يافع نيوز – درع الجنوب.
بعد تحرير العاصمة عدن ومحافظات الجنوب من المليشيات الحوثية ، ظهر فراغ سياسي وأمني وعسكري وإداري في بعض محافظات الجنوب ، وهو الفراغ الذي هندسته قوى الإحتلال اليمني لخلط الأوراق ، وفي سياق تكريسها صورة نمطية زائفة عن الجنوب وصولاً الى إلصاق الإرهاب بالهوية الجنوبية.
إذ سارعت تلك القوى ووفق خطة مدروسة مسبقاً في ملء هذا الفراغ ومحاولة إعادة السيطرة بوسائل وأساليب وادوات جديدة متمثلة بحزب الإخوان الإرهابي واذرعه العسكرية الإرهابية ممثلة بالقاعدة وداعش وعصابات النهب والسلب والتدمير.
وبدأت تنتشر وبشكل غير مسبوق خفافيش الإرهاب بأسلحتهم وعباياتهم السوداء المشهورة والدالة عليهم، ارتكبوا جرائم القتل والإغتيالات والتفجيرات بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة وزرعوا الرعب والخوف في الوسط الإجتماعي، وظهرت واجهات الشوارع والجدران والساحات العامة ملطخة بشعاراتهم وراياتهم السوداء الإرهابية المنادية بإعلان الولاية الإسلامية .
عملت تلك العناصر الإرهابية الى إقامة الحواجز والنقاط ومعسكرات التدريب الخاصة بها وفرضت سيطرتها وجباياتها على المرافق الحيوية والإدارية وانشأت المحاكم التابعة لها وحينها خيمة الرايات السوداء على أجواء العاصمة عدن وبقية الحواضر المدنية في لحج وأبين وشبوة وحضرموت وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية.
هذا الوضع الإرهابي المخيف والاستثنائي مثل بداية التحدي العملي أمام المقاومة الجنوبية التي كانت مشغولة في تحرير بقية أراضي الجنوب وتعزيز الجبهات الحدودية ، وقبل أن تستكمل التشكيلات القتالية الجنوبية عملية إعادة تنظيم صفوفها وإعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها الوطنية والمهنية، وجدت نفسها مرتاً أخرى أمام عدو جديد، أشد فتكاً وخطورة من العدو السابق ، وأمام مواجهة حتمية ومصيرية لا خيار فيها سوى النصر أو الشهادة ، وهنا كانت البداية في معركة أخرى ضد الإرهاب بدأت اول فصولها في العاصمة عدن ، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي اثناء توليه قيادة السلطة المحلية بعدن ومدير أمنها اللواء الركن/ شلال علي شائع والقائد الشهيد منير اليافعي ”ابو اليمامة“ وبدعم واسناد من قوات التحالف العربي – القوات الامارانية، وكانت معركة قاسية وغير مألوفة للقوات الجنوبية ولعب الدعم الاماراتي عنصر الحسم.
وقدمت القوات المسلحة الجنوبية في معركة مكافحة الإرهاب بالعاصمة عدن تضحيات جسيمة من خيرة رجالها بالإضافة إلى سقوط ضحايا من المدنيين ناهيك عن الخسائر المادية ومن خلال تلك التضحيات تمكنت القوات الجنوبية من تطهير العاصمة عدن من الرايات السوداء والقضاء على طوابير من فلول عناصر تنظيمي القاعدة وداعش.
وتمكنت القوات المسلحة والأمن الجنوبي بالعاصمة عدن بدعم شامل من دولة الإمارات في منتصف 2016م من طرد العناصر الإرهابية من جميع مديريات العاصمة عدن، وهو ما سمح باستمرار جهود تعزيز الأمن والاستقرار في العاصمة عدن ومحيطها واستمرت عملية مكافحة الإرهاب نحو محافظة لحج في أغسطس 2016، وبدعم واسناد من القوات الإماراتية، تمكنت من خلالها القوات الجنوبية دحر الإرهاب من مديرية الحوطة عاصمة المحافظة، وتأمين كامل لمديريات محافظة لحج، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
دور الإمارات في مكافحة الإرهاب إلى جانب القوات المسلحة الجنوبية
لا يخفى على أحد الدور الفاعل الذي لعبته الإمارات في مكافحة الإرهاب وملاحقة فلول تنظيم القاعدة إنطلاقاً من العاصمة عدن لتشمل بقية محافظات الجنوب المحررة ، ولم يقتصر هذا الدعم في توفير المطلبات اللوجستية للمعركة، بل في تشكيل وتنظيم وتأهيل وتدريب الوحدات العسكرية والأمنية وقوات مكافحة الإرهاب.
وبهذا الصدد ، حققت القوات المسلحة الجنوبية إنجازات ونجاحات أمنية وعسكرية في جميع ساحات وميادين وجبهات الجنوب ومثلت اضافة نوعية للحرب الدولية على الإرهاب ، لكن هذه الانجازات لم تأتي من فراغ، بل جاءت بعد تضحيات غالية وجسيمة قدمتها القوات المسلحة الجنوبية وبدعم وإسناد لا محدود من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن أهم النجاحات والإنجازات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في مجال مكافحة الإرهاب بدعم وإشراف وإسناد القوات الإماراتية تحرير وتطهير مدينة المكلا حاضرة محافظة حضرموت من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي في الـ24 من أبريل 2016، على أيد ابطال النخبة الحضرمية وبقيادة نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء الركن/ فرج سالمين البحسني عندما كان يشغل منصب قائد المنطقة العسكرية الثانية.
استمرت عملية ملاحقة وتعقب العناصر الإرهابية التي لاذت بالفرار إلى وديان حضرموت للإحتماء بها لغرض إعادة ترتيب صفوفها ومحاولة تعويض خسارة معقلها الرئيسي الذي در عليها بالمليارات من إيرادات الموانئ و البنوك ومبيعات النفط والغاز ، وكان من أبرز الوديان التي فرت إليها عناصر تنظيمي القاعدة وداعش “وادي المسيني” الواقع غرب مدينة المكلا ووادي ”حجر“، وغيرها من مناطق ومديريات المحافظة بالإضافة الى وادي وصحراء حضرموت والتي ما زالت عناصر القاعدة وداعش متواجدة فيه وتتخذ منه منطلقاً اساسياً لعملياتها الإرهابية باعتباره أكثر أماناً لها على عكس حضرموت الساحل التي تنتشر فيه قوات المنطقة العسكرية الثانية ممثلة بالنخبة الحضرمية وتحكم قبضتها الأمنية عليه وينعم اهلها بالأمن والأمان.
عملية الفيصل “وادي المسيني”
في الـ18 من فبراير في العام 2018م ؛ أعلنت قيادة قوات النخبة الحضرمية ، تطهير وادي المسيني غرب مدينة المكلا من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي ، الذي كان يعتبر وقتها من أهم المعاقل الرئيسية لتنظيمي القاعدة وداعش في حضرموت.
حققت قوات النخبة الحضرمية بدعم وإسناد جوي من قبل القوات المسلحة الإماراتية نجاحات وانجازات أمنية في العملية العسكرية على العناصر الإرهابية، وكانت تلك العملية هي تعد ثاني عملية عسكرية بعد عملية تحرير مدينة المكلا ومناطق ساحل حضرموت منذ حوالي عام كامل على سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي عليها بطريقة اعتبرها ابناء حضرموت تسليم واستلام بين التنظيمات الإرهابية وقوات الإحتلال اليمني عبر قيادتها في السلطة المحلية الموالية لجماعة الإخوان في حضرموت.
تفاصيل عملية ”الفيصل“ بإشراف مباشر من الإمارات
وضعت قيادة قوات النخبة الحضرمية وقيادة قوة الواجب الإماراتية خطة عسكرية محكمة لتطهير وادي المسيني آخر معقل للتنظيم الإرهابي ” القاعدة ” بساحل حضرموت؛ والذي ظل يستخدمه كقاعدة لانطلاق عملياته الإرهابية نحو مدن ساحل حضرموت ومحيطها.
وبدأت المعركة باستحداث نقاط عسكرية على مداخل ومخارج الوادي وذلك يوم الجمعة في الـ16 من فبراير، وإطباق الحصار عليه من ثلاث اتجاهات وقطع خطوط الإمدادات ولمدة يومين، ومن ثم تم تنفيذ خطة الإقتحام.
وفي صباح الـ18 من فبراير 2018م أعلنت قوات النخبة الحضرمية إطلاق عملية “الفيصل” لإجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه بشكل كامل من وادي المسيني وساحل حضرموت، وتقدمت القوات الجنوبية من ثلاثة محاور وبغطاء جوي من صقور القوات المسلحة الإماراتية في إطار قيادة التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية؛ حيث لجأ عناصر التنظيم الإرهابي على استخدام العربات المفخخة وزرع العبوات الناسفة، لإعاقة تقدم أسود النخبة الحضرمية؛ وأجترح أبطال النخبة أروع الملاحم والإنتصارات الساحقة ضد عناصر تنظيم القاعدة وتكبيدهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، رغم وعورة تضاريس الوادي ومساحته الكبيرة الذي استغله تنظيم القاعدة لحشد مقاتليه وتخزين أسلحته في الكهوف والجبال.
وكان يشكل وادي المسيني وموقعه الإستراتيجي بارتباطه ومحاذاته لمديريتي حجر وبروم بساحل حضرموت ، تهديداً حقيقياً لأمن المكلا والساحل الحضرمي و حققت النخبة الحضرمية إنجاز استراتيجي مهم من خلال تأمين وتطهير الوادي وكانت ضربه قويه وخساره فادحة للإرهابيين ألقت بظلالها عليهم الى خارج حضرموت، بعد ان خسروا أحد اهم اوكارهم الإرهابية على مستوى حضرموت وشبة الجزيرة العربية.
شكل الدعم الذي قدمته القوة الإماراتية والغطاء الجوي العنصر الأساسي لتطهير وادي المسيني وكامل مدن ساحل حضرموت بشكل عام؛ والقبض على عناصر إرهابية خطيرة مطلوبة دولياً، وحماية السواحل والمياه الإقليمية ومكافحة تهريب السلاح والممنوعات، وضبط أكثر من 85 طنا من الألغام والقذائف والذخائر والمتفجرات في مخابئ التنظيم بساحل حضرموت.
عملية الجبال السود
في الـ28 من أبريل 2018، بعد حوالى شهرين ونصف من عملية الفيصل ، أعلنت قوات النخبة الحضرمية، انطلاق عملية “الجبال السود” لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في المناطق الشمالية لمحافظة حضرموت، بدعم وإسناد من القوات الاماراتية وبعد رصد وتتبع تجمعات وتحركات عناصر التنظيم الإرهابي في “الحيسر قارة الفرس والضليعة ولبنة”، حيث لجأ إليها التنظيم بعد تطهير مناطق ساحل حضرموت”.
وأكد قائد المنطقة العسكرية الثانية السابق اللواء فرج البحسني عقب انقضاء يوم من انطلاق عملية “الجبال السوداء” في وادي حضرموت بسط قوات النخبة الحضرمية السيطرة الكاملة على كافة المناطق الشمالية الغربية بحضرموت.
شبوة من السيف الحاسم الى سهام الجنوب
أما في شبوة وخلال الفترة من أغسطس 2017 إلى 26 فبراير 2018، فقد تم تنفيذ العديد من العمليات الأمنية لمحاربة الإرهاب ودحره من أهم مناطق المحافظة وتأمينها، بدعم وإشراف الإمارات من خلال دعمها العسكري بالآليات والأسلحة والذخائر والخطط العسكرية والأمنية والتغطية النارية الجوية والمدفعية والدعم الإستخباراتي، وهو الأمر الذي مهد الطريق امام قوات النخبة الشبوانية من السيطرة على مناطق سبق وان اعلنها تنظيم القاعدة إمارة إسلامية ، وكذا توجيه ضربات قاصمة للتنظيمات الإرهابية التي فرت هاربة إلى أو كارها الرئيسية في محافظة البيضاء ومأرب اليمنية.
غير ان حرف مسار الحرب من قبل مليشيات جماعة الإخوان وإجتياح محافظة شبوة بقوة شارك فيها المئات من عناصر تنظيم القاعدة وداعش قد اعاد محافظة شبوة الى نقطة الصفر نظراً لعودة التنظيمات الإرهابية الى معاقلها السابقة ونفوذها داخل السلطة الإخوانية بالمحافظة ، ليأتي إعصار الجنوب وهو إسم العملية العسكرية التي نفذتها الوية العمالقة الجنوبية في الاول من يناير 2020 م لتحرير مديريات بيحان بدعم واسناد من دولة الإمارات العربية المتحدة، بمتغيرات كشفت عن حقيقة العلاقة والتخادم بين ثلاثي القاعدة والاخوان والمليشيات الحوثية.
ونظراً لردود فعل إخوانية إنقلابية ، شهدت محافظة شبوة ما يشبه عملية جراحية ازالت الداء الذي اصاب رأس السلطة ، اعقبها إنشاء قوات دفاع شبوة بدعم شامل وكامل من دولة الامارات، وذلك لمواجهة خطر الإرهاب ودك اوكاره وتفكيك خلاياه، في عمليات عسكرية وامنية وصفت بالنوعية كان اشهرها عملية ”سهام الجنوب“ التي انطلقت في العاشر من اكتوبر 2022م لتحقق نجاحات فارقة في الحرب على الإرهاب، في سيطرتها على الاودية والجبال التي كانت معاقل ومعسكرات لتنظيم القاعدة الإرهابي وفي تعزيز الأمن والإستقرار وتطبيع الأوضاع بالمحافظة.
عملية ”سهام الشرق“ لتطهير أبين من العناصر الإرهابية
وخلال الفترة من سبتمبر 2017 حتى 7 مارس 2018، تم طرد العناصر الإرهاببية ، من مديريات محافظة أبين وتأمين 80 بالمائة من مناطقها، غير ان نشاط تلك العناصر عاد بخروج قوات الحزام الامني وإجتياح قوات ومليشيات الاخوان أجزاء واسعة من المحافظة لا سيما مديريات المنطقة الوسطى ، وهي المناطق داتها التي تم تحريرها من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي وتطهيرها من عناصره وفلوله من قبل القوات المسلحة الجنوبية.
وفي عملية ”سهام الشرق“ التي إنطلقت بتوجيهات من الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في ال 22 من غسطس 2022 م وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة واستطاعت في غضون اسابيع طرد العناصر الإرهابية وتدمير بنيتها التحتية والسيطرة على اكبر معاقلها ومعسكراتها بوادي ”عومران“ والذي يعد اكبر معسكرات معاقل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية بالإضافة الى تطهير وادي الخيالة وغيرها من مناطق ومديريات محافظة أبين.
وفي المجمل، لعبت دولة الإمارات ومازالت الدور البارز والمحوري في ضرب وتدمير معاقل الإرهاب وتأمين محافظات الجنوب، فضلاً عن مساهمتها المهمة في بناء وحدات أمنية وعسكرية جنوبية متخصصة في مكافحة الإرهاب، والتي باتت تشكل رادعاً وصمام أمان وحائط صد لمشاريع ومخططات إرهابية كانت تستهدف المنطقة برمتها.