fbpx
لودر تنتصر بأهلها

 

لودر تنتصر بأهلها / ساره عبدالله حسن 

لا عدل إلا إذا تعادلت القوى         و تصادم الإرهابُ بالإرهاب

لا أظن أن أبا القاسم الشابي حين كتب هذا البيت من قصيدته المحبطة فلسفة الثعبان المقدس كان يتخيل الإرهاب الذي نعرفه اليوم

ربما كان إرهاب المستعمر الذي عناه في كلمة الإرهاب الأولى هنا ، شبيه بإرهاب اليوم ،  لكنه كان قديما على شكل مستعمر يحتل دولة أخرى يمارس فيها بطشه و ظلمه لاستغلال ثروتها و استغلال أهلها و لخدمة مصالح بلاده في الأول والأخير .

أما إرهاب اليوم فقد خرج عن هذا النطاق و صار بعضه إرهابا عالميا لا يبدو في الاخير الا انه يخدم مصالح الشيطان نفسه ، كما أن له آلف صورة و ينظر اليه البعض من أكثر من وجهة …  فمثلا ما تعتبره إسرائيل و أصدقاؤها أعمالا إرهابية لحماس نراه نحن مقاومة للاحتلال و العدوان الإسرائيلي على فلسطين ، لكن للعالم معاييره التي ندرك تماما أنها معايير لا قياس ثابت لها و لا وزن يؤخذ به .

هنا يصلح قول الشابي لا عدل إلا إذا تعادلت القوى و تصادم الإرهاب بالإرهاب….

فإرهاب إسرائيل – و هو إرهاب حقيقي – لن يردعه إلا إرهاب حماس … و هو إرهاب مجازي أي انه لا يعد إرهابا لأنه يدخل ضمن الدفاع عن الأرض و النفس و مقاومة الاحتلال

و على عكس الاختلاف الحادث بين العالم الغربي و الإسلامي في هذا الجانب يكاد العالم اجمع يتفق حول معنى واحد لما تفعله القاعدة اليوم في أكثر من بلد حتى أولئك الذين تعاطفوا مع القاعدة ذات زمن و قليل منهم في اليمن بدأوا  يتأكدون يوما بعد يوم أن ما تقوم به القاعدة لا يمكن أن يعدوا أكثر من كونه إرهاب … إرهاب للسلام الاجتماعي و الأمن لا يدفع ثمنه الا الأبرياء

  و في اليمن … أهالي أبين  الأبرياء يدفعون ثمنا باهظا  في لعبة لا ثور لهم فيها و لا طحين

لقد ساعدت عدد من العوامل الجغرافية و الاقتصادية والسياسية التي ابتليت فيها أبين على جذب عناصر القاعدة اليها و في حين أراد نظام المقلوع علي صالح أن ينفذ أجندته الشيطانية هناك أيضاً ، تبدو الولايات المتحدة الأمريكية اليوم كمن وجد في هذه الأجندة ما يناسب تطلعات ومصالح خاصة بها في المنطقة من ناحية ، ومن ناحية أخرى تجد  أبين مكاناً مناسباً ليتحول الى مصيدة تستقطب اليها عناصر القاعدة من خارج اليمن و ذلك بهدف تصفيتهم فيها و لكن كما يبدو لنا ان هذه التصفية أيضا تخضع لحسابات أخرى لا تراعي مصلحة اليمن بقدر ما تراعي مصالح المقلوع التي تتفق مع مصالح أمريكا نفسها في المنطقة فتوجيه ضربة حاسمة للتنظيم هنا من قبل أمريكا  لن يشجع على استقطاب المزيد منهم من خارج اليمن

كما أن إنهاء وجود القاعدة تماما من اليمن يعني انه على أمريكا أن تأخذ حقيبتها العسكرية منها و ترحل و هو شئ يتنافى تماما مع مخططها الاستراتيجي في المنطقة

لن يحسم التدخل الأمريكي اذاً أمر القاعدة في اليمن ، و بما ان منازل و ممتلكات أهالي زنجبار ليست هي أبراج مانهاتن ، و جعار ليست مقرا للبيت الأبيض فلا ضير لدى أمريكا اذاً في استمرار المعركة الى ما لا نهاية طالما و ان ساحتها خارج ملعب الأراضي الأمريكية

ومن الجيد أن أبناء لودر أدركوا ذلك تماما كما أدركوا  انهم   اذا انتظروا دعم الجيش لهم و هو المغلوب على أمره بهيكله العظمي القديم الهش فان لودر ستسقط هي الأخرى بكل سهولة في قبضة القاعدة

ربما ساعد الجيش هذه المرة لودر بطريقة أفضل و قد يكون ذلك حتى بمجرد الاكتفاء  بعدم تدخله  في المعارك التي درات على أرضها و هو الشئ الأفضل آلف مرة من تدخله الذي حدث في زنجبار عندما قامت قوات اللواء مهدي مقولة بمساندة قوات القاعدة بدلا من مساندة قوات الجيش الموجودة هناك

و مع ذلك لا يجب ان ننكر جهود جيش وزير دفاع عبد ربه منصور فقد حاول مخلصا رغم كل العراقيل الذي يضعها المقلوع في مواجهته أن يؤدي مهمته الوطنية في محاربة القاعدة و ان كنا ندرك فعلا ً ان الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في صمود لودر الباسلة ، هم قبائل لودر و أبين نفسها – ما سمي باللجان الشعبية – بالإضافة الى قبائل يافع و غيرهم التي ساندتهم في القتال

من اليوم و صاعداً  يجب أن يدرك الجميع أنه لن يوقف مد القاعدة الا أبناء المناطق أنفسهم كما فعل شجعان  لودر  و على الجميع أن يهبوا لمساعدتهم و تقديم المعونات المادية لهم و التبرعات بالغذاء و الأدوية والدم كما على السلطة أن لا تكتفي بإرسال جيشها فقط بل و تقديم الدعم للأهالي بكافة أشكاله كما عليها ان نقدم الشئ نفسه لأهالي زنجبار إن رأوا في أنفسهم القدرة على تحريرها مع مراعاة الحذر من بقايا المقلوع في الجيش و الذين يساندون القاعدة بالأسلحة و الدعم المالي بل و يرجع البعض سبب اختفاء عدد كبير من الأسلحة و مضادات الطيران من قاعدة اليلمي الجوية الى كون أتباع المخلوع قد أرسلوها الى أبين لدعم قوات القاعدة في مواجهة الطائرات التي تقصفهم في تناقض عجيب لا نجده الا لدى هؤلاء ، يسمحون لأمريكا بأخذ حريتها في الأجواء اليمنية لقصف تنظيم القاعدة بل و يحددون لها في بعض الأحيان أماكن تواجد قوات التنظيم بوسائل مختلفة منها زرع شرائح في ملابس أو آليات عناصرها وهذه الشرائح ترسل إشارات تحدد أماكن تواجد أصحابها مما يسهل على الطائرات الأمريكية أهدافها ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يستمرون في تأجيج الفتن والفوضى بتقديم  الدعم للقاعدة و خاصة لذلك القسم من القاعدة التابع للمقلوع والذي ينشط حاليا بفاعلية كبيرة رداً على ترك المخلوع للسلطة و ابتزازاً للسلطة الحالية و لأمريكا حول موضوع اعادة هيكلة الجيش .

اذاً معركة الأهالي مع القاعدة قد لا تحسم بسهولة و رغم النصر الذي حققته لودر فهذا لا يعني انها قد نأت بنفسها عن المد القاعدي  ، فمادام هناك من يمول القاعدة فالمعركة مستمرة  ، و مادام هيكلة الجيش لم تتم بعد على الصورة المأمولة فالمعركة مستمرة ، و مادام المقلوع  وأولاده موجودين في اليمن فالمعركة مستمرة ،

و مادام الأموال الطائلة  لديهم و هي التي تمكنهم من شراء البلاطجة و دعم الإرهاب في كل مكان في اليمن فهم حتى ان غادروا اليمن ستظل المعركة مستمرة .

لن يهدأ الوضع في اليمن و يستقر الا بعد حل مشاكله الاقتصادية والسياسية و في مقدمتها القضية الجنوبية و العمل بحزم على  هيكلة الجيش و وقوف الشعب خلفه للقضاء على الفتن و الفوضى في البلاد و إيقاف بقايا المقلوع عند حدهم بقوة و مواجهة الإرهاب بالإرهاب على حد تعبير الشابي و لتكن المحاكمة هي أولى خطوات إسقاط الحصانة عن المتمردين و ليكن محمد صالح الأحمر هو أول الخيط .