ورأت العديد من التقارير، أن إيران هي من تقف وراء الهجوم، وذلك لأنه جاء “كرد فعل وثأر على استهداف إسرائيل لمطار الضبعة السوري”، حيث تتمركز القوات المشرفة على انتشار الفصائل الإيرانية في سوريا، و”لطبيعة وأنواع الأسلحة التي استخدمتها الطائرات المسيرة”، التي حللها خبراء وأكدوا أنها إيرانية المصدر.

وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قد نشرت تقريرا صباح الأحد، قالت فيه إن الهجوم تم تنفيذه عبر عدة طائرات إيرانية مُسيرة، استهدفت القذائف التي انطلقت منها مركز القيادة داحل السفينة والغرفة الخاصة بمعيشة طاقم الإدارة والملاحة، إلى جانب بؤرة التحكم الوصل المركزية داخل السفينة.

واستنتج الخبراء في تصريحاتهم للصحيفة الأميركية، بأن الهجوم يدل على أنه “ليس مجرد تصعيد عابر، إذ أن التخطيط والتجهيز له قد تم بشكل استراتيجي ومدروس، وأن التكهنات تسير باتجاه توقع المزيد منها، في حال لقي هذا الهجوم نتائج مثمرة”.

حسابات ومواقع التواصل الاجتماعي المعروفة بولائها وارتباطها بأجهزة الدعاية للنظام الإيراني، بدأت منذ ليل السبت، ما يشبه الاحتفال الوطني، معبرة صراحة عن تبنيها للهجوم المنفذ، رافعين صورا لجنرالات من الحرس الثوري الذين سقطوا جراء القصف الذي نفذته إسرائيل على المراكز الإيرانية داخل سوريا طوال الشهور الماضية.

المراقبون العسكريون للمشهد، كشفوا العلاقة بين الهجوم المنفذ الأخير وبين ما كانت إيران قد كشفته من قدرات في مجال الطائرات المسيرة، حيث تملك منظومتها العسكرية في ذلك المجال أنواعا مثل “خطوط ومهاجر وأبابيل وصرير”.

وهذه الطائرات هي أنماط طورتها إيران محليا، وادعت بأن مداها يصل إلى أكثر من ألفي كيلومتر من مكان انطلاقها، وهي مسافة أكبر مما تبعد السواحل الإيرانية عن مكان وقوع الهجوم الأخير، الذي من المتوقع أن يكون قد انطلق من اليمن، حيث تسيطر إيران على الميليشيات الحوثية هناك، وتدفعها لشن هجمات مماثلة على المملكة العربية السعودية.

اسرائيل حملت إيران مسؤولية الهجوم مباشرة، إذ وصف وزير الخارجية الإيراني يائير لابيد ما حدث في بيان، قائلا إنه “إرهاب إيراني، وعلى العالم ألا يبقى صامتا”، ذلك كون العملية العسكرية المُنفذة تتعارض مع حرية الملاحة التي يكفلها القانون الدولي، مذكرا بأن الهجوم “لن يمر دون رد”.

الباحث في الشؤون العسكرية، صنعان آمرلي، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إمكانية حدوث رد فعل إسرائيلي قريب ومباشر، وتأثيرات استمرار مثل تلك المواجهات بين الطرفين عبر استهداف ناقلات النفط مستقبلا.

وقال: “سيتضح الأمر خلال أقل من أسبوع، إذا ما كانت إسرائيل ستكثف من ضرباتها الجوية على المراكز الإيرانية في سوريا والعراق، وتغير من تحركات ناقلات النفط التابعة لها لتكون بعيدة عن مناطق إمكانية وصول الطائرات الإيرانية المسيرة، أم ستسعى لتوجيه ضربة جوية مركزة على المصالح النفطية الإيرانية، بالذات ناقلاتها”.

وتابع: “لكن هذا الأمر يحتاج لتنسيق مركز مع حلفائها، لأن إيران غالبا ما تصدر نفطها عبر سفن أجنبية، أو شركات تعمل على إخفاء تابعيتها بطرق معقدة”.

واستطرد آمرلي: “لكن في المحصلة، يبدو أن إيران ستخسر في مثل تلك الحرب، لأنها دولة تصدير للنفط، عكس إسرائيل التي تستورد النفط، ولا تحتاج إلى طاقم كبير من السفن المملوكة لها، لذا فإن اندلاع مثل هذه الحرب سيؤدي لرفع الشركات العالمية المتعاملة مع إيران لسعر تكلفة التأمين ونقل النفط الإيراني إلى أسعار مضاعفة، وستكون السفن الإيرانية أكثر عرضة من نظيرتها الإسرائيلية”.

وأضاف: “لكن الأهم هو دفع القوى العالمية لأن تفرض عقوبات رادعة ضد إيران، لأن مثل هذه الأفعال هي في المحصلة شكل من الإرهاب العالمي وتشجيع على تحطيم التجارة الدولية”.

يذكر أن السنة الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، قد شهدت مواجهة بحرية من هذا النوع، حيث كانت كل دولة تستهدف السفن البحرية الناقلة للنفط التابعة للأخرى، الأمر الذي تطور بشكل خطير واستدعى تدخل القوى العالمية، وإجبارها الجانبين على إنهاء الحرب بينهما.

جدير بالذكر أن إيران طوال العام الماضي، وسعت شبكة أهدافها التي تستخدم فيها هذه الأنواع من الطائرات المسيرة، من دفع الحوثيين إلى مهاجمة دول الجوار عبرها، إلى استهداف المقار الدبلوماسية والقواعد العسكرية الأميركية في العراق، (بغداد وأربيل) وغيرها من الهجمات.