fbpx
“كارثة إنسانية” مصدرها البحار.. ماذا يحصل حول العالم؟
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعان

تركت صناعة الشحن التي تبلغ قيمتها 14 تريليون دولار، والمسؤولة عن 90 بالمئة من التجارة العالمية، خلفها رقما قياسيا من سفن الشحن المهجورة ومئات البحارة الذين تقطعت بهم السبل ويحلمون بالعودة لأوطانهم.

ووفقاً لقناة “الحرة”، تقول صحيفة “وول ستريت جورنال” إن عدداً من شركات الشحن المتعثرة تفشل في تسديد المستحقات المترتبة عليها عندما تتراكم ديونها، ما يجعلها تختار التخلي عن السفينة أو بيعها كخردة نظراً لأن تكلفة الإصلاح باهظة للغاية.

وتحتسب حالات التخلي عندما يفشل المالكون في دفع أجور طواقم تلك السفن لمدة شهرين أو أكثر أو لا يغطون تكلفة إرسال أفراد الطاقم إلى أوطانهم، وفقا للمنظمة البحرية الدولية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة.

وفي العام الماضي، تضاعف عدد حالات التخلي عن السفن التي تم الإبلاغ عنها للوكالة الأممية بأكثر من الضعف إلى 85 من 40 حالة في 2019.

وبحسب تقديرات الاتحاد الدولي لعمال النقل – وهو اتحاد عمالي – يتم حاليا التخلي عن أكثر من 1000 بحار على متن سفن الحاويات وناقلات البضائع السائبة في عام 2021.

وتشير الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى لأن العديد من أفراد الأطقم البحرية يترددون في التحدث علانية خوفا من إدراجهم في القائمة السوداء، وفقا لمقابلات مع البحارة على السفن المهجورة ومالكي السفن والوكلاء والمنظمات البحرية والمسؤولين النقابيين.

وقال منسق الاتحاد الدولي لعمال النقل في الشرق الأوسط، محمد الرشيدي، إنه يستيقظ على عشرات رسائل واتساب من البحارة المهجورين حول العالم، ويضيف: “إنها أزمة إنسانية عالمية”.

وتستغرق عملية بيع السفن كخردة سنوات في الأوقات العادية، فيما جعلت قيود السفر في حقبة الوباء الأمر أكثر صعوبة، ما خلق حواجز أمام المشترين أو المصرفيين أو المفتشين أو مسؤولي المحاكم لزيارة السفن قبل إنهاء المعاملات.

وساعدت الاضطرابات التجارية الناجمة عن الوباء وطبيعة صناعة الشحن العالمية التنافسية في دفع الزيادة في عدد البحارة الذين تقطعت بهم السبل.

وعندما تنفد أموال شركات الشحن، غالبا ما ينتهي الأمر بأفراد الطاقم بلا شيء، باستثناء سفينة مهجورة يعيشوا فيها.

وتطلب بعض الحكومات من البحارة البقاء على متن السفينة كضامنون حتى يدفع أصحاب السفن لسلطات الموانئ رسوم الوقوف وغيرها من الرسوم.

وفي كثير من الأحيان، يرفض البحارة النزول، مقتنعين بأنهم لن يستردوا أبدا شهورا أو سنوات من الأجور الضائعة إذا غادروا السفينة. وعادة ما يقترض البحارة العالقون على متن هذه السفن المهجورة، المال من الأصدقاء والعائلة لإطعام أنفسهم وزملائهم في الطاقم.

ويقول الكثيرون إنهم سيبقون في أماكنهم حتى يتم بيع السفينة، الأمر الذي قد يستغرق سنوات، بدلا من العودة إلى المنزل خالي الوفاض.

“نتسول للحصول على طعام”

وبموجب اتفاقية العمل البحري، وهي معاهدة مدعومة من الأمم المتحدة سارية المفعول منذ عام 2013، يُطلب من مالكي سفن الشحن الحصول على تأمين لرعاية الأطقم المهجورة.

ولم توقع العديد من دول الشرق الأوسط على المعاهدة ولا تطبق قواعدها، مما يسمح لسواحلها بأن تصبح مقابر للسفن المهجورة.

ودفعت الزيادة في الحالات ثلاث من أكبر دول العالم في مجال الملاحة البحرية – الصين وإندونيسيا والفلبين – إلى اقتراح في آب لإنشاء صندوق طوارئ مشترك للبحارة لمساعدة الأطقم المهجورة.

وفي مرسى السويس المصري، عند مدخل أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، حوصر العديد من البحارة على متن سفينة لسنوات.

وهبي كارا، القبطان التركي للسفينة “أم في كينن ميت” البالغ من العمر 56 عاما، احتُجز لمدة عام في السويس بينما كانت السلطات المصرية ومالك السفينة تتنازعان بشأن الديون غير المسددة، وأُعيد إلى وطنه في تموز.

وفي المكان ذاته، أمضى البحار السوري محمد عائشة 4 سنوات منعزلا على متن السفينة “إم في أمان” قبل أن يُسمح له بالنزول في نيسان.

وعام 2013، وصلت السفينة الروسية “إم في ريسوس”، التي تحمل 2750 طنا من نترات الأمونيوم، إلى ميناء بيروت وتم التخلي عنها لعدم صلاحيتها للإبحار. ومع هذا، فقد أعلن مالكها إفلاسه واختفى تاركا طاقم السفينة دون طعام أو مؤن.

وبعد عام، تم إجلاء البحارة، ونقلت السلطات اللبنانية المواد الكيماوية إلى مخازن المرفأ، قبل أن تنفجر صيف العام الماضي.

وقبالة الساحل اليمني، تتواجد واحدة من أكبر ناقلات النفط العملاقة في العالم، محملة بـ 1.1 مليون برميل من النفط الخام، حيث تقع في منطقة تعيش حالة حرب منذ سنوات.

ويمكن أن يتسبب صاروخ خاطئ أو هيكل السفينة المتآكل الفولاذي في حدوث انفجار وانسكاب نفطي هائل من شأنه أن يؤدي إلى كارثة تعطّل وصول المواد الغذائية إلى بلد يعاني بالفعل من المجاعة، بالإضافة إلى سد ممرات الشحن لموانئ البحر الأحمر.

وصعد المهندس الباكستاني رياضات علي البالغ من العمر 52 عاما على متن سفينة تدعى “إم تبي آيبا” تموز 2017 بموجب عقد مدته 12 شهرا مع شركة “آلكو شيبينغ” المالكة للسفينة.

وبعد فترة وجيزة من الإبحار، تخلت الشركة المالكة عن سفينتها لعدم تمكنها من سداد ديونها، حيث أمضى علي وبقية طاقم السفينة 4 أعوام محاصرين على بعد 16 كيلومترا من شواطئ الإمارات.

وفي تصريح له، قال علي: “الإفطار والغداء والعشاء، كل ما أكلناه هو الأرز. لم يكن لدينا حتى السكر أو الملح”.

وفي مواجهة الجوع، لجأ البحارة إلى منظمة “مهمة البحارة” وهي مؤسسة خيرية مقرها المملكة المتحدة، لتوصيل الطعام والمياه.

وقال فيناي كومار، وهو مهندس من الهند كان على متن السفينة ذاتها قبل أن يخرجوا منها شباط الماضي: “عشنا كالعبيد، نتسول للحصول على الطعام”.

أخبار ذات صله