الضربات الأمريكية على الحوثيين.. هل تكفي لشلّ قدراتهم أم تزيدهم قوة؟
شارك الخبر

 

يافع نيوز – خاص

شهدت مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، مساء أمس وفجر اليوم، سلسلة من الضربات الجوية الأمريكية استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت تابعة للجماعة، في إطار الرد على تهديداتها للملاحة الدولية في البحر الأحمر. ورغم أن هذه الضربات تحمل رسالة قوية، إلا أن تأثيرها على الأرض يظل محدودًا إذا لم تُتبع بخطوات أوسع تشمل عمليات عسكرية برية ودعمًا للقوى المناهضة للحوثيين.

ويرى محللون عسكريون أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي للقضاء على ميليشيا الحوثي أو إنهاء سيطرتها على مناطق واسعة من البلاد. ويؤكدون أن الجماعة أثبتت قدرتها على امتصاص الضغوط الجوية وإعادة التموضع بسرعة، مستفيدة من شبكة تحصيناتها في الجبال والأنفاق. وبحسب خبراء، فإن إضعاف الحوثيين بشكل حقيقي يتطلب تحركًا عسكريًا متكاملًا يشمل اجتياحًا بريًا من قبل القوى العسكرية المناهضة لهم، لا سيما في الجنوب والساحل الغربي ومأرب، مع توفير دعم لوجستي وتسليحي لهذه القوات.

ويقول مراقبون إن جماعة الحوثي ستسعى لاستغلال هذه الضربات لصالحها عبر تصعيد خطابها الإعلامي وتحريض الشارع ضد الولايات المتحدة ودول التحالف العربي، متذرعة بأن الهجمات تستهدف المدنيين. ويشير محللون إلى أن الجماعة ستستخدم مزاعم دعمها للقضية الفلسطينية في غزة كوسيلة لحشد المزيد من المقاتلين وكسب التعاطف الشعبي، رغم أن عملياتها في البحر الأحمر تخدم الأجندة الإيرانية أكثر من أي قضية أخرى.

تأثير الضربات يظل محدودًا دون استهداف القيادات العليا

ويؤكد خبراء في الشأن اليمني أن تأثير هذه الضربات سيظل تكتيكيًا أكثر منه استراتيجيًا، طالما أن القيادات الحوثية العليا، مثل عبد الملك الحوثي ومحمد علي الحوثي، لم يتم استهدافها بشكل مباشر. ويشير محللون إلى أن الجماعة قادرة على تعويض الخسائر البشرية في الصفوف الوسطى وإعادة ترتيب صفوفها بسرعة، مما يجعل من استهداف القادة الفاعلين ضرورة لأي تحرك عسكري فعّال ضدها.

ويشدد اقتصاديون على أن القضاء على الحوثيين لا يمكن تحقيقه عسكريًا فقط، بل يتطلب أيضًا تقديم نموذج ناجح في المناطق المحررة، عبر تحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية في الجنوب ومأرب والمناطق الساحلية. ويؤكد محللون أن تعزيز التنمية والاستقرار في هذه المحافظات سيجعلها بيئة جاذبة للمواطنين القابعين تحت حكم الحوثيين، مما قد يدفعهم إلى رفض سيطرة الجماعة والانقلاب عليها من الداخل. ويرى خبراء أن دعم هذه المناطق ليس مجرد خطوة إنسانية، بل استراتيجية ضرورية لكسر النفوذ الحوثي وتقليص قاعدته الشعبية.

أول تعليق لمسؤول يمني رفيع

وفي أول تعليق لمسؤول يمني رفيع، أكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق صالح، أن هذه الضربات تمثل رسالة واضحة على أن المجتمع الدولي بات يدرك الخطر الذي تمثله الجماعة المدعومة من إيران، ليس فقط على اليمن ودول الجوار، بل على الأمن والسلم الدوليين. وشدد على ضرورة أن تكون الضربات دقيقة ومحددة لتجنب أي آثار إنسانية سلبية، مع ضرورة تبني استراتيجية أوسع لتضييق الخناق على الحوثيين وقطع مصادر تمويلهم.

خطوة حاسمة نحو إنهاء تهديدات الحوثيين

من جانبه، قال ممثل المجلس الانتقالي الجنوبي في الولايات المتحدة، الخضر السليماني، إن العمليات التي تنفذها القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، تمثل خطوة حاسمة نحو إنهاء تهديداتهم في المنطقة. وأضاف أن هذا النهج الحازم يثبت أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام تهديداتهم المستمرة للملاحة الدولية والأمن الإقليمي.

وأشار السليماني إلى أن هذه الضربات ليست مجرد ردع مؤقت، بل هي بداية النهاية لحرب طال أمدها، أشعلتها أيادٍ إيرانية لزعزعة استقرار اليمن والجنوب والمنطقة. وأكد أنه مع استمرار هذا النهج الصارم، تقترب لحظة الحسم لاستعادة الأمن والسلام والاستقرار في البلاد.

تصاعد المواجهات العسكرية في الأيام القادمة 

وفي السياق ذاته، قال الدكتور ياسر اليافعي إن الغارات الجوية الأمريكية استهدفت مواقع الحوثيين في صنعاء، وصعدة، وحجة، وذمار، والبيضاء، ومكيراس، مما يشير إلى عملية جوية شاملة قد تستمر لعدة أيام بهدف إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين. وأضاف أن هذه الغارات قد تتطور لتشمل استهداف المواقع المتقدمة للحوثيين في جبهات القتال، مما يثير احتمالية تصاعد المواجهات العسكرية في الأيام القادمة.

ويخلص محللون إلى أن الضربات الجوية الأمريكية، رغم أهميتها في ردع الحوثيين، لن تكون كافية لإنهاء تهديد الجماعة ما لم يتم وضع استراتيجية متكاملة تشمل تحركًا عسكريًا بريًا، استهدافًا مباشرًا للقيادات العليا، ودعمًا اقتصاديًا حقيقيًا للمناطق المحررة. ويحذر مراقبون من أن التعامل مع الحوثيين كتهديد أمني فقط، دون معالجة جذور نفوذهم، سيجعل الأزمة مستمرة وربما أكثر تعقيدًا في المستقبل.

أخبار ذات صله