fbpx
ألاءات الأربع للحرب الاوكرانية

 

بقلم/ علي عبد الله البجيري

حتى الدبلوماسية المعروفة من اسمها تبدلت وتغيرت مفرداتها مع تغير وتنوع المصالح للسيطرة على العالم. جميع الجهود الدبلوماسية – كما نتابعها – تركز على الترغيب والتهديد للدول الأخرى في محاولة استقطاب لها وضمان تاييد سياساتها ومواقفها في الحرب الأوكرانية. قبل ايام تابعنا أخبار مؤتمر ميونخ( للامن) والذي تحول إلى مؤتمر (ميونخ للحرب)، محاولا التأثير على الرأى العام الدولي وجر العالم إلى تأييد مواقف وسياسات حلف شمال الأطلسي. هذا ما لمسناه في جلسات مؤتمر ميونيخ، الذي اختصر موقفه باللآت الأربع : لا هدنة، لا وقف للنار، لا مفاوضات، لا سلام حتى هزيمة روسيا. هذه اللآت تبنتها الدول الغربية وحرضت عليها في اجتماعات الجمعية العامه للأمم المتحدة بهدف التأثير على مواقف الدول الأعضاء سعيا لادانة روسيا الاتحادية. هناك، تعالت الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة بين مؤيد ومعارض، لولا ان الغلبة كما هو ملاحظ كانت لصالح دبلوماسية الحرب على حساب أصوات الحكمة والسلام. هذا ما يدفع بالاحباط ومن ان الحرب تنذر باتساع رقعتها بما يهدد البشرية أجمع، وزيادة عدد الضحايا والخسائر للعالم كله.

عالم أليوم وصراع المصالح والسيطرة على العالم هو الصوت الأكثر تحديا في المؤتمرات والمحافل الدولية التي من المفترض أن تحمي القانون الدولي وسيادة الدول وامنها وحقها في اتخاذ قراراتها. الحرب الأوكرانية أكدت أنه لاخيار لتجنب حرب عالمية ثالثة غير العودة إلى المسارات الدبلوماسية التفاوضية والتوصل إلى قواسم مشتركة تساهم في بناء وإرسا حلول سلمية تستطيع الثبات ومنع توسع الحرب وخروجها عن السيطرة. من يعتقد أن الحرب ستستمر في حدود رقعتها الحالية مخطئ جدا. لقد لاحظنا خلال العام المنصرم من عمر الأزمة كيف انه بسبب الحرب تصاعدت الأزمات في أسواق العالم، بدأ من أزمة الطاقة والحبوب،وانتهاء بانهيار العملات وارتفاع الأسعار. كوارث تدفع ثمنها شعوب الدول المغلوبة على أمرها، والتي ليس لها ناقة ولا جمل في هذه المناطحات بين الدول الكبرى، بينما المطلوب منها الانحياز لهذا الطرف أو ذاك مكرهة. وحتى الدول المنخرطة في النزاع لم تنجُ من التأثيرات، بل تكبدت تكاليف غير مسبوقة سحبتها من موازنات وخطط التنمية الاقتصادية لشعوبها، وهو ما فاقم الأزمات الاجتماعية والاحتقان السياسي، والدليل على ذلك ما شهدته وتشهده بلدان أوروبية من إضرابات في قطاعات حيوية وصلت حد المستشفيات والمواصلات وإغلاق الجامعات والمطارات وتوقف عدد من مناحي الحياة.

يعلمنا التاريخ أن كل الحروب تنتهي على طاولة المفاوضات بعد أن يقتنع المتحاربون بالحل السياسي. وفي الحالة الأوكرانية، التي تحولت إلى نزاع دولي مفتوح، لا يجب الاستهانة باستمرار التدهور ونشوء أحلاف مواجهة ، فهذا الوضع سيصل إلى لحظة الصدام حتماً إذا لم تؤطره الحكمة ورعاية المصالح المشتركة وضرورات الأمن العالمي للجميع. وما ينذر بزيادة المخاطر هو تصميم كل طرف على الانتصار مقابل هزيمة الآخر، وغياب لغة الحوار البنّاء والرغبة الصادقة في النفاذ إلى جوهر الأزمة. فالنزاع تمدد و لم يعد يتعلق بأوكرانيا وروسيا فحسب، بل بالعالم كله بمختلف أممه وشعوبه، وربما سيتحدد مصير المستقبل والنظام الدولي القادم على النتيجة التي سينتهي عليها هذا الصراع.

خلاصة القول: من الواضح أن تداعيات الحرب الاوكرانية وتاثيرها على العلاقات الدولية وصلت مرحلة خطيرة جدا، وبعد عام من هذه الحرب والدمار والخراب فهل من يستجيب للحكمة والدبلوماسية لتتوقف هذه الكارثة قبل فوات الأوان، والاقتراب من المخاطر النووية التي نسمع التهديد باستخدامها؟. نسأل الله الفرج والسلامة لكل الشعوب.