fbpx
تفكيك شفرات منشأ كوفيد – 19 عملية دبلوماسية شديدة التعقيد
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

يعتبر فهم كيفية انتقال فايروس كورونا المستجد، والذي تسبب حتى الآن بوفاة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في العالم إلى الإنسان، أمرا جوهريا في سبيل تدارك وباء جديد قد ينتشر في المستقبل، ولذلك لا تتوانى منظمة الصحة العالمية في استكمال تحقيقاتها المعقدة حول منشأة الجائحة، والتي يجمع المراقبون على أنها تتطلب دبلوماسية قوية بالنظر إلى ما وصلت إليه الأوضاع اليوم.

 

ولم تتضمن استخلاصات تحقيق أجراه فريق علماء أرسلته منظمة الصحة العالمية إلى الصين مع زملاء صينيين، أي رد نهائي على هذا السؤال، بل دعت إلى إجراء المزيد من الأبحاث، بعد أن رجح التقرير المشترك أن يكون كورونا قد انتقل إلى الإنسان عبر حيوان وسيط انتقلت إليه العدوى من خفّاش، مستبعدا فرضية تسرّب الفايروس من مختبر صيني على خلفية تشكيك بالاستقلالية.

 

وإن كانت منظمة الصحة العالمية تتفق مع قسم كبير من الأسرة الدولية على وجوب مواصلة التحقيقات، لكن اختبار قوة يجري في الكواليس لمعرفة أين ينبغي إجراؤها، وليس فقط ما الذي يجب التحقيق بشأنه. واستغرق الأمر أكثر من عام بعد ظهور أولى الإصابات في ووهان بوسط الصين في ديسمبر 2019 حتى يتمكن المحققون الدوليون من التوجه إلى الموقع.

 

ويبدو التساؤل الأكثر إلحاحا في كيفية ممارسة ضغوط دبلوماسية أكبر على الصين من أجل التعاون أكثر في هذا المضمار خاصة وأنها رفضت الدعوات لإجراء تحقيق خارجي مستقل. وهذا الموقف ولد اعتقادا عند دوائر صنع القرار الغربي وحتى لدى مراكز الأبحاث بأنها تخفي شيئا حول مصدر الفايروس خشية أن تجد نفسها في عزلة دولية.

 

جامي ميتزل: مواصلة التحقيق يجب ألا تركز على الصين فذلك أمر عبثي

 

ويقول الحزب الشيوعي الحاكم، الذي واجه اتهامات بأنه سمح للمرض بالانتشار، إن الفايروس جاء من الخارج، ربما من المأكولات البحرية المستوردة، لكن العلماء الدوليين يرفضون هذه الفكرة، كما سعت بكين في الكثير من المناسبات للترويج لنظريات تربط المرض بالجيش الأميركي.

 

وأفضت تقارير غربية إلى حقيقة مفادها أن بكين تفرض قيودا على الأبحاث في تفشي المرض وتمنع العلماء من التحدث إلى المراسلين لدرجة أن بعض المراقبين يعتقدون أن الأصل قد لا يتم تتبعه أبدا لأن الفايروسات تتغير بسرعة.

 

وتريد بكين أن تتجنب بأي ثمن تحميلها مسؤولية انتشار الوباء، وتبذل السلطات الصينية اليوم كل ما بوسعها حتى يتواصل التحقيق خارج أراضيها. وهو موقف لخصته متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية في أواخر مارس الماضي معلنة “نأمل أن تتعاون دول أخرى ذات أهمية بشكل وثيق مع خبراء منظمة الصحة العالمية بشكل علمي ومنفتح وشفاف ومسؤول مثلما فعلت الصين”.

 

غير أن هذا التوصيف لتعاون الصين لا يحظى بموافقة الجميع إطلاقا، وقال دبلوماسي غربي في جنيف طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية “هناك إجماع كمنطلق على أن المرحلة الثانية من التحقيق يجب أن تجرى في الصين”، مشيرا إلى أن بكين هي الوحيدة التي تدعو إلى مواصلة الأبحاث في بلد آخر لأن “الدور غير المتناسب الذي لعبته الحكومة الصينية في العملية يطرح مشكلة”.

 

وعلق الخبير الأميركي في السياسة الجغرافية جامي ميتزل، وهو من ضمن مجموعة من الشخصيات الذين نددوا بالتحقيق حول منشأ الفايروس معتبرين في رسالة مفتوحة أنه شديد الانحياز، ردا على ما قاله الدبلوماسي الغربي قائلا إن “فكرة أن المرحلة المقبلة يجب ألا تركز بالمقام الأول على الصين لأن ذلك أمر عبثي”.

 

وتضمن تقرير الخبراء الصادر في مارس الماضي، بعد إرجاء نشره مرارا، قائمة من الفرضيات، وخلص إلى أن دراسات سلسلة الإمداد لسوق هوانان وغيرها من أسواق ووهان، المدينة التي ظهر فيها الفايروس لأول مرة، لم تؤد إلى “إيجاد أدلة على وجود حيوانات مصابة، لكن تحليل سلاسل الإمداد وفّر معلومات” مجدية لدراسات لاحقة محددة الأهداف، خصوصا في مناطق مجاورة.

 

وأوصى الخبراء بمواصلة الأبحاث حول هذه الفرضية المرجحة، إنما كذلك حول عدة فرضيات أخرى، مستبعدين فقط مواصلة التحقيقات حول فرضية واحدة هي تسرب الفايروس من مختبر في ووهان.

 

وأثار هذا الموقف موجة تنديد ولاسيما في الولايات المتحدة، ما أرغم منظمة الصحة على التأكيد بأن كل الفرضيات لا تزال مطروحة للبحث، بما فيها احتمال تسرب الفايروس من مختبر ووهان، واعتبر المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنه لم يتم التدقيق فيها بشكل واف.

 

ويعتقد ميتزل أن الصينيين نجحوا ببراعة وحذق في إيهام الجميع بأن مهمة التحقيق تقضي بالبحث عن المصدر الحيواني للوباء، أي طريقة انتقاله من الحيوان إلى الإنسان وأنه بالرغم من أن “هذه فرضية جديرة بالمصداقية”، إلا أنه “إذا انطلقتم من فكرة المصدر الحيواني للفايروس، فإنكم تنطلقون من الاستخلاص”.

 

في المقابل، اتهمت وزارة الخارجية الصينية ميتزل والموقعين الآخرين على الرسالة المفتوحة بالسعي إلى “الضغط على البعثة وعلى منظمة الصحة العالمية”، مؤكدة أن الولايات المتحدة ودولا أخرى سيست المهمة من أجل “تشويه سمعة الصين”.

 

وتبدو الأمور في الوقت الحاضر معلقة. وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف إن فريقا من المنظمة يراجع التوصيات “وسيصدر اقتراحات للدراسات المقبلة الواجب القيام بها”، دون تحديد جدول زمني لذلك. وستطرح المسألة حتما خلال الجمعية العالمية للصحة، هيئة القرار العليا في منظمة الصحة التي تعقد اجتماعا في مايو المقبل.

أخبار ذات صله