مقالات للكاتب
كتب – صلاح السقلدي.
السعودية بنفسها وبعد ثماني سنوات حرب وتمنع ذهبت مؤخرا الى صنعاء لتطلب من الحوثيين طي صفحة الحرب والقبول بتسوية سياسية و إغلاق الملفات العالقة بينهما ومنها ملف الأسرى.. فلماذا يتبرم بعض الجنوبيين من ذهاب بعض وجهاء أبين الى هناك خصوصا ومهمتهم التفاوض على إطلاق احد ابرز الاسرى اللواء( فيصل رجب) وليست ذات طابع سياسي- على الاقل هذا ما يبدو ظاهرا وإن كان ثمة جهات ستوظفها سياسيا وجهويا.
فالتواصل مع الحوثيين كان يتفرض ان يكون سياسيا وأمنيا -من قوى جنوبية سياسية وثورية واجتماعية وإعلامية وأمنية وعسكرية وبالذات من جانب المجلس الانتقالي وسائر القوى الأخرى- قبل هذا اليوم بسنوات ليس فقط لتبادل الاسرى بين الطرفين بل لفتح قنوات تواصل سياسية وتفاهمات امنية وعسكرية ونحو ذلك …..
فكل الأطراف بالتحالف وداخل أحزاب هذه المسماة جزافا بالشرعية ظلت تتواصل مع الحوثيين سِرا وعلانية وبذلت كل ما بوسعها لإبرام صفقة سياسية معهم لولا أنهم أي( الحوثيون) بالغوا بمطالبهم الى درجة قد يبدو معها للطرف الآخر ابرام صفقة من هذا القبيل بأنه إعلان استسلام صريح.
بعض من الجنوبيين الممتعضين من زيارة وجهاء أبين يعتقدون ان هذه الزيارة إذا نجحت بإطلاق سراح الاسير” رجب” ستمثل ضررا واحراجا للمجلس الانتقالي وهذا فهم لا اساس له من المنطق والوقائع التي جرت بالفترات السابقة. فالانتقالي لم يشارك مطلقا بالحوارات في أي ملف مع الحوثيين ومنها ملف الاسرى واستبعد تماما من اية مشاركات بكل الملفات من حين عاد من مشاورات الرياض قبل اكثر من عام .وقد ظل وما زال يندب حظه العاثر ويجأر بالشكوى جراء تجاهلها .وبالتالي يكون غير مسئولا مسئولية مباشرة عن اية تفاهمات لم تنجز وبالذات بملف الاسرى ولا تقع عليه بالتالي أية احراجات سياسية . وهذا لا يعني خلو ساحته تماما من اية مسئولية ولكن ليس عن ملف شائك كملف الاسرى تم استبعاده منه عنوة مثلما تم استبعاده من المشاركة بمرحلة حوارات وقف اطلاق النار والهُدن مع الحوثيين بل تكمن مسئوليته بحكم وجوده كمظلة سياسية للقضية الجنوبية وقبوله الشراكة السياسية مع قوى مخادعة ماكرة دون ضمانات ودون ان يكون له دورا فاعلا بصنع ما يجري من خطوات لرسم ملامح الخارطة السياسية التي تتشكل اليوم. فعلى على سبيل المثال لا للحصر فتغييب الانتقالي عن مفاوضات ملف الأسرى هو ما يجعل هؤلاء الأسرى وأبرزهم فيصل رجب في عناءٍ مستمر حتى آخر لحظة وورقة مزايدة وابتزاز سياسي بيد الغير في ( صنعاء ومأرب والرياض) وهذا نتاج طبيعي لغياب وتغييب الانتقالي الجنوبي من لعب دور فاعل بالترتيبات التي تتم تباعا.
نقول ان هذه الاطراف السياسية والحزبية ومعها التحالف والسعودية تحديدا ظلت تعمل عل فتح قنوات تواصل مع الحوثيين دون تحرج برغم فشلها المتكرر بالخروج بصفقة كما تم مؤخرا في مسقط وصنعاء وعمّان مستفيدة من التفاهمات الاقليمية والدولية الاخيرة إلا الطرف الجنوبي ظل يتأفف من التواصل مع الحوثيين ولو من بوابة التنسيق ألامني على قاعدة إبقاء الحالة بالجبهات على وضعها الحالي ولو على شكل هُدن غير معلنة كما في سائر الجبهات الخامدة حتى تتم التسوية النهائية الشاملة برغم معرفته اي الطرف الجنوبي ان كل الاطراف بما فيها التحالف تحاور الحوثيين.
الغريب بالأمر انه حتى بعد أن حطت السعودية بطائرتها الوثيرة في مطار صنعاء ونزول سفيرها منها والتوجه صوب مجلس المشاط والإفطار على مائدته الصنعانية العامرة ما يزال ثمة جنوبيون يعتبرون مجرد الحديث عن حوار مع الحوثي من كبائر الأمور مع ان معظم هؤلاء المتمنعون لا ينفكون عن تردرد عبارة( التكتيك -التكتكة- سياسة فن الممكن-) وبالذات كلما حدث هناك تنازل سياسي جنويي وإنحناءة مجانية للشركاء المحليين والإقليميين تارة باسم المناصفة السياسية للمناصب والوزارات وتارة باسم حوارات ومشاورات الرياض .
بالمجمل كنا نتمنى وما زلنا على النخب الجنوبية وبالذات المجلس الانتقالي الجنوبي -تلك النخب التي تتملكها اليوم الدهشة من زيارة وجهاء أبين الى صنعاء – ان تكون هي السباقة للحوار مع الحوثيين- على الاقل من بعد ان عرفت ان شركائها يفعلون ذلك- لمناقشة كل الملفات التي تهم القضية الجنوبية ومنها ملف الاسرى وألّا تظل تراوح مكانها باصدار البيانات الممجوجة إلى أن تجد نفسها بالتالي مجرد كمالة عدد فوق طاولة الفرقاء والشركاء كما ظلت تستلم نتيجة مفاوضات مسقط وصنعاء عبر رسالة( واتس اب) من سعادة السفير الذي سيُملي عليها( أي على النخب الجنوبية ) ما يجب ان تنفذه من تنازلات تم الاتفاق عليها في مفاوضات لا ناقة لها فيها ولا جمل.