fbpx
في ذكرى تأسيسه.. لا صين جديدة دون الحزب الشيوعي
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

رغم انحسار الشيوعية مازال الحزب الحاكم في الصين يستقبل العديد من المؤيدين الجدد، وبينما يربط البعض ذلك بدكتاتورية الحزب الحاكم الصيني، يقدم صينيون انضموا للحزب أسبابا أخرى، أبرزها قدرة الحزب على تحقيق الريادة العالمية والمنافسة على عرش الاقتصاد والتكنولوجيا العالمية.

 

وفيما يحتفل الحزب الشيوعي الصيني في الأول من يوليو بالذكرى المئوية لتأسيسه يعود الشعار المتكرر للحقبة الثورية “لا صين جديدة دون الحزب الشيوعي”، وأن الرهان عليه أشبه باعتناق ديانة بالنسبة إلى مؤيديه.

 

ولا بد أنّ الحزب الشيوعي الصيني سيحتفي بالنموّ الهائل للبلاد التي قفزت من الفقر المدقع إلى مصاف القوّة الاقتصادية الثانية عالميا في ظلّ قيادته خاصة في عقد الرئيس القوي شي جين بينغ، على الرغم من المآخذ الحقوقية بخصوص النهج الدكتاتوري.

 

وكانت قصة نجاح الصين على صعيد اقتصادي في العام 1978، عندما أطلق القائد الصيني الراحل دينغ شياو بينغ، مجموعة إصلاحات شاملة من أجل فتح قطاعي التجارة والاستثمار مع الدول الرأسمالية الغربية، وذلك أعقاب وفاة الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ.

 

شهادات صينية

الحزب الشيوعي الصيني سيحتفي بالنموّ الهائل للبلاد التي قفزت من الفقر المدقع إلى مصاف القوّة الاقتصادية الثانية عالميا

 

رغبة في خدمة بلادهم فخرا في الانضمام إلى نخبة أو كطموح، روى صينيون لوسائل إعلامية كيفية انضمامهم إلى الحزب الشيوعي الحاكم الذي يحتفل الأسبوع المقبل بالذكرى المئوية لتأسيسه.

 

وتأسس الحزب في يوليو 1921 من قبل حوالي عشرة مثقفين وطنيين ومناهضين للاستعمار، وتحول إلى آلية سياسية تتولى الحكم دون منازع وتضم 92 مليون عضو.

 

وكان يضم سابقا بشكل خاص موظفين رسميين وعسكريين وفلاحين وعمالا، لكنه اليوم بات يعدّ في صفوفه عددا متزايدا من الشبان المتعلمين أو حتى الفنانين.

 

وتقدم الورقة التالية شهادات لستة منهم ممن برزوا بآرائهم اللافتة وأعمالهم وأيضا بأفكارهم دفاعا عن الحزب وتخليدا لمسيرته المظفرة في الحكم منذ سنوات طويلة.

 

ويسو تشاودونغ المقاتل السابق الذي ولد في 1954 بعد خمس سنوات على إعلان جمهورية الصين الشعبية من قبل الشيوعيين، فقد انضم إلى الحزب الشيوعي في سن العشرين.

 

ويقول في شقته في بكين “في تلك الفترة، كل الشباب الصينيين كانوا يطمحون للانضمام إلى الحزب. كان بالفعل حلم الحياة”.

 

وبعدما فوّت قسما من دراسته خلال الفوضى التي عمت إبان الثورة الثقافية (1966-1976) وهو شيء يتأسف عليه، قاتل خلال الحرب بين الصين وفيتنام (1979).

 

وشكلت الإصلاحات الاقتصادية وانفتاح البلاد اعتبارا من 1978 بالنسبة إليه ولمواطنيه “تغييرا عقائديا كبيرا” بعد الحقبة الماوية كما يقول هذا المتقاعد البالغ من العمر 67 عاما.

 

ويضيف “كأعضاء في الحزب، كان علينا أن نكون رواد هذا التفكير الجديد وأن نجعل الناس يلتزمون به”، مشيدا في الوقت نفسه بـ”براغماتية” القادة الذين استخدموا اقتصاد السوق لتطوير الصين.

 

أما يانغ نا الرسامة البالغة من العمر 38 عاما والتي تمثل أعمالها السريالية شخصيات نسائية ذات شفاه كبيرة وأشكال مثيرة، فقد انضمت إلى الحزب عام 2001.

 

ومحاطة بزوجها وطفلها، ترسم في مشغلها المشرق في بكين لوحات تعرضها في الصين والخارج. وتأمل من خلال فنها في “جعل الناس يفهمون أن كل الصينيين وكل أعضاء الحزب الشيوعي الصيني ليسوا جميعا مثل بعضهم”، مشيرة إلى أن الحزب بات يظهر الآن بعض التنوع في سمات أعضائه.

 

وانضم دالونغ التيبتي البالغ من العمر 75 عاما إلى الحزب الشيوعي الصيني في العام 1974. وعلى مدى ثلاثة عقود كان أبرز مسؤول في الحزب في قرية بمنطقة حساسة في التيبت (جنوب غرب).

 

وأردف الرجل المتقاعد “لقد شهدت القسوة من المجتمع السابق (التيبتي) واللطف من المجتمع الجديد”. وهو لا يزال يقيم في نفس القرية حيث يحب الاهتمام بحديقته وإطعام الخنازير.

 

ويشير تشين جيان البالغ من العمر 51 عاما هو الرئيس التنفيذي لشركة تملكها الدولة وسكرتير الحزب في شركته إلى أن مهمته كعضو هي ضمان نمو الشركة وتوفير فرص عمل للصينيين.

 

آلة سياسية تتولى الحكم دون منازع

ويدعو الأجانب الذين يعتبرون الحزب الشيوعي الصيني دكتاتوريا إلى “التخلي عن أحكامهم المسبقة” و”المجيء لرؤية إنجازاته” لاسيما “ظروف الحياة التي تحسنت بشكل هائل” خلال 40 عاما.

 

ويوضح أن “أكواخ الماضي حلت محلها هذه المباني الحديثة الكبرى. لقد استبدلنا صنادل القش أو القماش بأحذية جلدية”.

 

أما الطالبة يانغ غوانغ البالغة من العمر 24 عاما فقد انضمت إلى الحزب في 2018 وهي تدرس الموارد المالية في بكين، وبعد التخرج ستعود إلى مقاطعة سيشوان بجنوب غرب البلاد للعمل في مصرف.

 

وتقول هذه الشابة التي تعتبر الأولى في صفها، إنها مستعدة دائما “لمساعدة الآخرين” خاصة خلال انتشار الوباء وهو “طموح” غذى رغبتها في الانضمام إلى الحزب “للمشاركة في تنمية” الصين.

 

وبالنسبة إلى المؤرخ تشو جيا البالغ من العمر 33 عاما فهو ينتمي إلى الحزب الشيوعي منذ العام 2010 وقد عمل لدى معهد أبحاث تابع للحزب، حيث أعد تقارير حلّل فيها خصوصا تاريخ الحزب وكذلك أخطاءه، فهو يتحدّر من عائلة شيوعية، وكان الانضمام إلى الحزب بالنسبة إليه “دافعا” للتواصل “مع الآخرين” و”الحصول على المزيد من الفرص تحقيق أمور” من أجل بلاده.

 

ومثل أعضاء الحزب الآخرين، فقد استغرق طلب انضمامه عامين من المراقبة.

 

توني سايش: ضم الممتثلين فقط ينبئ بالضعف التدريجي للحزب

 

وبيّن قائلا “خلال هذه الفترة، يجب أن تثبت من خلال مبادراتك وذهنيتك أنك شخص يمضي إلى الأمام، قائد”.

 

ويضيف “لا أنكر أن الانضمام يساعد في إيجاد عمل في حياتك المهنية. لكن هذا الأمر ليس ممكنا في النهاية إلا إذا كنت عضوا كفؤا على قدر المسؤولية”.

 

ويرى طيف واسع من الشباب الصيني أن الحزب الذي حول بلدهم إلى قوة اقتصادية، فإن الانضمام إليه أشبه باعتناق ديانة.

 

ويعتقد سوانغ ينغ وهو شاب صيني يبلغ من العمر 29 عاما، متعلم ولديه عقيدة راسخة بحق الحزب الشيوعي بحكم الصين، هذا تماما ما تريده هذه المؤسسة مع دخولها قرنا جديدا.

 

ويدل وضع وانغ ينغ على إيمان شبه ديني في عقيدة الحزب الشيوعي الصيني، أي أن سلطته هي القوة الوحيدة التي يمكن أن “تنقذ” الصين.

 

ويقول وانغ ينغ وهو اسم مستعار يهدف إلى حماية هويته كعضو في الحزب الشيوعي الحاكم دون منازع منذ 1949، “الإيمان بالحزب ثابت. ربما ليس إلى حد ديانة مثل البوذية أو المسيحية لكن كشيء يحفظ الانضباط الذاتي”.

 

وفي ظل حكم شي جين بينغ الأمين العام للحزب منذ 2012 ورئيس الجمهورية الشعبية السنة التالية، أسكت الحزب الذي يضم 92 مليون عضو الأصوات المعارضة في داخله.

 

معايير العضوية

Thumbnail

من أجل تجنب وصول مثيري شغب محتملين، شدد الحزب الشيوعي الصيني معايير الانضمام على غرار شركة خاصة.

 

وإذا كان الحزب يضم في السابق أعضاء من خلفية “جيدة” (عائلات عمالية أو مزارعون) فقد بات الآن أكثر نخبوية ويفضل الخريجين الشباب ذوي الأخلاق الحسنة. ويستمر النظر في الترشيحات عموما سنتين.

 

ويتحدر وانغ ينغ من عائلة “شيوعية” وتعرض لضغط من جدته للانضمام إلى الحزب. وبعد نيله شهادة في الهندسة الزراعية، وقرر أخيرا أن يقوم بتلك الخطوة وجذبته المكانة التي تعطيها معايير الاختيار الجديدة.

 

ومثله، كان هناك أكثر من 50 في المئة من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني من حائزي شهادات تعليم عال عام 2019 مقابل 6.41 في المئة في 2013. لم يعد الفلاحون والعمال يشكلون أكثر من 8.34 في المئة مقابل 1.38 في المئة قبل ست سنوات.

 

ويبحث الحزب الشيوعي الصيني بشكل خاص عن شبان لم يعرفوا سوى سنوات الازدهار الاقتصادي للصين منذ نهاية السبعينات وليس أخطاء الحقبة الماوية (1949-1976) التي نسبت إليها مسؤولية سقوط عشرات الملايين من القتلى.

 

ويقول مسؤول جامعي يبلغ من العمر 46 عاما يعمل في شرق البلاد ويدعى سونغ، إن “الأعضاء الشباب هم أكثر ثقة وطموحا وإيجابية”.

 

واطمئنانا منهم إلى السيطرة على وباء كوفيد – 19 والمعركة ضد التلوث وخفض الفقر، وهي مواضيع تتطرق إليها وسائل الإعلام الرسمية باستمرار، لا يطرح الشبان الشيوعيون مسألة شرعية النظام على البحث.

 

اطمئنانا منهم للسيطرة على وباء كوفيد – 19 والمعركة ضد التلوث وخفض الفقر، وهي مواضيع تتطرق إليها وسائل الإعلام الرسمية باستمرار، لا يطرح الشبان الشيوعيون مسألة شرعية النظام على البحث

ويتابع الأعضاء دورات دراسة “فكر شي جين بينغ” في أماكن عملهم، بما يشمل الشركات الخاصة الكبيرة أو تلك العاملة برأسمال أجنبي.

 

لكن الامتثال السائد، لا يعزز الإبداع المطلوب في السباق الأيديولوجي والتكنولوجي مع الغرب، كما يرى بعض الخبراء.

 

ويقول الخبير في شؤون الصين توني سايش من جامعة هارفرد في الولايات المتحدة “إنها مشكلة محتملة”، مضيفا “إذا تم ضم الأشخاص الممتثلين فقط، فهناك مخاطر بالضعف التدريجي”.

 

ويقر وانغ ينغ بأنه لا مجال للنقد داخل الحزب وأن الصينيين ليس لديهم خيار سوى الانصياع للحزب.

 

لكنه يعتقد أن الحزب الشيوعي الصيني يؤسس “ديمقراطية مركزية” أكثر ملاءمة لدولة لم تختبر أبدا الليبرالية الغربية.

 

وفي حزب يشهد فسادا، يعد هذا نظام تقييم داخلي للقادة، يتم تقييمهم سنويا من قبل أقرانهم ومرؤوسيهم على أمل ضمان نزاهتهم.

 

ومنذ وصول شي جين بينغ إلى السلطة تمت معاقبة 5.1 مليون مسؤول بشكل أو بآخر بتهم فساد، وهي سياسة يشتبه في بعض الأحيان أنها تستخدم لتصفية معارضين في الداخل لرجل الصين القوي.

 

ويعبر الصينيون بشكل شبه يومي عن دعمهم للنظام في مناقشاتهم مع الصحافيين الأجانب.

 

وأردف سونغ “لا علاقة للديمقراطية الصينية بديمقراطية الدول الأخرى”، متابعا “الصين دولة كبيرة معرضة للكوارث الطبيعية وتتطلب سلطة مركزية قوية”.

 

ويقر الجامعي بأنه كانت لديه “شكوك” في الماضي تجاه نظام لم يتردد في إطلاق النار على شبابه المحتجين في عام 1989. لكنه يقول إن المسار الحالي هو “الأفضل ملاءمة للصين”.

وسوم