fbpx
يافع كيف سقت الفولاذ؟ / بقلم صالح اليافعي
شارك الخبر

يافع كيف سقت الفولاذ؟ / بقلم صالح اليافعي 

لازلتُ مندهشاً حتى اللحظة…أحاول أن الملم أطرافي..لعلي استجمع شيء ما من صور الانبهار…وأي انبهار ذلك الذي يقودوني إلى حافة العجز..؟!! وأنا أتنفس الحرف…أحاول أن اجمع الكلمات…فلازلت أسير الدهشة والانبهار..
..فكان صدى الصمت…يجعلني أقف محتاراً…! كم أبدو صغيراً وأنا  أقف حائراً…من أين بدأ؟ وأي الاتجاهات  سأسلكها؟!.ومن أي بقعة أتذوق الشمس..؟ فرئيت  البسمة ترتسم على شفاه  مرافقي فكأنه قراء حيرتي …وهو يقول يافع… ومن هنا كان البدء… ومن هنا نبدأ…نرتشف النور…من ثغر الأسطورة.
عندما كنت في طريقي إلى جبل الـعـر…كانت الأسئلة تتداخل في رأسي…ابحث عن إجابة…لكل هذا التقديس والمكانة التي يحتفظ بها هذا الجبل في نفوس قبلية يافع…ليجعلوا منه رمزاً وطنياً وتاريخياً ربطوا بقائه ببقاء يافع…
ما أن خرجنا من منطقة “مـرفـد” …يأخذني صديقي “صالح” سائق الجيب الأسود.. أول المنحدرات صعودا إلى الأعلى.. يقود بهدوء..لا تكاد تسمح صوتاً لمحرك السيارة…وكأنك تقترب من السماء…
 ما أن تطأ قدماك جبل “الـعــر”… تقف مندهشاً تبحث عن كلام… تبحث عن وصف…لهذا العملاق… الذي كان ولازال كابوساً مرعباً… للغزاة عبر التاريخ…
أقف ساكتاً وحيداً مندهشاً… أتأمل أين البداية…ومن أين أبدا لهذا الجاثم بإصرار فوق بطن الأرض ؟. أنني أقف على جبلٍ مطلٍ على أنحاء الأرض… جبل كأنه أسطورة بحجمه ومستوى سطحه المنبسط… وأتساءل مع نفسي …ترى أين ستكون النهاية؟…
من أعلى الجبل تريد أن ترى يافع من كل الاتجاهات…ترى مدن يافع …هكذا يخيل إليك…وأنت ترسل بصرك مد الأفق…
“العر باقي ويافع بالوجود” يقول صديقي المسعودي… الواقف بجانبي…وهو ينظر جانباً إلى ما كنت أسجل في مفكرتي…وكأنه قراء حالة الارتباك التي أصابتني…وأنا أوزع نظري بكل الاتجاهات والأنحاء…
يخذني من يدي كي  أرى وشماً في خد الجبل…رسمه الأجداد في ملحمة النصر منذ قرون…أي اياداً تلك التي أطاعها هذا العملاق؟…واستطاعت أن تروضه…فهذا ليس وشماً ..انه نحتاً يشق صدر الجبل…حفرته أياد قوم اختاروا العر رمزاً لهم…فاختارهم أهلاً له…توارثوا البطولة والمجد..في هذه البقعة المسكونة كأقوام يمتد بهم التأريخ إلى ميلاد البشرية…
تقف على سطح الجبل وكأنك تعانق السماء…تسال أين هي أقصى بقعه لحدود يافع؟..لن تنتظر طويلا تبحث عن إجابة… وأنت تنظر بكل الاتجاهات…
صديقي المسعودي وهو شيخ مكتب “الحضرمي” احد مكاتب يافع العشرة…والذي يقع هذا الجبل في أطار حدود المكتب… يقول : “انظر إلى أقصى ما يصل إليه بصرك فلن ترى النهاية…فسيرتد بصرك دون أن تصل إلى نهاية حدود يافع التاريخ…. فهي ابعد مما وراء مد البصر..!!
من أعلى الجبل ترى  جبل حلين يتكئ إلى جبل العر…يقف شامخاً وكأنه يقرءا آيات المجد…مطرزاً رأسه بتاجٍ يعلو “عمامة”يافعية…لا تتأثر بمرور الزمن…وعلى يمينه ويساره وكل زواياه…تمتد حصون يافع…وارض منبسطة…يسكنها قوم أشداء…كان لهم مع التاريخ جولات…وفي معترك  الحياة صولات…صدورهم درعاً ليافع…وأرضهم”مخازن يافع من الحبوب…كتبوا التاريخ بشجاعتهم… واسقوا البيداء بدماء أعدائهم…وكان أخرها معركة تحرير جبل العر في 2011…التي سجل فيها أبناء الحد انصع علامات الفداء والنصر…
من هنا نبدأ …من العر من جبل يافع ستكون البداية

 

أخبار ذات صله