fbpx
المعايير الوطنية بين هادي وبن علي

بقلم / عبدالرحمن الطحطوح‎

لا أنكر إنني كنت يوم ان حمل محمد علي احمد حقائبه  وطار إلى صنعاء من الذين اخذوا على هذا الرجل وخاضوا فيه مع الخائضين وذلك لقناعتي بان الحوار مع صنعاء لم يعد مجديا ولإدراكي بان الهدف من هذا الحوار هو وئد الثورة الجنوبية التي تكبر يوما بعد يوم مقابل انكسار قوة المحتل وتكشف عوراته إمام العالم , ولا أنكر أيضا إنني كنت ممن انتقد  هذا الرجل ومن سار على نهجه واعتقد   بأنهم يساومون على حساب دماء الشهداء وتضحيات المناضلين في الجنوب , كنت حينها كما هو حال غيري متناسيا إن العمد على الخواتيم وان العبرة بخلاصة العمل  , وها نحن نقف لنشاهد صخرة صماء تحطمت دونها كل المغريات والوعود , فقد شاهدنا موقف  مسئول يقدمه هذا الرجل ليزيد به رصيده السياسي الحافل .

وحتى لا يعتقد البعض إنني ممن يلمع ويمجد ( الأصنام ) كما يقول البعض عن القيادات القديمة , إلا إنني وبحق أقف إجلالا واحتراما لموقف هذا الرجل إن لم يتغير او يرضخ للضغوط والتي قد تصل الى التهديد بالتصفية الجسدية او إلصاق التهم الباطلة وإصدار الأوامر بالقبض عليه على اقل تقدير , وحتى لا أخوض في علم الغيب فانا معتز بموقف هذا الرجل إلى الآن , فهو قد ابعد الشبهات التي كانت تحوم حول ماهية مشاركته في الحوار , وبالتالي حافظ على تاريخه السياسي والذي كان على المحك يوم ان قرر المشاركة في حوار أثبتت الأيام انه كان معد لوائد القضية الجنوبية ودفنها في مقابر المنسيين.

وفي المقابل فقد كان خطاب الرئيس اليمني عبدربه منصور حول القضية الجنوبية خطابا مستفزا ومنذرا بنتائج كارثية قد يكون هو والقوى المتنفذة أول من يكتوي بنارها , واثبت بما لا يدع مجال للشك بأنه لا يزال مصرا على مشروعه الذي بداء به في 94 عندما قاد الألوية اليمنية لاحتلال الجنوب وفتح للمحتل كل الأبواب المؤصدة والقلاع الحصينة  , وحينها دخل منصور التاريخ ولكن من باب الخيانة والعمالة للأعداء , فأصبحت صفحات التاريخ تجمعه بمن قدموا الى بغداد على ظهر الدبابات الأمريكية , وكل له حيزا يبرر فيه فعلته بما هو أقبح من الذنب المرتكب .

وعندما يتحدث الرئيس هادي عن التاريخ والوطنية فانه يعيش حالة غياب حقيقية عن الواقع الذي يعيش فيه , فعن أي وطنية يتحدث وأياديه لا تزال ملطخة اما بالمشاركة في تدمير الجنوب او في الصمت المريب إمام ما فعله علي صالح وخلال أكثر من 17 عام وهو لم يحرك ساكناً ولم يتفوه بكلمة حتى ظن البعض ان الرجل أبكم او محكوم عليه  بالسكوت , ولذلك فان معايير الوطنية قد اختلت عند الرئيس هادي وتغيرت موازينها لديه فأصبح من يدافع عن قضيته ويحامي عن حقوق شعبه مهددا بلعنة التاريخ وسخطه وهذا ما قاله با الامس للجنوبيين الذين قاطعوا اجتماعات حوار الغش والخداع ( محمد علي ورفقاءه), بينما أصبح الذين قادوا الجيوش لاجتياح بلدهم وتدمير مقتدراتها واذلال شعبها شرفاء ومرصعين  بالوطنية .

خلاصة القول ان الشارع هو من يعطي لكل انسان قدره ووزنه الذي يستحق ,وتاريخ النضال والتضحية مرهون بما يحققه صاحبه على الارض ومهما حاول الانسان ان يلبس نفسه من القاب ومزايا فانها تظل مفرغة المضمون ان لم يكن لها سند شعبي يحوطها ويغذي غرسها , وخير مثال هو محمد علي احمد حين ذهب الى الحوار فقد تبرا من ذهابه جل من يؤمنون بالتحرير الاستقلال , ولكنه حين قدّم هذا الموقف المشرف مع انه لا يرتقي الى مطلب الاستقلال الناجز , اشاد به الصغير والكبير في الجنوب وعبروا عن ذلك بابلغ المشاعر الوطنية النبيلة , وفي المقابل فان الرئيس هادي والذي يعلم في قرارة نفسه انه بتحالفه مع قوى الشر في صنعاء ينفخ في كير , فانه قد أضاع على نفسه فرصة التعويض التي كانت مؤاتيه والتي كان من الممكن من خلالها ان يجبر الكسر الذي سببه في صيف 94 عندما قاد مغول صنعاء لتدمير الجنوب فجعلوها قاعاً صفصفا.