنوب, بل نضال ثوري تراكمي دون كلل أو ملل, وفوق كل ذلك ضرورة التمتع بصفات قيادية معينة لا تشترى, حقا انها مفارقة غريبة ان يأتي مدعٍ لا يفقه إلا في سوق البورصة وسعر أُونصة الذهب وبرميل النفط, حالماً بالجلوس على الكرسي ليحكم الجنوب حتى وان ظل تحت الاحتلال, و مما لا شك فيه ان أولائك لا يعبرون عما يريده الشارع, لذا رأيناهم وقد صُدِموا بخروج المليونيات الرافضة للاحتلال والمناوئة لهم، والعازفة عن السير خلفهم باتجاه ما يسمى الحوار الوطني, و على الرغم من ان أمثال هؤلاء يعدون أسوأ واخطر من المحتل ذاته إلا اني لا أريد هنا ان أتعمق في تصريحاتهم و تحديهم لإرادة الملايين الرافضة لهكذا حوار بالمشاركة فيه, لا لشيء وإنما كي لا أسهم في إعطائهم حجم اكبر مما هم عليه فعلا, ويكفيهم ما يقال “إذا كان تواجدك لا تأثيراً له, فغيابك لا يعني شيئا”.