fbpx
معادله حسابيه تليها معادله اخلاقيه (الجزء الثاني)

 

كتبت في الجزء الاول من المقال عن النصف الاول من عنوان المقال وهو  “معادله حسابيه” وفيه كتبت عن توقعاتي بزياده الدخل القومي للشخص الجنوبي العربي حال حصول الاستقلال باذن الله وازدهار الاقتصاد وارتفاع مستوى المعيشه ان سلكت حكومه ما بعد الاستقلال مسلكا اقتصاديا كيسا وان ابتعدت عن الفساد تحت طائله المحاسبه القانونيه.

ومما ذكرت ان الدخل القومي الفردي للجنوبي العربي سيرتفع اضعافا كثيره حال حدوث الاستقلال  في اقل تقدير بانيا هذا الاستنتاج على  مصادر معتبره تبين ان 80% من  الدخل القومي لليمن مصدره الجنوب بينما يمثل الجنوبيون  مجرد 15.4 % من تعداد السكان تحت ظل الوحده القسريه (وبالمناسبه أي وحده  قسريه هي الاحتلال بعينه)

وكنتيجه لذلك سينخفض الدخل القومي الفردي  لمواطن  الجمهوريه العربيه اليمنيه بدرجه عكسيه مماثله. ووعدت انني في الجزء الثاني من المقال  ساكتب  عن النصف الثاني من عنوان المقال “معادله اخلاقيه” وفيه ساخوض في  اخلاقيه عمل كهذا الذي من شانه ان يرفع المستوى المعيشي للجنوبي العربي ويخفضها لمواطن الجمهوريه العربيه اليمنيه

ولكن قبل ان استطرد يجب علي ان انوه بانني  اؤمن ايمانا عميقا ان مع الجنوبيين الحق الاخلاقي الكامل لطلب الاستقلال من زوايا وجوانب اخرى كثيره (ليس هذا مقام سردها) غير الفائده الاقتصاديه المنتظره

والان الى المعادله الاخلاقيه وساثبت لكم  قوه ومتانه وموثوقيه الركائز الاخلاقيه في ان الجنوبيين يقومون بما من شأنه  رفع مستواهم المعيشي حتى وان نتج عن ذلك انخفاض للدخل  الفردي لمواطن الجمهوريه اليمنيه:

1.   في علم وفلسفه الاخلاق  هناك معايير ثابته تقول بانه  ليس من متطلبات الاخلاق الاساسيه ان يشفي الشخص كل مصائب الدنيا حوله. افترض انك كنت مارا في شارع ورايت بيتا مشتعلا تلفه النيران  فليس هناك شئ يلزمك اخلاقيا ان تخترق النيران لانقاذ من في البيت. ولو انك ان فعلت هذا فهذ فعل ايثاري بطولي ولكنه ليس فعل  اجباري  اخلاقيا ولا ينبغي ان يعتبرك احد – ان انت لم تخترق النيران تلك-  بانك فعلت عملا غير اخلاقي وانك تفتقر الى الاخلاق

خذ مثلا اخر

ان طلب منك  احد  ان تدينه مالا لانه لا يستطيع شراء لبس لاولاده وانت تعرف انك اكثر منه دخلا ولكن تبقى محدود الدخل فلن يصفك احد بانك فاقد للاخلاق ان انت رفضت ان تدينه 

2.   المقبول شرعا  وعقلا ومنطقا ان الاقربين اولى بالمعروف فما بالك عندما يكون الحال فيه شحه في الموارد كما هو الحال عند الجنوبيين حتى بعد استقلالهم وفي ذلك    قول الله تعالى : ” قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين” وقوله : ” كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ” 
وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل : من أحق الناس بحسن الصحبة
قال : ” امك ثك أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك”

3.    في الوضع الحالي   نرى ان تدني المستوى الاقتصادي يطال مواطن الجنوب العربي ومواطن الجمهوريه العربيه اليمنيه الى نفس الدرجه    والاثنان  كالغارقين في بحر لجي من الفقرالمدقع  والعوز فمن يقول للجنوبي انك تعمل شئ غير اخلاقي بانقاذ نفسك من الغرق كمن يريد الغرق للكل ويعتبر كل  من يحاول ان ينجوا بانفسه  من الغرق كانه اتى بعمل غير اخلاقي.

4.   محاوله  الجنوبيين في انقاذ انفسهم من الغرق بدلا من ان يطال الغرق   الكل (كما وضحت في النقطه السابقه)  عمل اخلاقي  بالمعايير الاخلاقيه العالميه خاصه حسب نظريه الفيلوسوفين الاخلاقيين البريطانيين بنثام ومل الذين راوا ان اخلاقيه العمل تقدٌر بنتائجها فان كانت النتيجه في المحصله الاخيره حسنه فذلك العمل اخلاقي والعكس صحيح وفي حالنا الاستقلال ينقذ بعضا من الغرق الاقتصادي  والبقاء في الوحده قسريا يقتل الكل ( هذه النظريه الاخلاقيه يطلق عليها اسم معيار النفعيه او نظريه حساب العواقب) 

5.   من الظلم والغبن  ان يقال للجنوبيين  العرب “من ضمن مسئوليتكم الاخلاقيه ان لا تقوموا بعمل من شان نتائجه ان تضر الشماليين اقتصاديا”  وهذا قول لا ينسجم مع واقع الامر وواقع الحال. فان كانوا بنوا ذلك على التكاتف الاسلامي فاحرى بالجنويبيين ان يقدموا المعونه للصومال التي هي اكثر حاجه لها من الجمهوريه العربيه اليمنيه وان بنوا ذلك بمستحقات الجيره فلن يجد الجنوبيون ما يكفي للتبرع به حتى بعد الاستقلال. ثم اليس تحسين وضع مجموعه من المسلمين  شئ مشروع يستحق التقدير والثناء  بدلا من تركههم كلهم دون تحسين  في وضعهم.

6.   احد  مقاصد  الشرع  الخمسه التي يراد منها “اصلاح الخلق”  ( كما  يقول الامام أبو حامد الغزالي) هو “حفظ المال”  ويضيف  الامام أبو حامد الغزالي  “..فكل من يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة.. وكل مايفوت هذه الأصول فهو مفسدة”  

الان-معروف دون لبس ان 80% من دخل الوحده القسريه ياتي من الجنوب العربي  والمعروف ايضا –مع وجود الدليل القاطع على ذلك- ان اغلب هذا الدخل يشتته الفساد ويمزقه احتكار  المتنفذين من الشمال ويستعمل الكثير منه لهو وانحطاط

اقول اليس –اذاً- يكون من حق الجنوبيين ان يجنوا من استقلالهم عوده هذا المال الى جيوب المواطنين  من باب المقصد الشرعي “حفظ المال”  وياتي فعلهم هذا ضمن ” المصلحه” وان فوتوا فعل ذلك فهم بذلك اشاعوا “مفسده”

7.    وثمه شئ اخر اؤمن به ايمانا عميقا وهو ان تحسين الوضع السياسي والاقتصادي والتنموي لدوله الجنوب العربي القادمه ان شاء الله من شانه ان ينعكس ايجابا على الجمهوريه العربيه اليمنيه  من الناحيه السياسيه والاقتصاديه والتنمويه وذلك –لعمري – عمل اخلاقي.