fbpx
القاهرة تضع أديس أبابا تحت ضغوط إقليمية ودولية بشأن سد النهضة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تواصل مصر جهودها لتأكيد أن علاقاتها بالدول المحيطة بإثيوبيا جيّدة وأن الخلاف معها بسبب سد النهضة يقع على عاتق حكومة أديس أبابا التي ترفض التوقيع على اتفاق ملزم يضمن عدم المساس بحقوق مصر والسودان من المياه.

 

واتجهت القاهرة خلال الأسابيع الماضية إلى توطيد علاقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية مع الكثير من الدول المجاورة لإثيوبيا لممارسة ضغوط معنوية عليها قد تجبرها على تغيير موقفها من مفاوضات سد النهضة، وإجبارها على عدم التصميم على إدارة المشروع وتشغيله بشكل منفرد أو دون مراعاة لما ينجم عن ذلك من تأثيرات سلبية على دولتي المصب، مصر والسودان.

 

وأجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الخميس مباحثات مع رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي في أول زيارة لرئيس مصري للدولة التي تقع عن مدخل البحر الأحمر الجنوبي، تضمنت مناقشة سبل تطوير العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية.

 

وجرى التوافق بين الرئيسين على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يحقق مصالح الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي، مع التأكيد على ضرورة إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من كافة الأطراف في مسار المفاوضات.

 

وأوضح اللواء محمد الشهاوي، المستشار بكلية القادة والأركان التابعة للجيش المصري لـ”العرب”، أن زيارة السيسي إلى جيبوتي لا تنفصل عن تحركات نشطة تقوم بها القاهرة على مستوى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وداخل أفريقيا للضغط على إثيوبيا بشأن الوصول إلى اتفاق سياسي ملزم، وهي تشكل استكمالا لما يحدث حاليا في السودان من خلال مناورات “حماة النيل” بين القوات المصرية والسودانية.

 

أيمن عبدالوهاب: مصر تعمل على إطلاع الرأي العام الأفريقي بحقيقة موقفها

وتأتي زيارة السيسي استمرارا للنهج المصري نحو تفعيل التواجد العملي في دول حوض النيل وشرق أفريقيا عامة في ظل حالة التنافس الدولي والإقليمي المشتعل في المنطقة لتحقيق أهداف مختلفة، ويعد حضور القاهرة مسألة مهمة لتكون طرفا فاعلا في عملية إعادة هندسة توازنات النفوذ الإقليمي بما يحافظ على مصالحها.

 

وقال أيمن السيد عبدالوهاب الخبير في الشؤون الأفريقية، إن مصر تحاصر التحركات الإثيوبية التي طالما ادعت بأن القاهرة “ليست لديها رغبة حقيقية في تنمية أفريقيا، ولتجابه مساعي أديس أبابا لاستعادة الحساسيات القديمة في محاولة لفصل مصر عن منطقة جنوب الصحراء الكبرى، ما يشكل ضغطا جديدا عليها لتضييق الخناق على مراوغاتها”.

 

وأضاف في تصريح خاص لـ”العرب”، أن النظام المصري يتبنى فكرة الحوار المباشر مع الأطراف ذات العلاقة المباشرة بسد النهضة، وتعمل الدبلوماسية الرئاسية على إطلاع الرأي العام الأفريقي ومخاطبته بحقيقة الموقف المصري من السد، مستفيدة من النشاط الملحوظ على مستوى العلاقات المتطورة مع العديد من دول القارة.

 

ويشير مراقبون إلى أن زيارة السيسي هدفها توصيل رسالة إلى العالم، والإدارة الأميركية خصوصا، بأن القاهرة تحتفظ بعلاقات وثيقة في المنطقة، في إشارة توحي بأن أديس أبابا باتت “منبوذة” من دول الجوار، لحضّ واشنطن على مواصلة ضغوطها على إثيوبيا بما يتجاوز انتقاداتها لما يجري في إقليم تيغراي، ويمتد إلى سد النهضة.

 

ووجهت واشنطن اتهامات حادة لقوات إثيوبيا وإريتريا بارتكاب انتهاكات إنسانية في تيغراي وحثتهما على سحب قواتهما والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للإقليم.

 

وشكّك متابعون في إمكانية أن تكون لزيارة السيسي إلى جيبوتي مردودات ملموسة على مستوى تغيير الموقف الإثيوبي، وأن المؤشر الرئيسي في الأزمة يتمثل في حجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة عليه ومدى انخراطها بشكل جدي في الأزمة، وحدود استخدام ورقة المساعدات الاقتصادية والاستثمارات التي تشكل عامل ضغط قويا على حكومة آبي أحمد، والتي كان من نتائجها السريعة إعلان أديس أبابا عن البدء في انسحاب القوات الإريترية من إقليم تيغراي.

 

وتأمل مصر في أن تؤدي الزيارة الثانية المرتقبة للمبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان للمنطقة إلى تبني موقف أكثر وضوحا في ملف سد النهضة، بعد أن شهدت العلاقات بين القاهرة وواشنطن تطورات إيجابية في الأيام الماضية عكسها الاتصال الهاتفي الثاني بين الرئيس الأميركي جو بايدن والسيسي الاثنين الماضي، وزيارة وزير خارجيته أنتوني بلينكن للقاهرة الأربعاء.

 

Thumbnail

وكشفت تعليقات بايدن وبلينكن عن تفهم للموقف المصري في أزمة سد النهضة، وحوت مضمونا يوحي بإمكانية التدخل للتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

 

ويمثل المشروع الإثيوبي صداعا في رأس النظام المصري، فرغم الاستعدادات والكفاءة والقدرة القتالية والتسليحية العالية، غير أن اللجوء للتعامل معه عسكريا لا يروق له، ويأمل في أن تؤدي التحركات الدبلوماسية والتلويح بعناصر مختلفة للردع إلى إثناء أديس أبابا عن القيام بالملء الثاني لخزان السد بصورة منفردة.

 

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن لدى القاهرة خيارات عديدة بخلاف العمل العسكري المباشر، لكنها تأمل في أن تفضي التحركات الدبلوماسية إلى نتائج مثمرة خلال الفترة القليلة المقبلة.

 

وأضافت أن الجهود المصرية نجحت في تحييد أو إبعاد القوى التي تمثل داعما لإثيوبيا من وراء الستار التي منحتها جرأة لتمسكها بموقفها الرافض للتوقيع على اتفاق ملزم.

 

وأعادت مصر صياغة علاقتها مع كل من الولايات المتحدة إسرائيل على ضوء نتائج حرب غزة الأخيرة، والتي أكدت أهمية الدور الذي تلعبه في القضية الفلسطينية، وهو ما تتمنى القاهرة أن تكون له مردودات إيجابية على مستوى رفع الغطاء تماما عن أديس أبابا والقيام بالضغط عليها للتوصل إلى اتفاق رضائي.

 

وقد يؤدي تقارب مصر مع كل من تركيا وقطر إلى نتيجة مماثلة، حيث ترتبط الأولى باتفاقيات عسكرية واقتصادية مع إثيوبيا، ولدى الثانية استثمارات كبيرة في الأراضي الإثيوبية، وفي ظل مؤشرات التفاهم الصاعدة مع القاهرة يمكن أن تلجأ أنقرة والدوحة إلى تأكيد حسن نواياهما معها إلى إقناع أديس أبابا بعدم الإضرار بمصالح مصر المائية.

وسوم