fbpx
الحوار الجنوبي وفن الممكن!

 

كتب – د. عيدروس نصر ناصر النقيب.

تمثل الدعوة التي اطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى خوض حوار وطنيٍ جنوبي شامل على مستوى الداخل والخارج، خطوةّ شجاعةّ ومسؤولةّ تستحق التوقف إزاءها بكل حرص ومسؤولية من جميع الاطراف والمكونات والشخصيات الجنوبية المعنية بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم واختيار مستقبلهم الحر المستقل.
مثل جميع المبادرات السياسية ستتعدد المواقف وتتباين ردود الافعال وهذا امر طبيعي ومتوقع، لكن غير الطبيعي وغير المتوقع ان تأتي بعض ردود الأفعال متشنجة ومصحوبة بشحنة من الاتهامات وعبارات التخوين والتهجم والحديث عن مؤامرة خارجية، وكل ما يصحب ذلك من المفردات المصحوبة يالتعصب والخالية من أي مضمون إيجابي ولو على صيغة تقديم بدائل ملموسة وعملية لما يرفضه الرافضون ويعترض عليه المعترضون.
لقد سادت الساحة الجنوبية حالات مطولة من الجدل، ظلت تشدد على أهمية بناء اصطفاف وطني جنوبي لتمتين الجبهة الداخلية الجنوبية، وشد اللحمة الوطنية وتوحيد الطاقات الجنوبية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تنتصب أمام الجنوبيين كل الجنوبيين بلا استثناء، وأهمها الوصول إلى صيغة وطنية موحدة ورؤية مشتركة لمرتكزات السياسة وادوات التكتيك الجنوبيين للعمل عليها من قبل كل المنشغلين بالشأن السياسي الوطني الجنوبي، وتمخض كل هذا عن تكوين فريق الحوار الوطني الجنوبي من قبل هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الفريق الذي انجز الكثير على طريق إنجاز ميثاق شرف جنوبي، يوحد الجميع حول عددٍ من القواسم المشتركة الرئيسية فيما يتعلق بالمستقبل الجنوبي.
وفي سياق الحديث عن الحوار الوطني الجنوبي، يمكنني التأكيد على القضايا والحقائق التالية:
1. مما عرفته من القائمين على الإعداد لمؤتمر التشاور الوطني الجنوبي، أنه حتى اللحظة لا توجد آية صيغ جاهزة او اشتراطات اولية وأن أجواء اللقاء ستكون مفتوحةّ لجميع المشاركين هيئاتٍ كانوا او افراداً لتقديم الرؤى والتصورات والأفكار والمبادرات بشأن التعامل الجنوبي مع التحديات الراهنة والمنتظرة.
2. إن المشاركين في المؤتمر هم شركاء أنداد متكافؤون يتقاسمون الهموم والتحديات ولا يتحاصصون في الغنائم والمكاسب، لأن لا غنائم ولا مكاسب إلا ما ستحصده جماهير الشعب الجنوبي كله من مكاسب المستقبل أجيالها، وبنفس الوقت لا يوجد صغير وكبير ولا تابع ولا متبوع في العملية الحوارية، وأن القاسم المشترك الاعظم بين الجميع هو الوصول إلى ميثاق شرف وطني جنوبي بشأن المبادئ الأساسية التعامل مع تحديات ما قبل استعادة الدولة.
3. إن من حق جميع المكونات والافراد والقيادات والشخصيات الوطنية والاجتماعية والثقافية الجنوبية أن تشارك أو ترفض المشاركة في العملية الحوارية، لكن ليس من حق أحد تخوين واتهام الٱخر والانتقاص في وطنيته أو التشكيك في نواياه، فلا المشاركين مفضلون على المقاطعين ولا المقاطعين متميزون عن المشاركين، أما سياسات التهجم والاتهام والتحريض والشتيمة فهي لا تعبر عن أية روح مسؤولة، بقدر ما يمكن أن تعبر عن حالة من الإفلاس والعجز عن الفعل والمبادرة وفشل في التفاعل مع ديناميكيات الأحداث ومتغيراتها العاصفة والمتسارعة.
4. الذين يشككون في مبادرة المجلس الانتقالي ويتساءلون: لماذا الانتقالي دون سواه هو من يدعو لهذه العملية الحوارية يمكن القول إن احداّ (فرداً كان أم كياناً سياسياً) لم يبادر لمثل هذه الدعوة ولم يسعَ لحشد الٱخرين لفعالية كهذه ولو فعل احدٌ أمراّ كهذا لقوبلت مبادرته بالشكر والثناء والتفاعل الإيجابي.
5. إن قضايا البناء القادم لمنظومة الحكم وشكل الدولة وموضوعات الحصص والغنائم وغيرها مما يشغل باب بعض السياسيين ومكوناتهم، ليست من حق اللقاء التشاوري، بل إنها امورٌ سيحددها الدستور الجنوبي الذي لا بد أن يكون موضوعاً للاستفتاء الوطني العام بعد إعلان استعادة الدولة وليس قبله.
وختاماّ
ادعو كل أهلي ورفاقي وزملائي ومن يتفقون او يختلفون معي، إلى الالتحاق بقطار الحوار الجنوبي، والانخراط في العملية الحوارية التي على مخرجاتها يتوقف مصير الجنوب ومستقبل أجياله القادمة، وأقول للجميع ما يلي:
إن أعداء الجنوب وخصوم قضيته العادلة يتقاتلون ويتنازعون ويتبادلون الاتهامات والحملات الإعلامية ، لكنهم يتوحدون عندما يتعلق الأمر بقضية شعب الجنوب ومستقبله السياسي، أفلا تستحق هذه القضية منا نحن أن نتوحد حولها وهي السبب لتوحيد خصومنا السياسيين؟
لست من محبي الاتهامات والتشكيكات،
لكنني أسأل الإخوة الذين يدعوننا إلى مقاطعة الحوار ويهددون بمعاقبة من يشارك فيه: ماذا ستحصدون من ثمار جراء هذه المقاطعات؟، وما هي أجنداتكم البديلة للحوار الذي تقاطعونه وترفضون نتائجه قبل انطلاقه؟ ولن اسأل: من ستخدمون بتعطيل تقارب الجنوبيين واتفاقهم حول قضيتهم؟
وفق الله الجنوب لما فيه خير ابنائه وتأمين المستقبل الأفضل لأجياله .
والله من وراء القصد